اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > ناس وعدالة > ثقافة القانونية..الأطباء متى يحاسبون على أخطائهم المهنية ؟

ثقافة القانونية..الأطباء متى يحاسبون على أخطائهم المهنية ؟

نشر في: 8 ديسمبر, 2013: 09:01 م

المهنة الطبية ، مهنة إنسانية ، تهدف أساسا إلى خدمة الإنسان وتخفيف آلامه بتقديم أقصى ما يمكن من العناية به بغض النظر عن دينه أو عنصره أو معتقدة . ولهذا انعقد الإجماع الفقهي والقضائي على ان التزام الطبيب تجاه مريضه هو التزام ببذل العناية اللازمة التي ت

المهنة الطبية ، مهنة إنسانية ، تهدف أساسا إلى خدمة الإنسان وتخفيف آلامه بتقديم أقصى ما يمكن من العناية به بغض النظر عن دينه أو عنصره أو معتقدة . ولهذا انعقد الإجماع الفقهي والقضائي على ان التزام الطبيب تجاه مريضه هو التزام ببذل العناية اللازمة التي تتفق مع الأصول العلمية الثابتة ،والطبيب كغيره من البشر قد يرتكب خطأ في تحقيق التزامه وتتقرر مسؤولية ،فالخطأ ركن مهم في المسؤولية .فما هي طبيعة الخطأ الطبي الموجب للمسؤولية المدنية ؟
قلنا ان أي إنسان قد يُخطئ مما يلحق ضررا بغيره ، فالطبيب عندما يخطئ فهو ليس كما يخطئ الإنسان العادي ،فمهنة الطب وثيقة الصلة بحياة الإنسان ، وهي ممارسة فنية أخلاقية تحتم على الطبيب الالتزام بمبادئها وتقاليدها. وقيل بحق ان لكل مهنة خصائصها وأصولها الثابتة مما يتطلب من كل شخص يباشرها دراية خاصة ويعد ملزما بالإحاطة بالأصول العلمية التي تمكنه من مباشرتها وان عدم قيامه بما تفرضه عليه من التزامات يعد مخطئا ،مما يستوجب مسؤوليته ، فالطبيب ملزم ببذل الجهود الصادقة واليقظة التي تتفق والظروف القائمة والأصول العلمية الثابتة بهدف شفاء المريض وتحسين حالته الصحية. كما عرّف الخطأ الطبي بأنه "عدم قيام الطبيب بالالتزامات الخاصة التي تفرضها عليه مهنته " واستقر القضاء على عدم مسؤولية الطبيب إذا لم تثبت مخالفته للأصول الطبية المؤكدة .
وإذا كان الإجماع منعقدا على ان التزام الطبيب هو التزام  ببذل عناية وليس بتحقيق غاية ، إلا ان هذا المبدأ لا يؤخذ على إطلاقه، فالاختصاصات الطبية متنوعة ومتعددة بتعدد فروع الطب السريرية وغير السريرية ، لذا فان الأعمال الطبية التي يقومون بها تكون ذات نتائج محققة وليست احتمالية كما في أعمال طبيب المختبر ، والأشعة فيكون الالتزام هنا التزاما بتحقيق النتيجة .
بعد ان عرفنا الخطأ الطبي ما هو المعيار في تقديره ، هناك معياران هما المعيار الشخصي بالنظر إلى الشخص نفسه لا إلى الفعل الضار ، والمعيار الموضوعي أو المجرد فهو ان يقاس الانحراف بسلوك شخص مجرد هو الشخص العادي ،والذي يهمنا هنا هو معرفة المعيار المطبق في تقدير خطأ الطبيب، لقد تأثر الفقه والقضاء بالمعيارين الشخصي والموضوعي ، إلا ان الرأي الراجح هو الأخذ بالمعيار الموضوعي ،فالطبيب يعد مسؤولا عن كل تقصير في مسلكه الطبي لا يقع من طبيب يقظ في مستواه المهني وجد في الظروف الخارجية نفسها التي أحاطت بالطبيب المسؤول، كحالة المريض ودرجة خطورة تلك الحالة وما يستلزمه من إسعافات عاجلة ووقت إجراء العلاج ومكانه وتوفر الإمكنيات الفنية من عدمها ، فلا يمكن والحالة هذه قياس الطبيب الذي يتولى العلاج في مركز طبي متقدم لديه من المستلزمات الفنية والإمكانات العلمية بمركز صحي في قرية نائية لا تتوفر فيه المستلزمات الضرورية وعدم إمكانية الحصول على الاستشارة الطبية الفورية من الأطباء الآخرين.ويتبادر هنا السؤال عن الأخطاء التي توجب مسؤولية الطبيب ، فهل يسأل الطبيب، عن كل خطأ يقع من جانبه أثناء ممارسة المهنة ومهما كانت درجته ؟ قسمت الأخطاء الطبية إلى قسمين الخطأ المادي (العادي ) ، والخطأ الفني ، وتأثر الفقه والقضاء بهذا التقسيم وظهر اتجاهان ، اتجاه يرى مساءلة الطبيب عن خطئه المادي أثناء ممارسة المهنة وهو كل خطأ يصدر من الطبيب وليس له علاقة بفن المهنة وأصولها أو الخطأ الذي يصدر من الطبيب كغيره من الناس بمعنى كل فعل مادي يكون ارتكابه مخالفا لواجب الحرص المفروض على الناس كافة ،فمثلا عدم تقدير الطبيب لحالة المريض الصحية وطلب نقله إلى مستشفى آخر يعد خطأ ماديا يستوجب مساءلة الطبيب لما يرتبه نقل المريض من مضاعفات قد تودي بحياته أو قيام الطبيب بإجراءات عملية جراحية لمريض وهو في حالة سكر، وتقررت أيضا مسؤولية الطبيب قضائيا عن أخطائه المادية سواء أكان الخطأ جسيما أم يسيرا. وقد استند القضاء العراقي كما هو مسلك القضاء الفرنسي والمصري القديم في تقرير مسؤولية الطبيب إلى التفرقة بين الخطأ المادي والخطأ الفني وتحديد مسؤولية الطبيب في الخطأ المادي دون الفني بحجة ان يفسح المجال واسعا للأطباء للعمل بحرية دون خوف من المسؤولية لمسايرة التطورات العلمية السريعة وملاحقتها والانتفاع بها وإن كثيرا من المسائل الفنية مازالت موضع الاجتهاد والنقاش .أما الاتجاه الآخر وهو الاتجاه الحديث فيرى انه من الصعب وضع معيار دقيق للتفرقة بين الخطأ المادي والخطأ الفني ، وان مسؤولية الأطباء عما يرتكبونه من أخطاء في علاج المرضى الذين اختاروهم هي مسؤولية عقدية وإن عقد العلاج وإن لم يكن التزاما بالشفاء إلا انه يتطلب من الطبيب بذل جهود صادقة يقظة متفقة مع الأصول العلمية الثابتة إن لم يكن ثمة ظرف استثنائي، كما جرى القضاء على تقرير مسؤولية الطبيب وإخضاعه للقواعد العامة متى تحقق الخطأ ومهما كان نوعه سواء كان ماديا أو فنيا يسيرا أو جسيما.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

القبض على عشرات المتسولين والمخالفين لشروط الإقامة في بغداد

لهذا السبب.. بايدن غاضب من صديقه اوباما 

في أي مركز سيلعب مبابي في ريال مدريد؟ أنشيلوتي يجيب

وزارة التربية: غداً إعلان نتائج السادس الإعدادي

التعليم تعلن فتح استمارة نقل الطلبة الوافدين

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

جانٍ .. وضحية: مدفع السحور.. جاء متأخراً !!

جانٍ .. وضحية: مدفع السحور.. جاء متأخراً !!

كانت ليلة من ليالي رمضان، تناول الزوج (س) فطوره على عجل وارتدى ملابسه وودّع زوجته، كان الأمر عادياً، لكن لسبب تجهّله، دمعت عينا الزوجة. ابتسم في وجهها وهَمَّ بالخروج الى عمله بمحطة الوقود الخاصة...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram