TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > أوباما.. بالعبرية الفصحى

أوباما.. بالعبرية الفصحى

نشر في: 11 ديسمبر, 2013: 09:01 م

في الوقت الذي اعترف فيه نتنياهو بضرورة تقديمه التنازلات، بحثاً عن تسوية تاريخية مع الفلسطينيين، مع مراوغته بأن النزاع بين إسرائيل والفلسطينيين لا يتعلق بالحدود أو المستوطنات، إنما هو صراع يتعلق بالرفض الفلسطيني الاعتراف بدولة يهودية ذات حدود معينة، كان الرئيس الأميركي يفسر ذلك بالدعوة إلى حل مرحلي، مُعرباً عن اعتقاده بأن من الممكن خلال الأشهر المقبلة، التوصل لإطار عمل لا يعالج كل التفاصيل، ولكن يوصل إلى نقطة، يُدرك فيها الجميع أن التحرك للأمام أفضل من الرجوع للخلف، وأنه إذا تم التوصل لاتفاق إطار العام المقبل، فإنه سيظل هناك عمل كثير يتعين القيام به، لكنه استبعد قطاع غزة من أي اتفاق سلام محتمل، وهذه فكرة خطيرة لايجب أن تمر مرور الكرام، وتستوجب رداً حازماً إن كانت في إطار جس النبض.
قبل أوباما، صرح وزير خارجيته بأن الفلسطينيين والإسرائيليين، أقرب ما يكونوا إلى السلام في هذه المرحلة، دون أي تحديد إن كان ذلك يعني إقامة دولة فلسطينية كاملة عاصمتها القدس، أو الإجابة عن سؤال يتعلق بمآلات ملف النازحين إلى الأردن عام سبعة وستين، أو اللاجئين عام ثمانية وأربعين إلى أربعة أرجاء الكون، أو شكل العلاقة التي ستقوم جُغرافياً بين الأردن والضفة الغربية، ما يطرح العديد من التساؤلات حول هدف التسريع في حل القضية الفلسطينية، وهل سيكون ذلك خطوة أولى لتطبيق المبادرة العربية، التي تنص على منح إسرائيل علاقات دبلوماسية مع الدول العربية والإسلامية كافة، بهدف تشكيل محور سُني إسرائيلي، لمواجهة الهلال الشيعي، ما يعني أن الحل يقضي بإقامة محور إقليمي تقوده إسرائيل العظمى.
منظمة التحرير الفلسطينية، وكما هو متوقع، رفضت أية محاولات للانتقاص من حق الشعب الفلسطيني في دولة كاملة السيادة، على مائها وترابها وحدودها وعاصمتها القدس، وشدّدت على رفض أية محاولات مُتذاكية لتقويض أهدافه عبر مُخاتلات سياسية مكشوفة، كاتفاقيات مؤقتة أو ترتيبات ناقصة، لا تفعل سوى تشريع الاحتلال وخنق الاستقلال والسيادة، فالشعب الفلسطيني وقيادته، لا يمكن أن يقبل مقترحات ومشاريع من النوع الذي يطرح اليوم، لتكريس الاحتلال وتشريع تمزيق وحدة الأرض الفلسطينية وسلخ الأغوار والقدس عاصمة دولة فلسطين، مثلما يرفض الكتل الاستيطانية، وأن تظل سماؤه وحدوده ومعابره تحت سيطرة الغزاة المحتلين، وكل ذلك تحت اسم حل انتقالي أو اتفاق مبادئ، علاوة على إلغاء حقوق اللاجئين، وتشريع الاحتلال تحت عنوان يهودية الدولة.
ذلك يعني ببساطة إعادة ترتيب الاحتلال برضى الفلسطينيين، وهم لا يحتاجون أي اتفاق جديد، بقدر حاجتهم إلى تنفيذ اتفاق شامل، يضمن انسحاب إسرائيل من حدود عام 67 وإنهاء الاحتلال، أمّا الدخول في عملية صياغة اتفاق إطار آخر، فمعناه الدخول إلى متاهة المفاهيم مرة أخرى، والعودة إلى التفاوض حول التفاصيل والتطبيقات، تلك تماماً مؤامرة جديدة، يسعى أوباما من خلالها لتقديم هدية للدولة العبرية، ثمناً لما يخوضه من المساومات الدولية، التي عبر عنها نتنياهو بالقول، إن ما يحدث في العالم العربي لاصلة له بالقضية الفلسطينية، وأن مساعي السلام لن تصيب النجاح، إذا امتلكت إيران قنبلة نووية، وحديث أوباما عن البدء بدولة محدودة الصلاحيات والمساحات في الضفة، في ظل صورة مُبتكرة للاحتلال، يشكل ناقوس خطر سياسي، يستحق الاستنفار الوطني العام.
ماذا عن الاردن؟ ومدى تأثره بنتائج هذا السيناريو، وما هو نوع الرابطة الوحدوية بين الأردن والدولة الفلسطينية وشكلها السياسي، أسئلة تحتاج لإجابات واضحة، خصوصاً وأن اتفاقيته مع اسرائيل تمنحه دوراً في مصير القدس واللاجئين في الحل النهائي، وبغير ذلك فإن الدولة الأردنية ستدفع مع الشعب الفلسطيني، ثمن التحالفات الدولية الجديدة، التي تكرس إسرائيل وإيران شرطيين في المنطقة.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

هل ستعيد التشكيلة الوزارية الجديدة بناء التعليم العالي في العراق؟

العمود الثامن: معركة كرسي رئيس الوزراء!!

العمود الثامن: من كاكا عصمت إلى كاكا برهم

العمود الثامن: عبد الوهاب الساعدي.. حكاية عراقية

السيد محمد رضا السيستاني؛ الأكبر حظاً بزعامة مرجعية النجف

العمود الثامن: يزن سميث وأعوانه

 علي حسين منذ أيام والجميع في بلاد الرافدين يدلي بدلوه في شؤون الاقتصاد واكتشفنا أن هذه البلاد تضم أكثر من " فيلسوف " بوزن المرحوم آدم سميث، الذي لخص لنا الاقتصاد بأنه عيش...
علي حسين

كلاكيت: مهرجان دهوك.. 12 عاماً من النجاح

 علاء المفرجي يعد مهرجان دهوك السينمائي مجرد تظاهرة فنية عابرة، بل تحوّل عبر دوراته المتعاقبة إلى أحد أهم المنصات الثقافية في العراق والمنطقة، مؤكّدًا أن السينما قادرة على أن تكون لغة حوار، وذاكرة...
علاء المفرجي

فـي حضـرة الـتـّكـريــم

لطفيّة الدليمي هناك لحظاتٌ تختزل العمر كلّه في مشهد واحد، لحظاتٌ ترتفع فيها الروح حتّى ليكاد المرء يشعر معها أنّه يتجاوز حدود كينونته الفيزيائية، وأنّ الكلمات التي كتبها خلال عمر كامل (أتحدّثُ عن الكاتب...
لطفية الدليمي

سافايا الأميركي مقابل ريان الإيراني

رشيد الخيّون حصلت أكبر هجرة وتهجير لمسيحيي العراق بعد 2003، صحيح أنَّ طبقات الشعب العراقي، بقومياته ومذاهبه كافة، قد وقع عليهم ما وقع على المسيحيين، لكن الأثر يُلاحظ في القليل العدد. يمتد تاريخ المسيحيين...
رشيد الخيون
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram