اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > تحقيقات > أحداث بعمر الورد يتحوّلون إلى لصوص بسبب أوضاعهم المعيشية

أحداث بعمر الورد يتحوّلون إلى لصوص بسبب أوضاعهم المعيشية

نشر في: 9 ديسمبر, 2013: 09:01 م

عديدة هي الظواهر الغريبة التي اجتاحت مجتمعنا وشوّهت صورته الجميلة المرسومة في أذهان وعقول الكبار منا،ومن تلك الظواهر هي تفشي ظاهرة السرقة عند الأحداث ،وتفننهم في تلك العمليات التي أصبحت سائدة في العديد من مدن العراق.بخفة ورشاقة تسلل الطفل الذي لم يكن

عديدة هي الظواهر الغريبة التي اجتاحت مجتمعنا وشوّهت صورته الجميلة المرسومة في أذهان وعقول الكبار منا،ومن تلك الظواهر هي تفشي ظاهرة السرقة عند الأحداث ،وتفننهم في تلك العمليات التي أصبحت سائدة في العديد من مدن العراق.بخفة ورشاقة تسلل الطفل الذي لم يكن قد بلغ الرابع عشر من عمره إلى منزل قريب من منزلهم والنية هي سرقة ما هو ثمين من منزل جيرانهم ، المنزل الخالي من أهله أتاح له فرصة وضع يده على بعض المقتنيات الثمينة التي عثر عليها ،وبسرعة فائقة خرج بغنيمته  وعاد بها إلى منزل أهله ليقوم بإخفائها داخل غرفته  ،ولا يخدعنك مسمى (طفل)في الجملة السابقة ،فهو رغم حداثة سنه والوداعة التي ارتسمت على ملامحه تبعد عنه الشك تماما،لكنه في الحقيقة من أصحاب السوابق في عالم الجريمة ،ومن التهم الموشوم بها سجله الإجرامي سرقة سيارة، و  حلي ذهبية، والقيام بسلوكيات منحرفة.
الحدث والجيران
هذا الحدث الذي يسجن في مراكز الشرطة ويخرج بكفالة أصبح محترفا ولا يأبه بالسجن، ولا حتى العقاب ولا يمشي في الشارع إلا ومعه سكين تسمى (الياي )، المدى التقت بهذا الحدث في مركز شرطة اليرموك  وكانت تهمته  هذه المرة قيامه بسرقة امرأة كبيرة  في السن أثناء نومها ،علما أنها جارته .
يسرد ستار للمدى تفاصيل جريمته التي كانت سببا للإمساك به ،حيث يبين  ، ان كل شيء طبيعي ،وخططت لها جيدا ،وأنها  ستكون عملية شبه عادية لا يميزها عن غيرها إلا المال والذهب الذي سوف أحصل عليه من جارتنا المرأة الكبيرة في العمر وكذلك في الثراء التي تنعم به كما يقول ستار،مبينا  بأن جارته لا تعلم بأنه يسرق المنازل ،موضحا بأن هوايته الأولى هي  "سرقة القناني والدراجات الهوائية وأي شيء يكسبني المال "،مضيفا انه بعد خروج كل من يعيش معها في المنزل ، وجدت الفرصة  سانحه  للدخول عندما رأيت  باب المطبخ مفتوحا،حيث تسللت من خلاله إلى داخل المنزل ، مبينا ان المرأة   كانت نائمة في الصالة، لكنها فتحت عينيها لتتفاجأ بوجودي وكنت لحظتها اغطي وجهي بيشماغ أحمر ، حاولت الهروب فأمسكت بها بقوة، لكنها تخلصت مني وخرجت خارج المنزل بحثاً عن المساعدة، وعلى الرغم من هروبي لكنها تمكنت من التعرف علي وهي التي كانت دائما تثق بي،ويضيف ستار ان أسباب السرقة هي لكونه  يتيما ويعيش مع إخوته الثلاثة الذين يعملون ببيع الغاز أو جمع  القناني الفارغة، ويعيشون في قطعة أرض فارغة بالتجاوز تم تشييدها بالبلوك ،بينما هؤلاء ويقصد الناس الذي يقوم بسرقتهم يعيشون في بيوت كبيرة ويرسلون لنا بقايا طعامهم !"
