TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > تونس و3 سنوات ثوره

تونس و3 سنوات ثوره

نشر في: 27 ديسمبر, 2013: 09:01 م

بعد ثلاث سنوات على الثورة التونسية، التي كانت الخطوة الأولى في مشروع الربيع العربي، المُتحول في مُعظمه إلى خريف بارد، تُخيّم على من قاموا بتلك الثورة مشاعر اليأس، نتيجة احتدام الصراع بين السياسيين وزعماء الأحزاب، حول اقتسام السلطة، وليس حول أفضل السبل للخروج بالمجتمع التونسي، من حاله الراهنة الموروثة عن نظام بن علي، وفيما يتواصل النقاش العقيم، فإن الفقراء يزدادون فقراً، وينتعش الإرهاب على يد المتأسلمين، في عمليات هي الأكثر تعبيراً عن فكرهم الإقصائي، ورغبتهم غير المخفية في التفرد بالسلطة، رغم ما بين قياداتهم من تباينات، خاصةً في أعلى هرم حزب النهضة.
من أبو زيد إلى شوارع تونس العاصمة وأحيائها الشعبية، مروراً بكل مدينة وقرية، ينتظر الفرج عشرات آلاف الغلابى، الذين جابهوا كل أجهزة نظام بن علي، متجاوزين حواجز الخوف والرهبة، بعد أن تحدّوا عامل الخوف الذي طالما سيطر على مختلف فئات المجتمع أيام حكمه، في حين تهيمن على سياسات البلاد حركة النهضة، متحالفة مع حزبين هامشيين، يزعمان إيمانهما بالعلمانية ودفاعهما عن اليسار، وتزعم نهضة الغنوشي أنها تعمل على تسليم السلطة، لكوكتيل عجيب من الأحزاب المتضاربة الأهداف، والهدف الواضح هو إقناع العالم الغربي، أن هناك شكلاً من الديمقراطية في الساحة السياسية التونسية.
القارة العجوز، التي ظلّت تُنافس واشنطن على الساحة التونسية، ورغم أزماتها الاقتصادية، ضخّت ما يقرب من 200 مليون دولار، لدعم الإصلاحات الاقتصادية، وتقوية العملية الديمقراطية، التي توضّح اليوم، وعلى يد نهضة الغنوشي، أنها لم تكن أكثر من ديكور باهت، يحاول التستر على حكم ينتمي للقرون الوسطى، ويُهمّش كل القوى السياسية، التي لا تؤمن بقيادته وأفكاره، وتُداس فيه حقوق الإنسان، وتُغتال الديمقراطية، بينما تصم العواصم الغربية آذانها، وتغمض عيونها، عن كل ما يقترفه حكام تونس الجدد، بحق شعبهم ووطنهم، ما داموا يُؤمّنون المصالح الغربية، والأوروبية منها على وجه الخصوص.
لا يسكت الأميركيون عما يجري في تونس ، وهم ينفضون أيديهم من محاولتهم البائسة، لتأهيل الإسلاميين للحكم في منطقة الشرق الأوسط، وخاصة بعد فشل تجربتهم في مصر، وفلتان الأمور في ليبيا، وهم يسعون للحد من نفوذ حركة النهضة، وسيطرتها على مقدرات البلاد، وليس ذلك بعيداً عن تنافسهم مع الأوروبيين، لكنهم يتحركون هنا بحذر، خشية ردود فعل عنيفة، جرّبوها في ليبيا والقاهرة وتونس نفسها، واستهدفت بعثاتها الدبلوماسية، ويبدو أن صانع السياسة الأميركي، وهو ليس الرئيس وحده، أدرك ولو متأخراً أن فكر جماعات الإسلام السياسي، يقوم أصلا على العداء مع غير المسلمين، وهو عداء يصل حدّ شن الحروب، إن توفرت الظروف المُلائمة لشنّها.
لا تعني سيطرة النهضة والمتحالفين معها على السلطة، سيطرتهم على البلاد، التي تفتقد الأمن والأمان، فأنصار الرئيس المخلوع، والمنتسبون لحزبه المنحل، يُجمّعون صفوفهم، على أمل استرجاع نفوذهم بأي طريقة، وبكل وسيلة، وهم في سبيل ذلك يؤسسون أحزاباً صغيرة، تدعو للعودة لما كان سائداً من ليبرالية شكلية ومشوهة، وليس غريباً أن تجد مثل هذه التحركات أصداء لها في المجتمع التونسي، المنفتح والرافض لاستبداد الإسلاميين، ورغبتهم بالزج في البلاد في تجارب تستلهم النموذج الأفغاني، مع بعض التطوير في المظهر، إلى أن يتم التمكين النهائي،
والتجربة التونسية التي ابتدأت على لظى اللهيب الذي التهم البوعزيزي، وفجّرت الأوضاع في العالم العربي، تطرح سؤالاً عن مدى تحقق أهداف الثورة التونسية؟ وهل تحققت أحلام من ناضلوا لتنتصر، الجواب ليس بحاجة للتوضيح.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

عمليات بغداد تغلق 208 كور صهر و118 معمل طابوق وإسفلت

أسعار الصرف اليوم: 143 ألف دينار لكل 100 دولار

ترامب: أوقفتُ 8 حروب وأعدتُ "السلام" للشرق الأوسط

الأنواء الجوية: انتهاء حالة عدم الاستقرار وطقس صحو مع ارتفاع طفيف بالحرارة

حصار فنزويلا ينعش النفط… برنت وغرب تكساس يقفزان في آسيا

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

هل ستعيد التشكيلة الوزارية الجديدة بناء التعليم العالي في العراق؟

العمود الثامن: معركة كرسي رئيس الوزراء!!

العمود الثامن: من كاكا عصمت إلى كاكا برهم

العمود الثامن: عبد الوهاب الساعدي.. حكاية عراقية

السيد محمد رضا السيستاني؛ الأكبر حظاً بزعامة مرجعية النجف

العمود الثامن: يزن سميث وأعوانه

 علي حسين منذ أيام والجميع في بلاد الرافدين يدلي بدلوه في شؤون الاقتصاد واكتشفنا أن هذه البلاد تضم أكثر من " فيلسوف " بوزن المرحوم آدم سميث، الذي لخص لنا الاقتصاد بأنه عيش...
علي حسين

كلاكيت: مهرجان دهوك.. 12 عاماً من النجاح

 علاء المفرجي يعد مهرجان دهوك السينمائي مجرد تظاهرة فنية عابرة، بل تحوّل عبر دوراته المتعاقبة إلى أحد أهم المنصات الثقافية في العراق والمنطقة، مؤكّدًا أن السينما قادرة على أن تكون لغة حوار، وذاكرة...
علاء المفرجي

فـي حضـرة الـتـّكـريــم

لطفيّة الدليمي هناك لحظاتٌ تختزل العمر كلّه في مشهد واحد، لحظاتٌ ترتفع فيها الروح حتّى ليكاد المرء يشعر معها أنّه يتجاوز حدود كينونته الفيزيائية، وأنّ الكلمات التي كتبها خلال عمر كامل (أتحدّثُ عن الكاتب...
لطفية الدليمي

سافايا الأميركي مقابل ريان الإيراني

رشيد الخيّون حصلت أكبر هجرة وتهجير لمسيحيي العراق بعد 2003، صحيح أنَّ طبقات الشعب العراقي، بقومياته ومذاهبه كافة، قد وقع عليهم ما وقع على المسيحيين، لكن الأثر يُلاحظ في القليل العدد. يمتد تاريخ المسيحيين...
رشيد الخيون
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram