اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > الشباب.. أولاً

الشباب.. أولاً

نشر في: 9 ديسمبر, 2013: 09:01 م

تعلقت عيناها بجملة "السفر ميزان الأخلاق" المعلقة في السيارة حين شعرت بملمس أصابع حقيقية تحاول لمس أي جزء من جسدها من خلال الفتحة المحصورة مابين مقعدها والنافذة.
من البديهي ان يكون الشاب الجالس وراءها هو المتحرش بها، فصار لزاماً عليها إذن ان تثأر لنفسها منه دون ان تتخلى عن صفة "الستر " التي أوصاها بها والدها وهي تضطر الى السفر وحيدة الى الجامعة، سيما وانه تمادى في "حرشته " أمام سكوتها، وبدأت أصابعه تزحف رويدا رويدا..لمعت في رأسها فكرة جهنمية وقررت تنفيذها رغم ما فيها من مجازفة..أخرجت الفتاة من حقيبتها دبوساً وغرسته في ظهر كف الشاب بشدة فانطلقت منه صرخة رهيبة أدارت حوله رؤوس الركاب ولم يجد بداً من افتعال المرض ليبرر شحوبه وصرخته وألمه. وتجنبا للإحراج اضطر للنزول قبل المحطة الأخيرة وكأن آلاف الدبابيس تطارده.
حدث هذا قبل سنوات عديدة..كان الشاب وقتها جندياً في جيش صدام وربما حولته المعارك والنوم في الملاجئ وتوقع الموت الى شخص يضع القيم والشرف على الرف ويمارس حياته بتلقائية اقرب الى البربرية ليعكس مايعانيه من حرمان ويأس من العيش تحت ظل سقف آمن مع زوجة تروض غرائزه.. وقتها ايضا قال لي قريبي الذي درس الفن وكان يعشق الجمال والحس الانساني انه كان يشعر بفقدان آدميته حين يرتدي ملابسه العسكرية ويلتحق بجبهات القتال فهناك لا يرى إلا الموت واحتضار الآمال لذا كان يتدافع في كراجات النقل الخاص ويثرثر بصوت عال مع رفاقه دون ان يعبأ بالركاب وقد يتحرش ايضا بفتاة ليطفئ رغبته بالجنس الآخر، وحين يعود الى منزله ويتجدد أمله باستئناف الحياة يندم على أفعاله ويعاود التعامل برقي وانسانية..
من المعروف ان الشباب هم أمل المستقبل وهم وسيلة تغييره الى الأفضل لكن ذلك لا يتحقق في مناخ فاسد فحين قاد الطلبة والشباب الثورات في الماضي كانوا يتسلحون بالوعي السياسي والتوازن الاجتماعي لكنهم فقدوا كل ذلك مع تعاقب سنوات الحروب والاستلاب وتغييب دور المواطن في ظل سلطة دكتاتورية فما بالك بالشباب الذين غذوا المعتقلات والمقابر الجماعية وارض المعركة بدمائهم وأرواحهم..اغلب شبابنا المتعلم يعيش إحباط ما بعد التخرج حالياً أما الشرائح الاخرى فتعاني من البطالة والفقر، وفي هذه الحالات يصبح الزواج صعباً والعلاقة العاطفية اصعب فكل شيء يحتاج الى انفاق المال وتوفير السكن والعمل المضمون..
  لانريد ان نبرر للشباب لجوءهم الى التحرش الذي كثيرا ماتتعامل معه المرأة بصمت، لا لأنها راضية، بل خشية الفضيحة ولوم المجتمع لها، اذ ان ألسنة الناس لن ترحمها، وقد تفتك بعرضها وتجعل الإهانة التي تشعر بها مضاعفة...
شبابنا بحاجة الى من يوفر لهم المناخ الملائم للدراسة والعمل والقدرة على بناء سقف وأسرة فضلاً عن حاجتهم الى من يشغلهم بأنشطة شبابية رياضية واجتماعية وثقافية تستغل طاقاتهم وتمنحهم شخصيات متوازنة نفسياً واجتماعياً مايجعل المرأة بالنسبة لهم عنصراً مكملاً لحياتهم لاوسيلة للمتعة وإشباع الغرائز فقط..شبابنا هم الرسالة الحقيقية المقبلة لمن سيخوض الانتخابات ويريد ان يفوز ويقدم شيئا للناس فهم أداة التغيير الحقيقية في أي بلد فلا تهملوهم!!

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

بالصور| تظاهرات حاشدة أمام وزارة التخطيط للمطالبة بتعديل سلم الرواتب

805 قتلى وجرحى بأعمال شغب مستمرة في بنغلاديش

مجلس النواب يعقد جلسته برئاسة المندلاوي

خبراء يحذرون: أغطية الوسائد "أقذر من المرحاض" في الصيف

القبض على 7 تجار مخدرات في بغداد وبابل  

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

العمودالثامن: عقدة عبد الكريم قاسم

العمودالثامن: فولتير بنكهة عراقية

عاشوراء يتحوّل إلى نقمة للأوليغارشية الحاكمة

من دفتر الذكريات

وجهة نظر عراقية في الانتخابات الفرنسية

العمودالثامن: هناك الكثير منهم!!

 علي حسين في السِّيرة الممتعة التي كتبتها كاترين موريس عن فيلسوف القرن العشرين جان بول سارتر ، تخبرنا أن العلاقة الفلسفية والأدبية التي كانت تربط بين الشاب كامو وفيلسوف الوجودية استبقت العلاقة بين...
علي حسين

كلاكيت: الجندي الذي شغف بالتمثيل

 علاء المفرجي رشح لخمس جوائز أوسكار. وكان أحد كبار نجوم MGM (مترو غولدوين ماير). كان لديه أيضا مهنة عسكرية وكان من مخضرمين الحرب العالمية الثانية. جيمس ستيوارت الذي يحتفل عشاق السينما بذكرى وفاته...
علاء المفرجي

من دفتر الذكريات

زهير الجزائري (2-2)الحكومة الجمهورية الأولىعشت أحداث الثورة في بغداد ثم عشت مضاعفاتها في النجف وأنا في الخامسة عشرة من عمري. وقد سحرتني هذه الحيوية السياسية التي عمّت المدينة وغطت على طابعها الديني العشائري.في متوسطة...
زهير الجزائري

ماذا وراء التعجيل بإعلان "خلو العراق من التلوث الإشعاعي"؟!

د. كاظم المقدادي (1)تصريحات مكررةشهدت السنوات الثلاث الأخيرة تصريحات عديدة مكررة لمسؤولين متنفذين قطاع البيئة عن " قرب إعلان خلو العراق من التلوث الإشعاعي". فقد صرح مدير عام مركز الوقاية من الإشعاع التابع لوزارة...
د. كاظم المقدادي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram