قدم نادي الكتاب في كربلاء أمسية سينمائية انقسم إلى قسمين ،كان القسم الأول منها الحديث عن السينما وانحسار دور العرض السينمائي في العالم ،والثانية كانت تقديم ثلاثة أفلام قصيرة تبين معنى السلام وأهمية الابتسامة وما يمكن ان تمنحه العلاقات الاجتماعية من ب
قدم نادي الكتاب في كربلاء أمسية سينمائية انقسم إلى قسمين ،كان القسم الأول منها الحديث عن السينما وانحسار دور العرض السينمائي في العالم ،والثانية كانت تقديم ثلاثة أفلام قصيرة تبين معنى السلام وأهمية الابتسامة وما يمكن ان تمنحه العلاقات الاجتماعية من بناء مجتمع فاضل قدمها الشاب حسين المستوفي.
ويقول رئيس النادي ومقدم الأمسية الباحث خليل الشافعي: إن السينما كما هي الموسيقى وكما هو المسرح عمل اجتماعي لا علاقة السياسة رغم انه يستغل من قبل السياسيين..ولذا فان التدخل السياسي صنع لنا أزمة سينما في العراق..ولأن المجتمع ابن ساسته فإن انحسار دور العرض السينمائي يبين لنا أيضا عدم وجود صناعة سينمائية وان التأثيرات السياسية والاجتماعية لها تأثير بالغ مما يولد غيابا أيضا لدور العرض السينمائي..ووضع الشافعي تساؤلا مفاده:ما الذي يجعل فنا كهذا متراجعا في عالمنا وهل هناك متغيرات اجتماعية ساهمت في جعل المؤثر السياسي والدين له تأثير على الانحسار.
الناقد والسينمائي علاء مشذوب قدم أمسية عن السينما عنوانها :السينما وانحسار دور العرض السينمائي بدأها أولا بقوله ان هناك اختلافا بين السينما ودور العرض كما هو الفرق الحاصل الآن بين الخط كفن كان سابقا يحتل مكانة مرموقة في التجارة والصناعة .والإعلانات الآن أصبحت فنا للمعارض فقط ،لأن التقنيات دخلت عليه..ويضيف انه لا يمكن للثقافة إلا ان تكون من بنات أفكار الزمن الذي تعيشه، وينعكس هذا جليا على كل الآداب والفنون وأخواتها التي هي بنات الثقافة. ولما كنا في زمن ديدنه السرعة والإيقاع المتراكض في فضاء النت وأخواته، كانت الثقافة بروميتر لها، ولكن النقطة المهمة التي أريد أن أثيرها هنا، انه لا يوجد فن ينسخ فنا آخر، كما في الفن التشكيلي ومن ثم الفوتوغراف وصولا إلى الصورة المتحركة، ولكن من الممكن أن يركن على جنب بعض الفنون الذي يأخذ التطور مكانه كما في الخط وأنواعه ،فيكفي ان تكتب على وورد ما تريده وأن تعطي الحاسبة أمرا ليحول لك ذلك الخط إلى الرقعة أو الكوفي وغيرها من الأنواع.
وفي ما يخص السينما، كدور عرض أضحت الآن الكثير من القاعات السينمائية وقد أغلقت أبوابها، ففي زمن الإيقاع السريع، يصعب ان تجد عند الكثير من المثقفين أو النخبة من الوقت بحيث يجلس في قاعة مظلمة ليشاهد فيلما سينمائياً، ليس قصورا بالفيلم السينمائي، وإنما نحن جزء من عصر السرعة والإيقاع المتراكض والمتضارب في آن واحد. وهنا لابد ان نقول ،هناك فرق بين دار العرض السينمائية والسينما (كفن الحركة) والفيلم السينمائي.ويشير إلى انه يقصد هنا ان دور العرض في طور الاضمحلال، وقد حلَّ محلها الفضائيات التي تشتري الأفلام السينمائية، بعد ان تتقهقر في دور العرض ولن يمضي على دورانها أيام قد لا تتجاوز العشرين يوماً، أما ما يخص الفيلم السينمائي فهو فن ما زال يحتفظ ببريقه ولا أعتقد انه سينطفئ لتبقى السينما كفن الحركة، هي الرائد التي أضحى الزمن يسمى باسمها وهو عصر الصورة، الذي يتجلى بأشكال وأحجام مختلفة.
إلا أن الشاعر نبيل الجابري عبر عن اختلافه مع رأي مشذوب بقوله:ربما أختلف تماماً مع الرأي الذي طرحة الأستاذ علاء مشذوب، والقائل بانحسار دور العرض السينمائي عالمياً، كون مثل هذا الرأي يحتاج بالدرجة الأساس إلى دراسة علمية إحصائية، حتى يمكننا التأكد وبالتالي يمكن تعميمه، في العراق ربما يكون الأمر، وهو ليس بالجديد في بلد تنقصه الكثير من مقومات البنى التحتية لينهض بمشروع ثقافي متكامل، لكنه عالمياً وفي بلدان كأرميركا وأوروبا فإن الأمر مختلف تماماً، دور العرض ما زالت رائجة بمرتاديها، والمجتمعات هناك تخصص وقتاً للمشاهدة والاضطلاع على آخر ما أنتجته السينما العالمية، البرامج التلفازية التي توضح مستوى أول عشرة أفلام عالمياً مرتبطة وما زالت بشباك بيع التذاكر، الأفلام هي الأخرى – خصوصاً إن كانت ثرية ومؤثرة- ما زالت تبقى لسنتين وثلاث على شباك التذاكر في دور العرض بالرغم من وجود البديل ،أقصد به شبكات التواصل الاجتماعي والشبكات العالمية.. أرى أن الدول التي تخطط بشكل دقيق هي الأقدر على أن تحافظ على دور العرض السينمائي حتى بوجود البدائل.
الأديب علي لفته سعيد قال :إنه يؤيد رأي المحاضر مشذوب ويختلف معه، فهو يؤيده من ان هناك انحسارا في دور العرض ،ولكن في العالم العربي ،لأن الربيع العربي وتسنم الأحزاب الإسلامية فيها وخاصة مصر على السلطة هناك جعل السينما تتراجع وهو ما نراه جليا في اعتراضات الكثير من الفنانين، وأضاف إن انحسار دور العرض في العالم العربي وقبلها في العراق يأتي لأن الخصيصة الاجتماعية تتأثر بالسلطة وليس لأن المواطن الفرد ليس لديه الوقت ليمضيه وهو ما يؤثر على صناعة السينما..وفي العالم الغربي ثمة صناعة سينمائية كبيرة ومهرجانات عالمية ولا صناعة سينما بدون دور عرض وإلا أين يتم عرض هذه الأفلام التي تنفق الملايين من الدولارات لكي تنتج فيلما ليس بالتأكيد للمشاركة في المهرجانات ،وهو الجزء الذي أختلف فيه مع الأديب مشذوب..ويوضح سعيد أن الفرد إذا ما وجد متسعا من الحرية وكان ممتلئا اجتماعيا فإنه سيكون حاضرا ،والدليل أن مباراة بكرة القدم يحضرها عشرات الآلاف من المشاهدين وهي تقضي وقتا أكثر من ساعتين وكذلك لو ان هناك مهرجانا للشعر الشعبي مثلا فإن جمهوره أكثر عددا من جمهور مهرجانات الشعر العربي لأن المجتمع يتقبل مثل هكذا حركة تلائم وضعه الاجتماعي وواقعه السياسي والديني كذلك.