أتخيل الاجتماعات الاسبوعية لمجلس الوزراء مملة للغاية، فالبيانات المتضمنة القرارات المتخذة في هذه الاجتماعات لا تعكس ان ثمة نقاشاً حامياً قد دار حول القضايا الرئيسة التي تشغل الناس وتؤثر في حياتهم، كالأمن والخدمات العامة والوضع المعيشي والتنمية والفقر والبطالة والفساد المالي والاداري.
هناك احتمالان، الاول ان هذه القضايا لا تُبحث في اجتماعات مجلس الوزراء فلا تصدر أي قرارات بشأنها، أو انها تُبحث ولا يحصل اتفاق عليها بالاغلبية لتصدر بها قرارات. وفي الحالين فاننا – أعني الناس المشغولين بالقضايا المشار اليها - خاسرون كبار، ذلك ان مهمة الحكومة الاولى رعاية المصالح العامة وتأمين الاحتياجات بقدر المستطاع، وإذ لا تنهض الحكومة بمهمتها الاولى تكون مصالح الناس معطلة واحتياجاتهم مهملة.
أمامي الان قرارات الاجتماع الأخير المنعقد أول من أمس. لم أجد فيها أي قرار يخصّ مواجهة مشكلة فيضانات مياه الامطار مثلاً، أو تأمين نظافة المدن للتقليل من مخاطر الامراض والأوبئة، أو توفير أجهزة ومعدات لتحسين وتطوير نظام المراقبة في الشوارع والساحات للحد من أعمال الارهاب بعد ثبوت زيف أجهزة "كشف المتفجرات"، أو المصادقة على مشاريع لاعادة الحياة الى مصانعنا المعطلة عن عمد وسابق إصرار من حيتان التجارة وفسدة وزارة الصناعة، أو لانشاء طرق سريعة وخطوط سكك حديد جديدة لحل مشلكة نقل البضائع من الموانئ ودول الجوار .. الخ.
أكثر من هذا وجدت ان القرار الأخير للاجتماع، وهو القرار رقم 11، خصّ فئة اجتماعية بامتياز لا أرى مبرراً له. القرار يتيح "بيع قطعة أرض سكنية بمساحة(200) متر مربع الى أئمة المساجد في الوقف السني والشيعي والمسيحي في مواقع عملهم للمثبتين على الملاك الدائم وبسعر (100) مئة دينار للمتر المربع الواحد".
أرى في هذا القرار تجاوزاً على أحكام الدستور الذي ساوى بين العراقيين في الحقوق كما في الواجبات وألزم الدولة بالتزام مبدأ تكافؤ الفرص حيالهم.
اذا كانت هناك ضرورة لتوفير أراضٍ لسكنى أئمة المساجد والقيّمين على الكنائس فثمة ضرورة أكبر وأسبق لتأمين مثل هذا الحق لأفراد القوات المسلحة المكلفين حفظ الأمن ومكافحة الإرهاب .. هؤلاء موضوعون في خطر داهم على مدار الساعة، وهم وعوائلهم أولى من الائمة والكهنة بان يتمتعوا بحق السكن، ومثلهم عمال الكهرباء والبلدية وغيرهما من الخدمات العامة الاساسية، وكذلك الأطباء والموظفون الصحيون والمعلمون وسواهم من فئات المجتمع التي تقدم خدمات حيوية للناس.
الخدمة التي يقدمها ائمة المساجد والكهنة هي أقرب ما تكون الى خدمات الرفاه.
لست ضد توفير الحياة الكريمة للمشتغلين في قطاع الخدمة الدينية، لكن لابد أن يشمل هذا الحق مختلف العاملين في الخدمات والمصالح العامة. ان خصّ رجال الدين بامتيازات لا يمكن تفسيره الا بوصفه تمييزاً لهم في الحقوق على سائر الناس .. واختيار هذا الوقت بالذات للاعلان عن منح هذا الامتياز يصعب النظر اليه من غير زاوية السعي لتحقيق مصلحة انتخابية للمتنفذين في الحكومة وعلى رأسهم رئيسها! اليس كذلك؟
جميع التعليقات 2
صادق حسين
( يقال :- لا تحاول أن تطعم النسر تبنــاً والحمار لحمـــاً )
ابو سجاد
لماذا ياستاذ عدنان هؤلاء يستحقون اكثر من هذا اليس هؤلاء هم الذين قاموا باصلاح الفردووضعوه على جادة الصواب وابعدوه عن ارتكاب المعاصي والعمل بما يرضي الله الم يقضوا على الفساد الاداري والمالي اللا ترى هؤلاء ساهرون ليل نهار على الاصلاح ولولاهم لامتلاءت الشوا