قصص وحوادث
كانت تلك حادثة واحدة ضمن مجموعة قصص نعرضها في هذا التحقيق المختص بقضية انحراف الأطفال، وما هي الإجراءات المتبعة في الدولة للتعامل معهم بهدف إصلاحهم وجعلهم مواطنين صالحين ، وذلك في محاولة لكشف الأسباب التي تحول الطفل من مخلوق بريء وديع إلى مجرم إذ يبدأ بجرائم صغيرة وبالتالي  يشكل خطراً على المجتمع.
يقول ضابط الشرطة محمد حسن إن جرائم الأحداث كثرت وتنوعت في السنوات الأخيرة بسبب الأ وضاع  الأمنية (تفجيرات،قتل ،تهجير ) وغير ذلك من الأمور التي ساعدت على انتشار الجريمة بين الأحداث ،فقبل عدة أشهر تم إلقاء القبض على طفلين ،أحدهما في  التاسعة من العمر والآخر في عامه العاشر، وهما يحاولان سرقة جهاز موبايل من احد المحال التجارية وكانت محاولتهما كسر الزجاج وقت الظهيرة حيث كانا يراقبان صاحب المحل وقت خروجه للغذاء .وفي مثل أعمارهم حرنا أين نقوم بسجنهم كما يقول حسن ، وكيف يمكن إخبار عوائلهم وهم يرفضون إخبارنا عن العنوان خوفا من العقاب، لكن نحاول إصلاح الأمر بالتراضي بين عائلة الطفل والشخص الآخر لأنه طفل .وفعلا اتصلنا بعائلتهما بعد إجبارهما على إخبارنا بالعناوين ،حيث وجدنا الأم تعمل في بيع علب المناديل ، والأب جليس البيت وأخواتهما يتسولن  في تقاطعات إشارات المرور،وبحيرة يسأل الضابط كيف يتم إصلاحهما وسط هذا الوضع المأساوي؟
الباب الشرقي
منطقة الباب الشرقي تعجّ بالأحداث اللصوص حيث يتجولون  بين المتبضعين ولا يمكن الإمساك بهم لأنهم محترفون  خاصة في مثل هذه المناطق المزدحمة، بشكل يجعل عملية السرقة أسهل ما يكون ،وأغلب السرقات تكون عبارة عن (نقود وأجهزة موبايل )،حيث يقول الضابط فهد من مركز شرطة السعدون :الأحداث هنا أعدادهم كبيرة ويتم إلقاء القبض عليهم من قبل القوات الأمنية ،أو الإمساك بهم من قبل الأشخاص الذين يحاولون سرقتهم ،وبكل صراحه هم يشكلون عصابات متمرسة في العمل الإجرامي، وبعضهم يساعد الآخر من حيث مراقبة الطريق وكيفية الهروب وإخفاء البضاعه المسروقة، فهم لديهم خبرة بهذه الأمور وكم من حدث سارق أمسكنا به بعد الاشتباه ولم نجد بحوزته الأشياء المسروقة لأن هناك من يقوم بمساعدته  في إخفاء سرقاته، ونعلم هناك من يقوم بمساعدته ،ولهم خطط متنوعة بالتملص من يد العدالة، ويقومون بالصراخ والفرار من أجل إبعاد أنظار الناس والقوات الأمنية عنهم بحسب قول فهد.
عصابة المواد الإنشائية
في سوق عكد النصارى في شارع الشيد  حيث تنتشر المحال التجارية المتخصصة ببيع الكهربائيات والمواد الإنشائية   تم الإمساك هناك بعصابة أحداث تتكون من خمسة أطفال تجوب المنطقة على الدراجات الهوائية،وتمت عملية كشف العصابة عن طريق المصادفة حينما أبدى صاحب محل تذمره من سرقة بعض الأغراض (ماطورات ماء والمواد المصنوعة من الألمنيوم الخفيف) .
أبو هند صاحب أحد المحال يقول إن الأمر مزعج جدا حين تلاحظ ان بضاعتك تسرق كل يوم ونحن نضع البضائع داخل المحل وخارجه بأعداد كبيرة ،وما يسرق لن يجذب أنظارنا، لكن سرقة ماطورات الماء تكررت يوميا ،وهذا ما دفع أصحاب المحال المسروقة إلى تشكيل فريق للمراقبة  ،وإذا بنا  نكتشف ان من يقوم بتلك السرقات، أطفال يحملون صناديق لبيع البسكت يضعون فيها الماطور ويسيرون بكل هدوء وثقة ويسلم السارق البضاعة إلى طفل آخر ينتظره قريبا من المكان ، ويضيف أبو هند ،لم نقم بتسليمهم إلى مركز الشرطة لأنهم صغار وخشينا عليهم من السجن ،لكننا والكلام لأبي هند حذرناهم من الدخول إلى السوق ثانية  وقمنا بضربهم بالعصي عسى أن ينفع معهم العقاب ،ويرى أبو هند أنهم ينحدرون من عوائل فقيرة ،وهذا السبب الرئيس لقيامهم بتلك السرقات.
قانون الرعاية
قانون رعاية الأحداث رقم (76) لسنة 1983 المعدل من بين أهم القوانين التي تهتم بمعالجة ظاهرة جنوح الأحداث يفترض ان المعالجة عن طريق إيجاد نظام يستند إلى أسس علمية مدروسة وملموسة، إلا أنها لم تواكب التطور الحاصل في المجتمع العراقي، ولم تراجع النتائج السلبية والإيجابية التي تسعى إلى وقاية الحدث الجانح من الجنوح وشموله بالرعاية اللاحقة بعد انتهاء التدبير المفروض عليه، ولم يتم تقييم النتائج منذ صدور القانون في العام 1983 وحتى اليوم .  
ومن المتفق عليه الخصوصية التي ينفرد بها الحدث وما تشكله مرحلة الوقاية والاكتشاف المبكر للحدث المعرض للجنوح، وما يحتاجه من معالجات نفسية واجتماعية  إضافة إلى تحديد  سن المسؤولية ضمن اعتبارات إدراك الحدث بالفعل المخالف للقانون،  ليصار إلى التماشي مع الاتجاهات الحديثة في هذا المجال .
فترة ما بعد سقوط الديكتاتور
ولا يخفى ما لفترة الحصار الدولي المفروض على العراق، والأساليب الخاطئة التي اتبعتها السلطة  المبادة في حينها لمواجهة تلك القرارات،  مما انعكس سلبيا على حياة الشباب والمراهقين  التي لم تتمكن السياسة الجنائية في حينها من معالجتها واحتوائها  وفق أسس مقبولة أو معقولة  أو مدروسة، إضافة إلى انعكاس فترة ما بعد سقوط النظام الدكتاتوري وما عكست تلك الفترة الحرجة التي شاعت فيها الجريمة المنظمة وتنظيمات الإرهاب من ظروف  في الساحة واستغلال نماذج من الشباب والمراهقين من الأحداث والفتيان في ارتكاب الجرائم وتشكيل العصابات والعمل ضمن مجموعات الأعمال الإرهابية  وعمليات الاغتيالات  المنظمة  لقاء أجور مغرية، وتعاطي المخدرات واستمراء ارتكاب الأفعال المخالفة للقانون ،كالسلب والسرقات وتجارة المخدرات والجنس والانحراف بشكل عام .  
لجنه العمل
بينما أكد النائب كاظم الشمري عضو لجنة العمل والشؤون الاجتماعية في تصريح لـ(المدى): ان اللجنة تتابع ملف السجناء الأحداث مع وزارة العمل والشؤون الاجتماعية إضافة إلى إمكانية  تقديم الدعم المادي والمعنوي لهم من خلال مشاركتهم في أعمال داخل الورش وعرض مشاركتهم في المعرض التي تقام داخل السجون .وبالنسبة لسجون الأحداث فهي تحتاج إلى الحضانة والتجديد ومع الأسف فإن أعدادهم في تزايد وكل ذلك بسبب الظروف الاجتماعية والتوترات الأمنية التي تدفعهم إلى عالم الجريمة .

