TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > ما أشبه الليلة بالبارحة

ما أشبه الليلة بالبارحة

نشر في: 4 ديسمبر, 2013: 09:01 م

في مستشفى حكومي، وفي ردهة من ردهاته المخصصة للعامة , رقد بالصدفة ثلاثة من الساسة في العراق . فرقتهم السياسة والمصالح الفئوية وجمعهم المرض وأعراض الشيخوخة , كان كل مريض منهم يمثل تيارا :الأول ثار على الثاني متهما إياه وحزبه بالتجاوز على الحريات , وثار الثاني على الثالث منهما إياه وحزبه بالفساد والتجاوز . أما الثالث فقد أسقطوه (بالمعروف)، فقنع من الغنيمة بسلامة الإياب , وانشغل بجمع منافعه وأرباحه وحساب خسائره .
ولان المرض لا يفرق بين ثائر وثائر ,ولا يماري بين جالس على كرسي السلطة وجاثم على أديم الأرض , ولا يحابي يميني على حساب يساري ولا ينحاز لتقدمي دون رجعي , فقد بدا الثلاثة عزل , كلهم في حضرة المرض سواء . اذ يحل بينهم مقيما ويستضيفهم لمائدته الحزينة .
كان المرض قد اخذ منهم كل مأخذ . فالبدين البطين ذو الرغبات المحتدمة , غدا نحيفا بالغ الهزال غائر العيينين قليل التطلب . ومفتول العضلات , الشديد القسوة، باطش الكف بدا ضامرا , ضعيفا , مرتعش اليدين كليل العينين .وسليط اللسان , الوقح , ذو الحجة الدامغة في الباطل والحق, عاد واهن الصوت كليل النظر متعثر الكلمات لا يقوى على إيراد جملة مفيدة .
كان طعامهم بلا ملح وشرابهم بلا سكر ،ممنوع عليهم التعرض لريح المنغصات , تشاكس نومهم الكوابيس وأضغاث الأحلام .
تنهد احدهم شاكيا :
-هذا الدواء اشد وطأة من الداء , انه مر كالعلقم .
غمزه الثاني :
-اشرب يا أبا فلان , ليس هذا الشراب أمر مما جرعتنا إياه يداك .أتذكر؟؟
قال الثالث :
- يا جماعة ... السرير ضيق كقبر , قاسة حشيته كحجر .قال الأول:
- حنانك يا فلان , ما هذا الفراش بأخشن واقسى من أرضية الزنزانة العارية التي أودعتنا فيها .. تنهد الجميع قال قائلهم : دعوا الماضي فلو عدت القهقرى لما صعدت قطار السياسة قط.
قال الثاني : لو كتب لي العودة لما فعلت كذا وكذا......
فيما عض الثالث على شفته حسرة , وهو يتابع الزمن يتقافز من عيون الساعة المعلقة على الحائط , غير آبه للاماني التي تجيء بعد فوات الأوان .ولا بسورات الندامة التي تعتري البعض في الساعات المتأخرة من ليل العمر

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

هل ستعيد التشكيلة الوزارية الجديدة بناء التعليم العالي في العراق؟

العمود الثامن: معركة كرسي رئيس الوزراء!!

العمود الثامن: يزن سميث وأعوانه

العمود الثامن: من كاكا عصمت إلى كاكا برهم

العمود الثامن: عبد الوهاب الساعدي.. حكاية عراقية

العمود الثامن: يزن سميث وأعوانه

 علي حسين منذ أيام والجميع في بلاد الرافدين يدلي بدلوه في شؤون الاقتصاد واكتشفنا أن هذه البلاد تضم أكثر من " فيلسوف " بوزن المرحوم آدم سميث، الذي لخص لنا الاقتصاد بأنه عيش...
علي حسين

كلاكيت: مهرجان دهوك.. 12 عاماً من النجاح

 علاء المفرجي يعد مهرجان دهوك السينمائي مجرد تظاهرة فنية عابرة، بل تحوّل عبر دوراته المتعاقبة إلى أحد أهم المنصات الثقافية في العراق والمنطقة، مؤكّدًا أن السينما قادرة على أن تكون لغة حوار، وذاكرة...
علاء المفرجي

فـي حضـرة الـتـّكـريــم

لطفيّة الدليمي هناك لحظاتٌ تختزل العمر كلّه في مشهد واحد، لحظاتٌ ترتفع فيها الروح حتّى ليكاد المرء يشعر معها أنّه يتجاوز حدود كينونته الفيزيائية، وأنّ الكلمات التي كتبها خلال عمر كامل (أتحدّثُ عن الكاتب...
لطفية الدليمي

سافايا الأميركي مقابل ريان الإيراني

رشيد الخيّون حصلت أكبر هجرة وتهجير لمسيحيي العراق بعد 2003، صحيح أنَّ طبقات الشعب العراقي، بقومياته ومذاهبه كافة، قد وقع عليهم ما وقع على المسيحيين، لكن الأثر يُلاحظ في القليل العدد. يمتد تاريخ المسيحيين...
رشيد الخيون
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram