اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > تحقيقات > أبناء التسوّل وعاهاتهم المستديمة .. غايتهم استمالة الآخرين واستغلالهم

أبناء التسوّل وعاهاتهم المستديمة .. غايتهم استمالة الآخرين واستغلالهم

نشر في: 11 ديسمبر, 2013: 09:01 م

"ساعدوني وأعينوني يساعدكم الله على علاج ابنتي الصغيرة وقد تعرضت لحادث الحرق "  كانت تلك بعض الكلمات الذكية التي رددتها أم الطفلة المتعرض جزء من جسمها للحروق وهي بعمر الزهور مستلقية على الأرض بوضع مسيء ومعرضة حروقها إلى التلوث والغبار ومعاناة وآل

"ساعدوني وأعينوني يساعدكم الله على علاج ابنتي الصغيرة وقد تعرضت لحادث الحرق "  كانت تلك بعض الكلمات الذكية التي رددتها أم الطفلة المتعرض جزء من جسمها للحروق وهي بعمر الزهور مستلقية على الأرض بوضع مسيء ومعرضة حروقها إلى التلوث والغبار ومعاناة وآلام لها من أجل الحصول على المساعدة  بطريق سهل لا يكلف الأم   شيئاً سوى عذاب ابنتها المريضة .
كانت هذه حالة من ضمن العشرات من الحالات المنتشرة في جميع الأماكن هنا وهناك  بأساليب مختلفة ووجوه متناثرة تستعطف الآخرين لمساعدتها ،ولهذه الحالات بينت المختصة النفسية ان المسؤولية تقع على عاتق مؤسسات الدولة بإجراء مسح شامل لأعدادهم وحالتهم الاقتصادية والاجتماعية للوقوف والاطلاع عليها .
تقول أم سجاد – ربة بيت نشاهد العديد من حالات التسول لأشخاص  يرافقهم الابن أو البنت وبحالة عوق يرثى لها لاسيما ونحن نسكن في منطقة شعبية منذ الصباح الباكر والصيف الشديد الحرارة , نشاهد البنت المرافقة للمرأة المتسولة  لا تفتح عينها وبحالة فقدان دائم للوعي , حالة مشابهة للموت مرمية على مفرش رث على رصيف منزوٍ  تستجدي رحمة الآخرين وعطفهم ،مضيفة إنني لا أشارك هذا الألم الذي تسببه للبنت لابد من وجود الرحمة في قلوب الآخرين على حالة الطفلة قبل مساعدة الأم بالصدقة وعدم مساعدتها بالاستمرار في هذه الوضعية السيئة وتعرضهم أمام الآخرين.
 إنَّ التسول   أصبح  ظاهرة بالفعل، يفسرها الكثير بتداعيات الحاجة والحرمان ، إلَّا أنَّ هناكَ تفسيراً اجتماعياً في منحًى آخر للظاهرة، لأنَّه من غير الممكن القول إنَّ جميع من يتسولُون يعانون من احتياجات كبيرة جدًا، نظراً لوجودِ عامل الاحترافِ، الذي هو تقمص دور المسكين والمحتاج, هذا ما وضحه لنا ثامر علوان – موظف وليس الجميع من يتسول بأطفال هم من أبنائهم ،فهناك من يطلب أبناء آخرين ويستجدي بهم ،وهذه الحالة تتكرر في المجتمع ،مبينا لابد من رادع قوي لهذه الظاهرة من قبل الجهات الحكومية  بصورة مستمرة خاصة من يستغل عوق الأطفال ويعرضهم إلى أنظار الآخرين والحالة المأساوية التي تمر بهم خلال النهار غايتهم المال الذي يحصلون علية عن طريقهم .
ويضيفُ إنَّ روح التضامن لا تزالُ موجودة، عبر التعامل الخيرِي والإحساني، بين المجتمع وهوَ ما يجعلُ كثيراً من محترفِي التسول ينجحونَ في استمالةِ الناس، ويجب على السلطات المسؤولة ان  تقومُ بمطاردتهم المستمرة  بمجهودات كافية لمحاربة الظاهرة. .
وتتذكر أنسام علي – معلمة أنها ومع مرورها بطريق ذهابها إلى المدرسة تشاهد ملامح الابن الصغير الجالس على كرسي المعوقين ومحاولة الأم المتسولة وهي تدفعه بأول اليوم  يعاني من حالته الصحية المشابهة إلى الشلل ما كان بي إلا التعرف عليها ومساعدتها لإعالة هذا الطفل المعوق ،وبينت ومع اهتمامي بالأمر طرحت عليها فكرة تعيينها بعقد عمل عاملة خدمة في المدرسة والابتعاد عن حالة التسول وعدم تعرض الطفل إلى هذه الحالة والإهانة التي  يتعرض لها فكان جوابها الرفض معلله ذلك بأنها تحصل على أجر أكثر من أجور التعيين، فما كان بي إلا تركها ولكن بعد مرور عدة شهور عثرت عليه في منطقة أخرى وبصحبتها طفلها  بأحسن صحة وحال ! فكان الأمر حيلة للاستجداء  وعدم  الاهتمام بمشاعر وصحة ابنها واستغلال الناس عبر هذه المواقف .
