كل عام،، في مثل هذي الأيام من كل عام،، تحتدم سنوات العمر المديدة في حومة الصدر، يضيق بها إذ تتسع، تتزاحم، تعترك، تتصالح، تتخاصم ـ تستطيل، تتكور، ثم تلملم تفاصيلها لتغدو أصفى من قطرة دمع، وأبعد من أمنية مستحيلة.
كل سنة، اطلق العنان للمخيلة، واستسلم لعادة قديمة _ لا أتشفع لها دفعا _ أصغي طائعة لدقات ساعة بعيدة، وأراقب عقرب الثواني، بتأن وصبر.. من منكم اقترف – مثلي – المقارنة بين دقات القلب وحركة بندول الساعة؟: يمنة، يسرة، شهيق زفير. يسرة يمنة: زفير، شهيق.. زفير زفير ، زفير مسموم تطلقه الأخبار: الفجار يلبسون مسوح الرهبان الزاهدين، والمتربصين يتناسلون.
كل عام، في مثل هذي الأيام تحمل لنا النشرة الجوية نوايا الطقس الخؤون، المذيع يبتسم بشماتة: أيها السادة، السماء تنذر بالرعود، ثمة مطر ورياح، ربما يهطل ثلج كثيف، لا تخرجوا بغير المعاطف الثقيلة، ولا تنسوا المظلات!!
أهذا مذيع نشرة جوية، أم تراه سياسي متمرس يمارس التقية...... وإلا ، فمم يحترس او يخاف الخائف؟ أمن صاعقة يخاف أو من تهمة كيدية؟، وما نفع المظلة مع الذين أصابهم البلل حد النخاع؟
في مثل هذي الأيام من كل عام تسكنني صلوات جليلة. أغمض عيني وأفتح قلبي، وأتخيل عالما نقيا، لا حروب فيه ولا ضحايا حروب لا مجاعات ولا طواعين، عالم، لا ظلم فيه ولا جور، بل محض إنصاف وعدالة. للناس حق العيش والتمتع بالطيبات،للنابهين حق التعلم، للقادرين حق العمل، وللمرضى حق العناية، ولكبار السن حق الرعاية..و......و...
أفتح عيني، وأقرأ ما كتبت من اليمين إلى اليسار، ثم من اليسار لليمين، فأخاف ويقشعر بدني هلعا، فهذا الذي أطلبه وأرفع صوتي لتحقيقه، ممنوع ومحرم وغير مشروع، سيما في بلد مثل بلدي:: ثري حد اللعنة، فقير حد الكفر، قوي بالغير ، ضعيف بذاته وبالقيمين عليه، مؤمن حد الخرافة والضلالة، كافر حد الزندقة , سليم رغم عاهاته، عليل دونما علة، عاقل ساعة اللهو، مجنون حين يجد الجد.....
أيها الأصدقاء..ما حيلتي؟ والعام الجديد يطرق الأبواب، وسيناريو الأعوام السابقة يتكرر، ويتكرر، وإن كان ينتحل – كل عام – شكل بطاقة بهيجة ألوانها، بهية تفاصيلها، مطرزة بالنمنم والخرز:: كل سنة وانتم وبلدي.. بعز وأمان، ووافر الخير!.
السيناريو القديم يتجدد.
[post-views]
نشر في: 25 ديسمبر, 2013: 09:01 م