ما شغل بالي في الأيام الأخيرة بعد أن شاركت في تمثيل إحدى شخصيات مسرحية هيثم عبد الرزاق (موت مواطن عنيد) ،هو ذلك الجمع بين اللغة الفصحى والعامية كأحد العناصر الدرامية واستذكرت مهاجمتي من عدد من النقاد والمسرحيين عندما طلبت من الروائي الراحل خضير عبد الأمير ان يحوّل لغة المسرحية المترجمة عن الإنكليزية (الحيوانات الزجاجية) للأمريكي تنسي وليامز إلى اللهجة العراقية بدلا من ترجمة لغتها إلى اللغة الفصحى بادعاء ان العامية لا تناسب المسرحية الأجنبية ،وكان ردي على المنتقدين، إن اللغة العربية الفصحى هي الأخرى غريبة على لغة النص الأصلية فما الفرق؟
واستذكرت أيضا ما حدث مع ترجمة الأديب والناقد الراحل (جبرا إبراهيم جبرا) لغة مسرحية (في انتظار غودو) للإيرلندي (ساموئيل بيكيث) إلى العامية العراقية حيث لم ينتقدها إلا واحد فقط وضحكت من اعتراضه وخصوصا بعد ما راح العديد من المخرجين العراقيين يحولون لغة النصوص المسرحية المترجمة إلى العامية بحجة سهولة تقبلها من الجمهور.
في الآونة الأخيرة راح البعض من المخرجين العراقيين يستخدمون جملا بالعامية في النص المكتوب بالفصحى وحجتهم في ذلك ملاءمة الجملة العامية للموقف واستجداء لتقبل عموم الجمهور، رغم اعتقادي ان المسرحية يجب ان تكتب باللغة الفصحى تخلصا من المستوى المتدني ومن ظاهرة الاستسهال إلا إنني أعتقد أيضا ان العامية قد تكون اللغة المناسبة لبعض المسرحيات التي تحدث أحداثها في بيئات شعبية وشخصياتها من أبناء تلك البيئات ،كما أعتقد ان العامية قد تكون اكثر بلاغة في التعبير عن مواقف معينة من الفصحى وأعتقد كذلك بأن العامية قد تكون افضل وسيلة لإيصال المعلومة إلى الملتقى وأسهل طريقة في التعبير عن مواقف معينة.
لكن ما يشغل بالي اكثر هو تعدد اللغات لدى الأمم في هذا العالم وأسبابه ،حدث ذلك عندما حضرت مهرجان المسرح في أربيل وشاهدت عروضا بلغات أجنبية ،ومنها الألمانية والكاتولونية والفارسية والإنكليزية إضافة إلى اللغتين الكردية والعربية. ومن غرائب تلك العروض ما قدمته مجموعة من مقاطعة كاتالونية في إسبانيا من قراءات شعرية بلغتها وبمرافقة عزف على آلة موسيقية شعبية غريبة. قلت في داخلي كيف تتوقع هذه المجموعة من الجمهور ان يتقبل عرضهم الذي لا يفهمون منه إلا كلمة واحدة أو كلمتين في احسن الأحوال وتساءلت لماذا اختلفت لغة الكاتالونيين عن لغة الإسبان وهم يعيشون في بلد واحد؟ لماذا اختلفت لغة الألمان عن لغة الفرنسيين وعن لغة الروس وعن لغة السويديين وهم ينتمون إلى ملة واحدة ويعيشون في قارة واحدة ويتشابهون في كثير من العادات والتقاليد؟ لماذا تختلف لغات الآريين ولغات الساميين بعضها عن البعض الآخر؟
أعرف متيقنا ان اصل اللغة لدى الإنسانية واحد ألا وهو الإيماء ة الجسدية أولا والإيماءة الصوتية ثانيا وتطورت عنها الأصوات اللغوية والمقاطع الصوتية والكلمات والجمل.. الخ
وأعرف مرجعية النظريات المختلفة لنشوء اللعبة واحدة أيضا والدليل على ذلك ان حروف (الألف باء) أو الأبجدية موجودة في جميع اللغات مع فوارق بسيطة ولكن الذي لا اعرفه هو كيفية تنوع استخدامات تلك الحروف.. أو الأصوات اللغوية.
قد تكون للظروف البيئية وللعلاقات بين الأمم من خلال الحروب والغزوات والاحتلال والتبادل التجاري والتبادل الثقافي اثرها في هذا النوع ومع ذلك يبقى الأمر محيرا ويبقى التساؤل قائما.. لماذا اختلفت لغتنا العربية عن لغة الكرد؟ بل لماذا اختلفت لهجة أهل الموصل عن لهجة أهل البصرة؟ ويبقى السؤال قائما أيهما اصلح لفن المسرح اللغة الفصحاء أ رم العامية؟
ومتى وكيف تكون هذه اصلح من تلك؟ سأستمر في البحث عن الإجابة المقترحة.
لغة المسرحية بين الفصحى والعامية!
[post-views]
نشر في: 16 ديسمبر, 2013: 09:01 م
يحدث الآن
مجلة بريطانية تدعو للتحرك ضد قانون الأحوال الشخصية: خطوة كبيرة الى الوراء
استشهاد مدير مستشفى دار الأمل الجامعي في بعلبك شرقي لبنان
استنفار أمني والحكومة العراقية تتحرك لتجنيب البلاد للهجمات "الإسرائيلية"
الـ"F16" تستهدف ارهابيين اثنين في وادي زغيتون بكركوك
التخطيط تحدد موعد إعلان النتائج الأولية للتعداد السكاني
الأكثر قراءة
الرأي
مصير الأقصى: في قراءة ألكسندر دوجين لنتائج القمة العربية / الإسلامية بالرياض
د. فالح الحمــراني يتمحور فكر الكسندر دوغين الفيلسوف السوفيتي/ الروسي وعالم سياسي وعالم اجتماع والشخصية الاجتماعية، حول إنشاء قوة أوراسية عظمى من خلال اتحاد روسيا والجمهوريات السوفيتية السابقة في اتحاد أوراسي جديد ليكون محط جذب لدائرة واسعة من...