"ادفع الشر بالصدقة " هكذا يردد أبو محمد وهو يسحب بيد ابنه متنقلا بين السيارات في احد التقاطعات ومعرضه  إلى أنظار الناس ،كاشفا عن بطنه الذي يحمل كيسا من الماء ومنظر يثير للاشمئزاز لاسيما وان الطفل هو رافع قميصه وكاشف عن  جسمه ليراه الآخرون ،وما  كان من الأب إلا  أن يمسك به ليكون فرجة إلى هذا وذاك بغية حصوله على اقل مقدار من المال وصدقة للآخرين وكم من المأساة في قلب هذا الطفل المغلوب على أمره ، فالأبوة تنطق بكثير من العبر والحكم بهذه المواقف التي لا تمت لها بصلة سوى ابتعادهم عن الوازع الديني والأخلاقي والنفسي وما عليهم إلا الاهتمام بهذا الطفل أفضل من توفير الغذاء له .
ويقول عدنان احمد – تدريسي: لم تكن هناك وسيلة ربح أسرع من ذلك ،فهي غير مشروعة وغير أخلاقية لأن اهم شيء هو كرامة الإنسان ،إذ نرى هناك الكثير من العوائل تعيش بأبسط الحالات المعيشية المتدنية والقناعة كنز لا يفنى ،مضيفا ان عرض  عوق الطفل   أمام أنظار المارة   يقتل الحالة الإنسانية  عنده ،وهذا المنظر غير مرتبط بالأمومة أو الأبوة ولا يجوز مساعدتهم على هذا الفعل و لاتشجيعهم .
كما  أوضحت المختصة في الإرشاد التربوي والنفسي انتصار الصفار ان الطفل يعلم  بشكل تام انه يعاني من العوق ومعرض لأنظار المارة أثناء التسول ولكن لاحيلة له، فهناك الكثير من الأبناء إعاقتهم لا تشكل امرا صعبا في عملهم عند المستقبل .
من جانب آخر ان هذه الحالة تشجعهم على التسول في المستقبل وخلق حالة من الكسل والاعتماد على الآخرين والبعض باستطاعتهم الالتحاق بالمدارس و حالة التسول تحول دون ذلك بسبب استغلال العوائل لعوق أبنائهم ،مضيفة :على الجهات الحكومية  تقع  مسؤولية ذلك ، إذ  على وزارة العمل والشؤون الاجتماعية مراعاة ذلك والعمل على احتوائهم وإلحاقهم بالمكان الذي يقدم لهم ما يحتاجون إليه والعمل على الاستمرار في حملات جمعهم وترحيلهم إلى  المحافظات التي قد جاءوا منها والاهتمام بهم ،وليس حملة وتنتهي بهم الحالة ،فهي ستكون حالة غير جادة لمتابعتهم .
ونشاهد الكثير من المتسولين كل فترة أرى بصحبة أطفال وبعوق آخر فلا يجوز من بصحبتهم من أبنائهم ،وباعتقادي هم غرباء عنهم مستصحبيهم لغرض التسول فقط فهم عرضة للإدمان والأفعال السيئة في المستقبل . أما المختصة النفسية الدكتورة رنا العباسي فتقول :هناك عوائل كثيرة في مجتمعنا وهم في بيوتهم وليس في الشارع يستدرون العطف والشفقة بطريقة غير مباشرة بسبب عوق أبنائهم وهناك من اتخذ من هذه  الحالة مهنة لهم ،ولم  يفكر  بآثارها السلبية على أولادهم واستغلال الناس وقد يكون لهذا المعوق بذرة جيدة فهم يقتلونها ،فالإنسان  بطبعه عزيز النفس وهو كتلة من العواطف والمشاعر، مضيفة ان مسؤولية الاهتمام بهذه الظاهرة تقع على الجهات المسؤولة عنهم والعمل على مسح شامل لحالتهم الاقتصادية والاجتماعية والاهتمام بهم بشكل مستمر .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق منارات

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

لا ينبغي ان يحلق في سمائها غير طيور الحباري ..الإرهاب والمخدرات يهددان أمن الحدود العراقية السعودية
تحقيقات

لا ينبغي ان يحلق في سمائها غير طيور الحباري ..الإرهاب والمخدرات يهددان أمن الحدود العراقية السعودية

 اياد عطية الخالدي تمتد الحدود السعودية العراقية على مسافة 814 كم، غالبيتها مناطق صحراوية منبسطة، لكنها في الواقع مثلت، ولم تزل، مصدر قلق كبيراً للبلدين، فلطالما انعكس واقعها بشكل مباشر على الأمن والاستقرار...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram