TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > جنيف 2 وإمكانات النجاح

جنيف 2 وإمكانات النجاح

نشر في: 16 ديسمبر, 2013: 09:01 م

كلما ازدادت أزمات المعارضة السورية، تتزايد الشكوك حول إمكانية نجاح جنيف 2، في وضع حل للأزمة السورية، فهي مقبلة على أحداث مرعبة، خصوصا لجهة تمسك الأسد بالسلطة، مع تراجع نفوذها أمام الجماعات الإسلامية المتطرفة، وامتناع لندن وواشنطن عن تزويدها بمساعدات عسكرية ولو غير مميتة بعد هزيمتها أمام التنظيمات الإسلامية، التي سيطرت على مقرات ومخازن أسلحة الجيش الحر، في المناطق الشمالية، وفرضت سيطرتها على أهم المعابر الحدودية مع تركيا، ما دفع بعض قياديي المعارضة لإبداء استعدادهم لضم ممثلين عن مقاتلين إسلاميين، في الوفد الذي سيتوجه إلى جنيف، رغم أن واشنطن تعهدت مؤخراً بالاستمرار في دعم المعارضة السورية "المعتدلة"، ما يعني عملياً فقدان هذا الدعم، إن بات الاسلاميون فصيلاً مقبولاً عند الائتلاف، الذي يوصف غربياً بالمعارضة المعتدلة.
في الأثناء حذّر مدير سابق للمخابرات الأميركية، من أن انتصار الرئيس الأسد قد يكون الأفضل بين سيناريوهات مرعبة، لا يتضمن أي منها انتصار المعارضة، ومنها تفتيت البلاد بين فصائل متقاتلة وما يلي ذلك من تبعات خطيرة على المنطقة برمتها، أو استمرار المعارك إلى ما لا نهاية على أسس طائفية، بين المتطرفين السُنّة والشيعة، مع الكلفة الأخلاقية والإنسانية الباهظة لهذه الفرضية، ومع كل ذلك، والتطورات العسكرية لصالح القوات النظامية على الأرض، فإن مواقف المعارضة من جنيف الثاني متباينة، وتراوح بين طرف متحمس للمشاركة، ويرى في المؤتمر نقلة مهمة تضع الصراع السوري في مسار جديد، وآخر يرفض بشكل مطلق التفاوض مع النظام، في حين يبدي آخرون مخاوفهم أن تفضي المشاركة في مؤتمر غامض ومبهم، إلى مد النظام ببعض أسباب الشرعية، ومنحه الغطاء والوقت كي يتوغل أكثر في العنف والتنكيل.
وفي حين تضع أطراف أخرى محسوبة على المعارضة شروطاً، لايبدو أن رعاة المؤتمر يأخذونها بعين الاعتبار، كالإقرار سلفاً بتنحية الأسد وأركان نظامه، ومحاسبتهم على ما ارتكبوه، أو رفض مشاركة إيران في المؤتمر، في حين يهدد المجلس الوطني ومكونات رئيسة في الجيش الحر، بالانسحاب من الائتلاف الوطني في حال مشاركته في المؤتمر، قبل تعديل موازين القوى القائم مع النظام والجماعات الإسلامية المتشددة، ما يُعطي صورة حقيقية عن معارضة ضعيفة ومضطربة ومشتتة، لا تمتلك أية رؤية واضحة بشأن مشاركتها في المؤتمر، فضلاً عن مستقبل البلاد، فإن النظام يبدو متماسكاً، وقادراً على الاستفادة من أخطاء معارضيه، والتقدم عسكرياً، وبناء قاعدة دولية لإعادة تأهيله كرأس حربة ضد المتشددين الإسلاميين، مستفيداً من دعم ايراني غير محدود، ومشاركة مذهبية تأتيه عبر الحدود، من لبنان والعراق وأخيراً من اليمن.
عشية جنيف الثاني إذا انعقد، تتعاظم حالة الاستخفاف بقدرة المعارضة السورية ودورها، فهي غير مقنعة للمبعوث الدولي الأخضر الإبراهيمي، وهي عند أطراف غربية وعربية رخوة، بحيث تقبل سريعا كل الضغوط والإملاءات، إضافة لفقدانها ثقة واحترام شعبها، بعد أن خيبت أمله عند كثير من المفاصل والمنعطفات، ما يعني أن دورها في المؤتمر لم تعد له قيمة، لأسباب أخرى عديدة، منها طبيعة تكوينها من منابت سياسية غير متجانسة، وارتهانها إلى أجندات خارجية، ما أفقدها القدرة على بناء مواقفها السياسية الواضحة والمطلوبة، لإقناع العالم بها بديلاً للنظام، إضافة إلى غربتها عن الحراك الشعبي في الداخل، الذي اتجه إلى عسكرة تحركاته، رداً على عنف السلطة وجبروتها، وبحيث لم تعد هذه المعارضة، أو المعارضات، قادرة على استنباط دور سياسي يتفاعل مع الحراك الشعبي، خاصة في شقه العسكري المتشرذم والمتصارع، ما ولد حالة يقينية بشأن كفاءتها، وقدرتها على قيادة أي تغيير محتمل.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 1

  1. نورسليمان

    رائع كعادتك استاذ حازم مبيضين الكاتب الكبير والصحفى الراقى ...تحليلك رائع وهام جدا يعطى للاحداث بعدا اخر ... خالص محبتى لك

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

هل ستعيد التشكيلة الوزارية الجديدة بناء التعليم العالي في العراق؟

العمود الثامن: معركة كرسي رئيس الوزراء!!

العمود الثامن: من كاكا عصمت إلى كاكا برهم

العمود الثامن: عبد الوهاب الساعدي.. حكاية عراقية

السيد محمد رضا السيستاني؛ الأكبر حظاً بزعامة مرجعية النجف

العمود الثامن: يزن سميث وأعوانه

 علي حسين منذ أيام والجميع في بلاد الرافدين يدلي بدلوه في شؤون الاقتصاد واكتشفنا أن هذه البلاد تضم أكثر من " فيلسوف " بوزن المرحوم آدم سميث، الذي لخص لنا الاقتصاد بأنه عيش...
علي حسين

كلاكيت: مهرجان دهوك.. 12 عاماً من النجاح

 علاء المفرجي يعد مهرجان دهوك السينمائي مجرد تظاهرة فنية عابرة، بل تحوّل عبر دوراته المتعاقبة إلى أحد أهم المنصات الثقافية في العراق والمنطقة، مؤكّدًا أن السينما قادرة على أن تكون لغة حوار، وذاكرة...
علاء المفرجي

فـي حضـرة الـتـّكـريــم

لطفيّة الدليمي هناك لحظاتٌ تختزل العمر كلّه في مشهد واحد، لحظاتٌ ترتفع فيها الروح حتّى ليكاد المرء يشعر معها أنّه يتجاوز حدود كينونته الفيزيائية، وأنّ الكلمات التي كتبها خلال عمر كامل (أتحدّثُ عن الكاتب...
لطفية الدليمي

سافايا الأميركي مقابل ريان الإيراني

رشيد الخيّون حصلت أكبر هجرة وتهجير لمسيحيي العراق بعد 2003، صحيح أنَّ طبقات الشعب العراقي، بقومياته ومذاهبه كافة، قد وقع عليهم ما وقع على المسيحيين، لكن الأثر يُلاحظ في القليل العدد. يمتد تاريخ المسيحيين...
رشيد الخيون
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram