TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > شهادة مجروحة

شهادة مجروحة

نشر في: 6 ديسمبر, 2013: 09:01 م

التصريحات التي أدلى بها النائب عزت الشاهبندر أخيراً في شأن طائفية "دولة القانون" والمالكي، لا يُعوّل عليها، فهي شهادة مجروحة من سياسي متقلّب ينطّ من عربة الى عربة بحسب مصالحه الشخصية التي زيّنت له التعامل حتى مع الشياطين من أمثال الإرهابي مشعان الجبوري. هذا أولاً، وثانياً ان الإدلاء بهذه الشهادة يأتي بعدما طُرد الشاهبندر، أو طرد هو نفسه، من الكتلة التي استمات دفاعاً عنها وعن زعيمها وعن أخطائهما وخطاياهما لأكثر من ثلاث سنوات، فيما ظل يذمهما قبل ذلك عندما كان مرتاحاً في عربة "العراقية".
وفي الواقع فإننا لم نكن نحتاج أو ننتظر شهادة من الشاهبندر لنعرف ان "دولة القانون" مشروع طائفي وان المالكي "فضّل الخيار الطائفي على الخيار الوطني". هذا الاكتشاف الشاهبندري العبقري المتأخر يعرفه الكثيرون حتى قبل ان يلتحق الشاهبندر بدولة القانون. وهل ثمة عاقل لا يعرف انه ما من حزب أو تجمع سياسي إسلامي إلا وكان طائفياً؟ كل من وما يحيط بنا من الأحزاب والجماعات السياسية الإسلامية، السُنّية والشيعية ، من "القاعدة" الى الإخوان المسلمين الى حزب الدعوة الإسلامية وتفرعاته وسواها، هي طائفية بامتياز. وفقط عندما يأتي اليوم الذي يضم فيه أي من هذه الأحزاب أعضاء وقيادات من الطائفتين يمكن اعطاؤه شهادة باللاطائفية.
لكن طائفية هذه الأحزاب جميعاً هي بالكلام فحسب، للاستهلاك السياسي المحلي، فلا الأحزاب الشيعية التي وصلت الى الحكم رقّت من أحوال الشيعة أو رفعت "المظلومية التاريخية" عنهم، ولا الأحزاب السُنّية أفادت السنّة في شيء. والعراق مثل صارخ، فشيعته وسُنته هم في أسوأ أحوالهم خلال السنين العشر الماضية التي تقاسم الإسلاميون الشيعة والسُنة الحكم وتشاركوا في الصراع على المال والنفوذ والسلطة.
في ظل حكم الأحزاب الشيعية صارت كل أرض في العراق كربلاء وكل يوم عاشوراء، والأحزاب السُنّية من طرفها استخدمت المذهب لإثارة العصبية المذهبية ولزيادة معاناة السُنّة، كما العراقيون جميعاً.
 الشاهبندر برر خروجه، أو إخراجه، من الكتلة الحاكمة بالقول ان "دولة القانون بدأ مشروعه وطنياً واليوم تحوّل الى طائفي". أعرف ان عزت الشاهبندر ليس طائفياً إلا بقدر ما يحقق له ذلك مصالحه، وهكذا سائر السياسيين .. دولة القانون والمالكي هما أيضاً محكومان بهذه المعادلة، وحصيلة السنوات الأربع الماضية من خراب شامل وتردّ متفاقم لأمن العراقيين جميعاً ومعيشتهم، وبخاصة الشيعة الذين يشكلون أغلبية السكان، تنطق بلسان فصيح بان دولة القانون والمالكي ، كما سائر الأحزاب والزعامات السياسية الإسلامية، شيعية وسُنّية، تتقدم مصالحها الشخصية والحزبية على أية مصلحة للطائفة أو للوطن، والا ما كنا شهدنا كل هذا النهب السافر للمال العام والفساد الإداري والقمع والتضييق على الحريات وتعطل مصالح الناس وانهيار نظام الخدمات العامة الأساسية وانسداد آفاق التنمية والحياة الكريمة لشيعة العراق وسُنَّته وسائر طوائفه الدينية والمذهبية ومكوناته الاجتماعية.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمودالثامن: في محبة فيروز

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

قناديل: (قطّة شرودنغر) وألاعيب الفنتازيا

باليت المدى: جوهرة بلفدير

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

 علي حسين لا احد في بلاد الرافدين يعرف لماذا تُصرف اموال طائلة على جيوش الكترونية هدفها الأول والأخير اشعال الحرائق .. ولا أحد بالتأكيد يعرف متى تنتهي حقبة اللاعبين على الحبال في فضاء...
علي حسين

باليت المدى: جوهرة بلفدير

 ستار كاووش رغمَ أن تذاكر الدخول الى متحف بلفدير قد نفدت لهذا اليوم، لكن مازال هناك صف طويل جداً وقف فيه الناس منتظرين شراء التذاكر، وبعد أن إستفسرتُ عن ذلك، عرفتُ بأن هؤلاء...
ستار كاووش

التعداد السكاني العام في العراق: تعزيز الوعي والتذكير بالمسؤولية الاجتماعية

عبد المجيد صلاح داود التعداد السكاني مسؤولية اجتماعية ينبغي إبداء الاهتمام به وتشجيع كافة المؤسسات الاجتماعية للإسهام في إنجاح هذا المشروع المهم, إذ لا تنمية من دون تعداد سكاني؛يُقبل العراق بعد ايام قليلة على...
عبد المجيد صلاح داود

العلاقات الدولية بين العراق والاتحاد الأوروبي مابين (2003-2025)

بيير جان لويزارد* ترجمة: عدوية الهلالي بعد ثمان سنوات من الحرب ضد جمهورية إيران الإسلامية (1980-1988)، وجد العراق نفسه مفلساً مالياً ومثقلاً بالديون لأجيال عديدة.وكان هناك آنذاك تقارب بين طموحات الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي....
بيير جان لويزارد
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram