كان ياما كان بهذا الاستهلال كانت الجدات والأمهات يبدأن سرد الحكاية ، للصغار من الأبناء والأحفاد ، وقبل ان يستسلم المستمعون للنعاس ، تنتهي الحكاية بالقول وعاشوا عيشة سعيدة ، وعلى ضوء الفانوس تقوم الأم بقيادة أبنائها نحو مخادعهم ، وكل اثنين بلحاف ، ونومة العوافي حتى الصباح ، في ذلك الزمن البعيد لم تكن الكهرباء متوفرة في كل البيوت ، والانقطاع عن العالم الخارجي حالة عامة يشترك فيها الجميع ، باستثناء مالكي الراديوهات والتلفزيونات ، الحريصين على متابعة الأخبار المحلية والخارجية ، وعلى هؤلاء تقع مهمة اطلاع الآخرين باخر الأحداث والمستجدات ، مع زيادة يضيفها المتحدث تنسجم مع مزاجه الشخصي وتوجهاته وآرائه السياسية السياسية ان وجدت .
نقل الأخبار السياسية قبل انتشار استخدام وسائل الاتصال تكون عادة مثل كرة الثلج وفي بعض الأحيان تضطر الجهات الرسمية الى نفيها او تكذيبها عندما يتعلق الخبر المتداول بنشاط مسؤول او قرار تعتزم الحكومة إصداره له علاقة مباشرة بتحسين الواقع المعيشي لأبناء الشعب ، والجيل السابق من البغداديين كان يتداول حكاية بطلها موظف بسيط في وزارة العدل ، عرف عنه انه متابع جيد للإذاعات ، وكان ينقل ما يسمعه الى صحفيين يعملون في صحف محلية ، وهؤلاء ينشرون الخبر ومصدره مسؤول كبير في وزارة العدل ، وفي احد الأيام نشرت صحيفة محلية خبرا يقول ان الحكومة ستمنح جميع العراقيين إكرامية خمسة دنانير لكل فرد لمناسبة حلول عيد الأضحى ، وبهذا الخبر حققت الجريدة مبيعات كبيرة ، واصبح الخبر على كل لسان ، وهناك من وضع خطة لانفاق الإكرامية ، وآخر عده خطوة جاءت في الوقت المناسب لإنقاذه من أزمة مالية خانقة والتخلص من ملاحقة "الديانة " .
وسط أجواء البهجة والترحيب الشعبي بالإكرامية أصدرت الحكومة في ذلك الوقت بيانا نفت فيه عزمها منح الفرد العراقي خمسة دنانير ، وفيما حذرت من تداول هذا النوع من الأكاذيب والشائعات أكدت ان ميزانيتها لا تتضمن بابا لمنح الإكراميات ، وانها ستعاقب الجريدة التي نشرت الخبر الكاذب .
الجريدة صاحبة الخبر نشرت في اليوم التالي نص البيان الحكومي ، وقدمت اعتذارا للقراء والمسؤولين ، وذكرت انها طردت الصحفي صاحب الخبر ، وهذا بدوره توجه الى مصدره الموظف في وزارة العدل ليشكو له مصيره فرد الأخير بان الخبر سمعه من إذاعة عربية وليست عراقية ، وانتهت السالوفة ولكن الحديث عن الإكرامية ظل متداولا بين الكثيرين ممن لم تتوفر لهم فرصة الاطلاع على البيان الحكومي .
سالوفة الزمن الحاضر تقول ان الحكومة اعتمدت خطة أمنية لملاحقة عناصر داعش وأخواتها ، واعلن مسؤول امني ان الأيام المقبلة ستشهد تنفيذ عمليات استباقية تستهدف حواضن الجماعات الإرهابية في الأنبار ونينوى وشمال بابل ، وستزف بشرى اجتثاث الإرهاب ، وعاشوا عيشة سعيدة ونوم العوافي .
سالوفة
[post-views]
نشر في: 18 ديسمبر, 2013: 09:01 م