لا أدري لماذا استرجع عقلي ولساني عبارة (قل للزمان إرجع يا زمان!) وهي العبارة التي تحولت من حنجرة كوكب الشرق أم كلثوم إلى مَثل دارج نستعيده ونطلقه حين نقع أسرى الماضي ، نحاول العودة بعجلة الزمن إلى الوراء لنعيش أياما مضت وربما لن تعود إلا في قاع خيالاتنا أو جوف عاطفتنا التي تحنّ إلى الأمس .. أقول لا أدري كيف استرجع عقلي ولساني هذه الكلمات حين سمعت الرئيس السابق لاتحاد الكرة النجم حسين سعيد وهو يفتح نافذة على الانتخابات الكروية المقبلة ، وذلك في اللحظة التي أعلن فيها رديفه في النجومية فلاح حسن انسحابه في مشهد كله وجع ممض له ولنا!
على حد علمي ، فان حسين سعيد أدرك متأخراً أن ساحة التنافس كانت تتسع لناجح حمود وفلاح حسن ، لكن أخلاقيات مجتمعنا الرياضي ضاقت على فلاح واتسعت كثيراً لناجح ، والفرق هنا واضح .. ليتلقف حسين سعيد هذا الفراغ الناجم عن الانسحاب ويبدأ بتسريبات للمقربين منه .. تسريبات لا تخفي رغبته في العمل مجدداً بصفة رئيس اتحاد الكرة وهو الموقع الذي أخلاه مكرها ومخيراً كذلك ، لنائبه حمود تحت ضغوط معروفة سواء كانت حقيقية أو تم التلويح بها في شهر حزيران من عام 2011 .. غير أن سعيداً كان من الذكاء وهو (يسرّب) هذه الرغبة بحيث وضع خطاً للرجعة وهو أسلوب عُـرف به هدافنا الكبير في كثير من توجهاته وقراراته لاعباً أو إدارياً .. إنه لون من المناورة الشخصية التي تتكيف فيها قراراته النهائية تبعاً للظروف والاسطفافات وتقلبات الأمزجة والتحالفات!
حسين سعيد ، كان يقف إذاً منتظراً الآن ليقرر في اللحظة الأخيرة .. ولست أدري على أي نحو كان سيعود إلى ساحة الرئاسة الكروية وهو الذي أشاع ثقافة العمل والقيادة المغرقة في السرية الغامضة من خارج العراق فضلاً عن أنه بيده - لا بيد عمرو - سمح لنائبه ناجح حمود وكذلك أمين السر طارق احمد بالذات أن ينقلبا عليه وهما اللذان كانا يعلنان جهاراً نهاراً انهما سيغادران الساحة إذا غادرها الحاج حسين سعيد!!
لهذا ، فبالمنطق التاريخي يظل حسين سعيد سبباً مباشراً في هذا التردي المرير الشامل الذي يضرب الاوضاع الكروية في العراق .. كان الرجل يستمع كثيراً الى نصائحنا ونصائح الناس المقربين منه .. كان يطرق ويهز رأسه ، ولم يكن أحد يعرف بالضبط ما إذا كان سعيد موافقاً أم رافضاً ، فقد علمتنا الأيام أنه يُبطن الكثير ، ولا يبوح إلا ما تسمح به مناورته على مدار الساعة للحلفاء والخصوم على حد سواء!
تقول أم كلثوم : قلْ للزمان إرجع يا زمان .. وهات لي قلب لا داب ولا حب ولا انجرح ولا شاف حرمان!
وفي يقيني أن حسين سعيد تعلم الدرس خلال سنتين ونصف أمضاها في الحرمان من منصب كان الأحق به نجومية وخبرة واتصالاً بالمحيط الكروي العربي والعالمي .. لكنه أوقع نفسه في أخطاء متعمدة مكنت غرماءه من الإمساك بالزمام وعدم التفريط به إلا بعد قدر هائل من التضحيات التي يعرف حسين سعيد وناجح حمود جسامتها .. والأكثر من هذا فان الظروف تبدلت وما كان ممكنا لحسين سعيد عام 2003 ، ليس متاحاً ، في أغلب الظن ، بعد تشظـّي بيتنا الكروي الذي صار نهباً للفرقة بين أخوة الظاهر!
حسين سعيد ترك اتحاد الكرة عام 2011 بعد أن واجه الشديد القوي كما يقال .. وناجح حمود لن يغادر إلا بمعطيات أشد وطأة وبتحالفات لن يقدر عليها حسين سعيد .. والذي أتوقعه أن السيناريو الوحيد المتاح الآن هو أن يطيح النائب عبد الخالق مسعود رئيسه ، كما أطاح ناجح حمود برئيسه من قبل .. هذا هو السيناريو الوحيد الذي أجده امامي ، وأشك كثيرا في أن الأيام ستثبت عكس هذا الاستنتاج.
حسين سعيد.. قـُلْ للزمان!
[post-views]
نشر في: 8 ديسمبر, 2013: 09:01 م