تقارير وزارة حقوق الإنسان العراقية
تقوم دور رعاية الأحداث التابعة لدائرة إصلاح الأحداث في وزارة العمل والشؤون الاجتماعية بتطبيق الحد من ، حالة الاكتظاظ  التي تعانيها دور ملاحظية الأحداث وعلى وجه التحديد دار ملاحظية الأحداث (الكرخ / الجعيفر ومدرسة تأهيل الإناث في الكرادة) ،ما تؤثر سلباً على الأوضاع النفسية والصحية ومستوى الخدمات التي تقدمها إدارات دور الأحداث للمودعين فيها .وعلى الرغم من الإجراءات التصحيحية التي اتخذتها دائرة إصلاح الأحداث في وزارة العمل للتخفيف من حالة الاكتظاظ ،مثل افتتاح القسم الجديد في الطوبجي  الذي ساهم في تقليل الزخم الحاصل في مدرسة تأهيل الصبيان في الشالجية ، إلا أن النتائج العكسية للحالة المذكورة باتت تثير قلق وزارة حقوق الإنسان العراقية ، لاسيما في ما يتعلق بتأثير المجرمين المتمرسين على الأحداث الجانحين المتورطين بجرائم بسيطة ، إضافة إلى استخدام البعض منهم الحبوب المخدرة  التي تعيق جهود الإصلاح  والتأهيل.
الرأي الاجتماعي
تقول الدكتورة فوزية العطية أساتذة جامعية وناشطة أكاديمية في تصريح لـ(المدى):مع الأسف ان الطفولة في العراق تأثرت بشكل كبير بالأحداث الأمنية وما تبعها من انتهاكات لحقوق الإنسان بشكل  عام والطفل بشكل خاص ،فهو لا يتمتع بأية حقوق ولا وضع اجتماعي مستقر مما بدأ يعكس ذلك على تصرفاته وسلوكه داخل الأسرة والمجتمع ،فالطفل أصبح يتيما، مهجرا يسكن الشارع ،فماذا سوف يكون مستقبله؟  طبعا  سيكون مجرما يسرق يقتل ويودع في السجن ،يضاف إلى  ذلك ألعاب العنف التي حولتهم إلى مجرمين لايهابون السجن ولا حتى الخوف من وجود رجل الأمن ،فكل شيء أصبح سهلا عنده .إذاً السرقة هي وسيله لإثبات عنفه وشخصيته من أجل البقاء بين صراع الكبار.
وزارة العمل: إنشاء دور أحداث جديدة
شدد التقرير السنوي لأوضاع السجون ومراكز الاحتجاز في العراق عام 2012 ، على وزارة العمل ضرورة إنجاز مشاريعها  في إنشاء دور الأحداث التي شرعت ببنائها في محافظتي البصرة و والديوانية في مطلع العام ٢٠١٢ وتلك التي من المفترض أن يشهد العام ٢٠١٣ وضع الحجر الأساس لها في محافظات (الأنبار -
ميسان والنجف الأشرف) ، وهي دور سيراعى عند بنائها المعايير الدولية والوطنية التي من شأنها تجاوز الإشكاليات المؤشرة آنفاً وكذلك توفير بيئة مناسبة لإصلاح الأحداث الجانحين وإعادة إدماجهم في المجتمع ليكونوا عناصر إيجابية ومنتجة ،وألا ينخرطوا مجدداً في أعمال غير قانونية.
لجنة حقوق الإنسان
أكد سليم الجبوري رئيس لجنة حقوق الإنسان البرلمانية  في تصريح لـ(المدى ): ان اللجنة تتابع ملف الأحداث السجناء كبقيه الملفات الأخرى وهي تهتم به بشكل كبير لأنه يخص مرحلة عمرية معينة وهم يعتبرون الجيل القادم لبناء العراق ، وأشار الجبوري رغم كل الصعاب والعقبات نحرص دائما على متابعة حالة الأحداث ومراقبه حالتهم عن طريق اللجان ومحاولة إيجاد بدائل ووسائل لإبعادهم عن عالم الجريمة لكن بصراحة الظروف الأمنية هي التي تجعلهم يسيرون في عالم الجريمة رغم صغر أعمارهم .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 1

  1. دعاء عصافرة

    ارجو المساعدة في العثور عليه

ملحق منارات

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

لا ينبغي ان يحلق في سمائها غير طيور الحباري ..الإرهاب والمخدرات يهددان أمن الحدود العراقية السعودية
تحقيقات

لا ينبغي ان يحلق في سمائها غير طيور الحباري ..الإرهاب والمخدرات يهددان أمن الحدود العراقية السعودية

 اياد عطية الخالدي تمتد الحدود السعودية العراقية على مسافة 814 كم، غالبيتها مناطق صحراوية منبسطة، لكنها في الواقع مثلت، ولم تزل، مصدر قلق كبيراً للبلدين، فلطالما انعكس واقعها بشكل مباشر على الأمن والاستقرار...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram