من محاسن الديمقراطية في أسوأ حالاتها وخاصة بنسختها العراقية المتفردة ، أنها لا تمنح السلطة لاحد سواء أكان حزبا ام جهة إلا عبر صناديق الاقتراع ، وفي بعض الأحيان يحاول المتنفذون بشتى الطرق والوسائل البقاء في مواقعهم ومناصبهم لدورة ثانية وثالثة ورابعة وربما لحين حلول يوم القيامة لاعتقادهم بان منجزاتهم السابقة منحتهم صفة رجال دولة من طراز فريد ، لايمكن الاستغناء عن خدماتهم في قيادة البلاد ، "زلم الدولة" طبقا للوصفة العراقية يدعون امتلاكهم قواعد شعبية ورصيدا جماهيريا كبيرا ، وتأييدا محليا وخارجيا من شانه ان يضعهم في المكان المناسب ، لخدمة شعبهم وسيحققون المزيد من المنجزات والمكاسب عندما يتوجه الملايين الى صناديق الاقتراع.
ادعاءات "الزلم الخشنة " ، النشامى من سياسيين ومسؤولين ، تروج لها عشرات الفضائيات الحزبية التي دخلت في إنذار جيم منذ أيام استعدادا لخوض المنافسة الانتخابية كممارسة ديمقراطية فأخذت تقوم بتلميع صور أسيادها وتطرحهم بدائل لتولي المسؤولية في الحكومة المقبلة بوصفهم يمتلكون قدرات كبيرة تمنحهم منصب رئيس الوزراء ، وطرحت أسماء محددة لشغل المنصب ، مع مناشدة برفع الدعوات ليلتفت القدر بمنح فلان الفلاني رئاسة الوزراء في المرحلة المقبلة ، لتصحيح أخطاء سابقة ، وإرساء أسس بناء دولة مدنية عصرية على يد رجل الدولة المفترض الذي لا يختلف عن الآخرين من زلم الدولة ، وبفضلهم احتل العراق المرتبة الاولى في قائمة الدول الأكثر فسادا في العالم.
من حق العراقي ان يسال ، أين رجال الدولة ؟ ومن يستطيع إنقاذه من تدهور الأوضاع الأمنية؟ ، وتراجع الخدمات واستمرار فصول مأساته؟ هذه الاسئلة وغيرها لا تجد لها إجابة في المشهد السياسي ، وفضائيات الأحزاب تركز على تحشيد عباد الله للمشاركة في الاقتراع ، لأنه الخيار الوحيد لمنح "زلم الدولة" فرصة التغيير والتصحيح ثم الانتقال الى مصاف الدول المتقدمة .
العراقي حينما يستعرض الأسماء المطروحة لتولي منصب رئيس الوزراء لا يجد فيها شخصا جديرا بالثقة ، والتجربة خير برهان ، وبحساب العرب ، توفرت الرغبة لدى الناخب في التغيير وإزاحة من احتل المشهد طيلة السنوات الماضية ، لكن إرادة الناخبين ستصطدم بعقبات وعراقيل ، ولا خيار له سوى تصديق أكذوبة "زلم الدولة " لاختيار احدهم ليتصدى للمهمة المقبلة ، ثم ينتظر اربع سنوات اخرى ليحصل على مفردات بطاقته التموينية ، ويعلق آماله على مسؤول شجاع ليرفع جميع السيطرات من العاصمة بغداد ، ويعول على مجلس نيابي يشرع قوانين مهمة تتعلق بشكل مباشر بحياة العراقيين.
يبدو ان العراق اليوم يعاني غياب" رجال الدولة" وان صحت هذه الحقيقة فالأزمة خطيرة وتحتاج الى سقف زمني طويل لمعالجتها ، ومن يعتقد بان القيادي في الحزب الفلاني وزميله الآخر في ذات الحزب هما افضل "زلم الدولة" في العراق بحسب ترويج احدى الفضائيات فانه واهم ، وهذا التيس من ذلك الصخل.
زلم الدولة
[post-views]
نشر في: 16 ديسمبر, 2013: 09:01 م