اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > ترويض النمور العراقية

ترويض النمور العراقية

نشر في: 27 ديسمبر, 2013: 09:01 م

كان العراقيون نمورا حين انتزعوا استقلالهم من الاستعمار البريطاني..رصفوا الدرب الى الحرية بالجماجم وعبدوه بالدم وتصوروا انهم بلغوا منتهى غاياتهم فسلموا قيادتهم بيد سلطات عدة...بعضها جاء بالوراثة وبعض آخر بثورات شعبية وجاءت أخرى بالقوة والغدر وصولا الى مجيء سلطات اختارها الشعب عن طريق الانتخابات..
ولأنك اذا أردت ان تختبر شخصية رجل عليك ان تمنحه السلطة والقوة كما قال الرئيس الأمريكي ابراهام لينكولن فقد اختبر العراقيون رجالا عدة فشل اغلبهم في الاختبار اذ كانت السلطة لديهم غالبا عدوا للديمقراطية، وكانت القوة لديهم دائما عدوا للحرية...
ومع مرور العقود واختلاف الأجيال، خضع العراقيون لترويض قاس كما النمور وكانت خطة الترويض تقوم على التجويع والترهيب، هذه الخطة السحرية التي يخضع لها اكثر النمور شراسة ليصبح في النهاية طوع امر مروضه..هو لا يحبه في قرارة نفسه لكنه يخشاه ويحتاجه لسد رمقه فهو محبوس داخل قضبان الخوف والجوع الأبدية وحياته تتوقف على مدى رضى الحاكم عنه...
بهذه الطريقة، مرت على العراق أزمنة سيئة وكان اسوأها زمن اصبح فيه الصغير كبيرا والكبير صغيرا، وغدا فيه الجاهل عالما، والعالم جاهلا..ومات فيه أصحاب المواهب والكفاءات، وقفز على قمته الجهلاء..لا تستغربوا بعد الآن ان يتسلم رجل عدة مسؤوليات حساسة دون ان يحمل شهادة واحدة تؤهله لأي منها او خبرة كافية تجعله افضل من يديرها...هذا الرجل هو آخر من حمل لواء السلطة في العراق وابتدع نظام الكلمة الأسبوعية اقتداء برؤساء البيت الأبيض ليصرح لشعبه وليس لـ(يصارحه) بما في جعبته..انه يستخدم الترغيب تارة والترهيب تارة أخرى محاولا التعبير عن صورة مبهرة للحاكم الديمقراطي الذي اختاره الشعب وعاود اختياره وربما سيعاود اختياره فهو خلطة سحرية لا تتكرر وصاحب يد فذة قادرة على الإمساك بخيوط متعددة لمسؤوليات (شي ميشبه شي)..
الغريب انك لو فتشت في أعماق أبناء شعبه سيقولون لك انهم لا يحبونه، لكنه افضل الموجودين، فقد كشفت السنوات الأخيرة زيف ولصوصية وإجرام الآخرين.. والأغرب ان المالكي لم يكن افضلهم في عملية كشف الوجوه فتحت ملامح وجهه التي يحاول ان يسبغ عليها البراءة تمتد أنياب ذئبية تتحين الفرص لتنهش أجساد من يقف في طريقه لمعاودة حكم الشعب وسوف تنهش الشعب ذاته كما حصل في تجارب سابقة فالدكتاتور لا يطيق المعارضة والمعارضون في حكمه خونة وأعداء ومتآمرون أشرار ويجب ان يموتوا او يتم تسقيطهم سياسيا..كما ان الدكتاتور قد لا يسرق الأموال ليحولها الى حسابه فهي اصغر السرقات في المجتمع لكنه يمارس اقبح السرقات وأكبرها حين يوجه جهود الدولة وكل أموالها الى بنوك للدعاية له.. ما حاجته اذن الى السرقة وهو يملك حرية التصرف المطلقة في كل شيء ولا يعوزه الا التصفيق والهتاف ليرسخ دكتاتوريته؟!..
اعتقد ان الدكتاتورية تستشري وتجد لها أرضا خصبة مع شعوب تحيط بها النيران من كل جانب ولا تحاول ان تصرخ وتحاصرها النكبات من كل مكان ولا تحاول ان ترفض..ويحكمها الشر وترضى ويسود فيها الصغار وترضخ ويذبح فيها الشرفاء كل يوم..وتصمت..فهل سنسمح لها بذلك؟..هل تم ترويضنا وما عدنا تلك النمور الشرسة...هل صرنا نخشى فقدان مروضنا خوفا من ان يأتي من هو اكثر منه قدرة على ترهيبنا وتجويعنا لنرضخ اكثر؟...هذا هو السر اذن..لقد اعتدنا العيش داخل القضبان لنستجدي أبدا رضى حاكمنا...

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

بالصور| تظاهرات حاشدة أمام وزارة التخطيط للمطالبة بتعديل سلم الرواتب

805 قتلى وجرحى بأعمال شغب مستمرة في بنغلاديش

مجلس النواب يعقد جلسته برئاسة المندلاوي

خبراء يحذرون: أغطية الوسائد "أقذر من المرحاض" في الصيف

القبض على 7 تجار مخدرات في بغداد وبابل  

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

العمودالثامن: عقدة عبد الكريم قاسم

العمودالثامن: فولتير بنكهة عراقية

عاشوراء يتحوّل إلى نقمة للأوليغارشية الحاكمة

من دفتر الذكريات

وجهة نظر عراقية في الانتخابات الفرنسية

العمودالثامن: هناك الكثير منهم!!

 علي حسين في السِّيرة الممتعة التي كتبتها كاترين موريس عن فيلسوف القرن العشرين جان بول سارتر ، تخبرنا أن العلاقة الفلسفية والأدبية التي كانت تربط بين الشاب كامو وفيلسوف الوجودية استبقت العلاقة بين...
علي حسين

كلاكيت: الجندي الذي شغف بالتمثيل

 علاء المفرجي رشح لخمس جوائز أوسكار. وكان أحد كبار نجوم MGM (مترو غولدوين ماير). كان لديه أيضا مهنة عسكرية وكان من مخضرمين الحرب العالمية الثانية. جيمس ستيوارت الذي يحتفل عشاق السينما بذكرى وفاته...
علاء المفرجي

من دفتر الذكريات

زهير الجزائري (2-2)الحكومة الجمهورية الأولىعشت أحداث الثورة في بغداد ثم عشت مضاعفاتها في النجف وأنا في الخامسة عشرة من عمري. وقد سحرتني هذه الحيوية السياسية التي عمّت المدينة وغطت على طابعها الديني العشائري.في متوسطة...
زهير الجزائري

ماذا وراء التعجيل بإعلان "خلو العراق من التلوث الإشعاعي"؟!

د. كاظم المقدادي (1)تصريحات مكررةشهدت السنوات الثلاث الأخيرة تصريحات عديدة مكررة لمسؤولين متنفذين قطاع البيئة عن " قرب إعلان خلو العراق من التلوث الإشعاعي". فقد صرح مدير عام مركز الوقاية من الإشعاع التابع لوزارة...
د. كاظم المقدادي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram