أمثلة جديدة
استغربت من مخرج يحمل شهادة الدكتوراه يخطئ في استخدام المصطلح المسرحي (دراماتورغ) الذي نسبه في عمل له إلى طالب دكتوراه قليل الخبرة وكنت قبلها قد استغربت من مخرج آخر يحمل شهادة الدكتوراه ينسب إلى طالب بكالوريوس مهمة (دراماتورغ) ،وقلت مع نفسي هذان المخرجان إما أنهما لا يعرفان معنى المصطلح ومهمات من ينسب إليه، وأما أن يطلقانه على عواهنه!
فيما يأتي تعريف بمصطلح (دراماتورغ) كما ورد في "دليل أوكسفورد للمسرح والعرض" طبعة 2010.
"دراماتورغي" كدور وصف لشخص يحمل العنوان ويشتغله في عرض مسرحي أو في مسرح راسخ وذي معرفة بالتاريخ والنظرية والتطبيق الخاص بالفن المسرحي ويساعد المخرج والمصمم وكاتب المسرحية أو الممثل في إدراك مقاصدهم من الإنتاج المسرحي، ويسمى "الدراماتورغ" أحياناً بالمدير الأدبي- وهو المستشار الفني المقيم في الفرقة المسرحية عالم بمهمات المؤسسة وعواطف كاتب المسرحية أو رؤية المخرج ويساعد في إيصالهم إلى حياة الحالة المؤثرة مسرحياً. ويمكن تحقيق هذه الأهداف بعدد وافر من الطرق حيث يتحول دور "الدراماتورغ" في الغالب تبعاً لسياق العمل وهو دور مرن على الدوم، في الفرنسية مصطلح "دراماتورغ" يعني فعلياً "كاتب المسرحية" ولكن مع تطور المهنة فان مهمة الدراماتورغ قد انفصلت عن مهمة كاتب الدراما.
في المسرح الغربي فإن مركز الدراماتورغ يعتبر قد ابتدأ مع مصطلح "ليسنغ" "دراماتورغي هامبورغ" عام 1768. في حين ان "الدراماتورغ" قد برز في بريطانيا وفي أميركا في الستينات من القرن العشرين، حيث تطلبت متطلبات الزمن من المسارح ان تنظر أبعد من المردود الذي تحققه التجارة وراحت مسارح الأقاليم تبحث عن إدخال المسرح إلى مناطق مراكز المسرح التقليدية في نيويورك ولندن والاهتمام الجديد بالبرنامج "البرتوار" الكلاسيكي والدفاع القوي عن العمل الجديد الذي يدعو إلى تطور الدراماتورغي، قام كل من "جيرمي بروكس" مع "فرقة شكسبير الملكية" و"تاينان" مع "المسرح الوطني" وتأثير "بان كوت" على "بروك" و"فرانسيس فيرغوسون" مع "مسرح المختبر الأميركي" وكل أولئك كانوا طليعيين في تشغيل الدراماتورغي وذلك بمساعدتهم في مراجعة وفي إعادة تنشيط الكلاسيكيات أو بقراءة أعمال كتاب المسرحية الجديدة ومساندتهم، في ألمانيا ذات التقاليد الطويلة الأمد في المسارح المقيمة والتي كان لديها دراماتورغية بارزون ،أمثال "تايك" و"غراب" و"بريخت" و"باليتشخ" و"بوثو" و"شتراوس" و"ديتير ستورم".
يشير مصطلح "دراماتورغيDramaturgy) كوظيفة إلى مجموعة من الأنشطة الضرورية لعملية الإبداع المسرحي وتشمل: "اختيار المادة وتحضيرها للإنتاج التي كان المنتج يقوم بها أو المخرج أو المصمم وحتى الممثل، وقد تشمل مهمة الدراماتورغ الإشراف الأدبي عند اختيار البرنامج الموسمي للفرقة المسرحية بالتعاون مع المخرج وذلك من اجل إبداع مقاربة جديدة لمسرحيات شكسبير، وتقديم ملاحظات حول أعمال كتاب المسرحية المعاصرين، وتقديم ترجمات جديدة للمسرحيات الأجنبية وتحضير أدوات بصرية ونصية أو سمعية تحرك عملية التمارين الخاصة بإنتاج مسرحي معين.
تبدأ حساسية الدراماتورغ بتفحص ومساءلة نماذج معروفة عن الإنتاج المسرحي أو عند التمارين والعمل على إثراء العملية الإبداعية بالآراء النقدية والتاريخية والاجتماعية والفكرية والمادة الصورية.
فأين الدراماتورغية العراقيون من كل هذا الكم والنوع من المعرفة والخبرة؟ وكيف يغيب ذلك عن أذهان مخرجينا المتمرسين والطليعيين؟