الجيل السابق من العراقيين تعرف على القراءة الخلدونية ، وربما مازال حتى الان يستذكر مفرداتها والصور الملحقة بها ، دار دور نار نور نوري نازدار ، ومن دق بابنا ؟ تلك الكلمات وغيرها احتفظت بسحرها ، ويكفي انها كانت المصباح الأول في طريق التعلم ثم مواصلة الدراسة والحصول على الشهادة بحسب الاستحقاق والاجتهاد .
نار ونور دخلت الى القاموس السياسي وأصبحت شعارات حملتها جداريات ولافتات ثابتة وضعت في الطرق العامة والتقاطعات ، وواجهات الأبنية الرسمية ، وحتى وقت قريب كان حزب السلطة نور لمن يهتدي ونار على المعتدي ، والإصرار على استخدام مفردتي نار ونور قد يعبر عن الإيمان بدور الآلهة القديمة في رعاية البشر بطريقتها الخاصة ، باستخدام طرق ووسائل مبتكرة في المكر والاحتيال لجعل الفرد مؤمنا بحجارة او تمثال مصنوع من التمر يقدم له الطاعة والولاء ، ولا يتجرأ على أكله في مواسم الجوع والجفاف ، او حتى في لحظة الانتشاء بشرب كميات كبيرة من الجعة أثناء الاحتفالات الدينية .
النور خيار كل السلطات وبأشكالها المتعددة في التعامل مع المهتدين المقتنعين بحياتهم ومصيرهم ، المضحين بأنفسهم للدفاع عن أله قديم او زعيم او حاكم ، اما الآخرون المعتدون فهؤلاء مصيرهم النار عندما يحتجون او يرفضون سلب كرامتهم او ينظمون الاعتصامات لنيل حقوقهم بطرق سلمية ، وحين يفكرون بالثورة لتغيير واقعهم ، تشكل لهم محاكم خاصة تنزل بهم اشد العقاب لإدانتهم بالتآمر وتنفيذ انقلاب عسكري ، والشواهد كثيرة ، سجلها التاريخ في المنطقة العربية "بأحرف من نور" العبارة المستهلكة المستخدمة من السلطات .
في الأونة الأخيرة رفعت السيطرات المنشرة في جميع أحياء العاصمة بغداد شعار" الشرطة الاتحادية نور لمن يهتدي ونار على المعتدي" والشعار ليس جديدا ، لكنه استخدم في الوقت الحاضر لكونه جاء منسجما مع ضرورات ومتطلبات المرحلة في ملاحقة الإرهابيين والكشف عن المتفجرات بأجهزة وصلت رائحة الفساد فيها الى الخارج ، وحتى هذه اللحظة لم تطبق الجهات الرسمية شعارها بان تكون نارا على المعتدين بإعلان أسماء المتورطين باستيراد الأجهزة الفاشلة ، وكم من البالغ صرفت لشرائها ، وصل القسم الأكبر منها الى بنوك خارجية لصالح حساب شخصيات ، أعلنت رغبتها في خوض الانتخابات التشريعية المقبلة لخدمة مصالح الشعب العراقي .
من حق المؤسسة الأمنية ان تعتمد اي شعار يعبر عن حرصها على ضمان الأمن واستقراره ولا يهم ان كان الشعار قديما او جديدا ، ولكن العبرة في التطبيق ، فنار الشعار اكتوى بها عباد الله من سالكي الطريق بقضاء ساعات طويلة في زحام لا يرحم ، وإجراءات روتينية يومية غير قادرة على إيقاف مسلسل التفجيرات شبه اليومية في مناطق العاصمة ، اما نور الشعار فهو مخصص لأصحاب المركبات ذات الدفع الرباعي من حملة الباجات ، وحماياتهم ، وهذا الحال سيبقى منذ طرحت القراءة الخلدونية السؤال الشهير الى "متى يبقى البعير على التل".
نور ونار
[post-views]
نشر في: 14 ديسمبر, 2013: 09:01 م
جميع التعليقات 2
ابو سجاد
والله سيبقى حتى يطلع المهدي
الناصري
تدري استاذي العزيز متى ينزل البعيييييييير من التل متى ما ينزل المالكي من علىالكرسي ......ومتى ما كفت ايران عن تدخلها في العراق ....ومتى ما ننسى شنو مذهبنا او طائفتنا او ديننا من نروح على مراكز الانتخابات