من اجمل المقالات التي قرأتها في آخر اسبوع من هذه السنة وأكثرها ايلاماً وإثارة للندم كذلك، ما كتبه السيد عادل عبد المهدي، عن تلاعب المستبدين بعواطف الناس، وخوضهم في مغامرات تنتهي بدمار الامم، تحت اغطية سطحية يراد للناس ان تتحول معها الى قردة وجرذان اختبار، فتتقبلها وتصفق للزعيم الاوحد، حتى وهو يقود البلاد نحو العار والشنار.
انقل هنا ٤ فقرات مما كتبه النائب المستقيل لرئيس الجمهورية، ونشر صباح الاثنين، غداة تنفيذ المالكي تهديده لمعتصمي الانبار، و"حرقه خيامهم" بطريقة فاقت في رمزيتها، كل الاخطاء التي أرهقتنا نهاية عام ٢٠١١ (أزمة الهاشمي)، وفي آخر ايام العام الماضي "فضيحة العيساوي"، وعند الساعات الأخيرة لسنتنا هذه.
عواطف ومغامرات
يكتب عبد المهدي: "بنت "النازية" مجمل سلوكياتها على نظرية "الانعكاسات الشرطية" للعالم الروسي "بافلوف" وتجاربه التي أجراها على الحيوانات، والقردة خصوصاً، فطورها "غوبلز" وجعل التخويف والاثارة واستثمار العواطف الجياشة، سبيلاً للتضليل والتخلص من الخصوم، وكم الافواه لحشد الانصار والحملات في المغامرات الجنونية. صدام اقتدى في سلوكه بنفس النظريات.. وبدأ بالتلاعب بعواطف السطح.. فالعراقيون وطنيون.. وعليه فان الاتهام بـ "التبعية" ستخفف من ردود فعلها، وطنية العراقيين.. فشن حملة واسعة لطلاق الزوجين وللتهجير واسقاط الجنسية تحت شعارات وطنية دفعنا وما زلنا ندفع ثمنها".
كم غطاء للجنون؟
يكتب عبد المهدي: "بل شن الحرب واعتبر ايران العدو التاريخي للعرب، بغطاء المشاعر القومية والخطر الفارسي المجوسي، فوقف معه العالم العربي والغربي على حد سواء.. فقُتل واسر وجرح وهجر الملايين ودمرت البلاد وجففت الاهوار فدفعنا وما زلنا ندفع الثمن.. وشن الحرب على الكويت تحت لافتة الحقوق المسلوبة، فدفعنا وما زلنا ندفع الثمن. وبنفس السلوكيات اضطهد شعبه.. وامتلأت السجون من كل الالوان والاتجاهات، بما في ذلك من اعضاء حزبه. وزع بعدل ظلمه على السنة بتهمة التآمر والخيانة.. والاكراد بالانفصال "فانفلوا"، وضربوا بالكيمياوي.. والشيعة بالعمالة، ومنهم حزب "الدعوة" باثر رجعي.. فدفعنا وما زلنا ندفع الثمن".
لسنا قردة؟
يكتب عبدالمهدي ايضا: "وتستمر لعبة استغلال عواطف السطح وذاكرته القصيرة.. يقوم بذلك الارهاب ليجند الاطفال والمراهقين.. في عمليات قتل يومية.. ارهقت وترهق البلاد.. وسالت وتسيل بسببها دماء عزيزة كثيرة.. وتستمر اللعبة من وسائل اعلام تعمل ليل نهار على استغلال المشاعر والمخاوف والنزعات السطحية وترويج الاكاذيب وتضليل شعبنا، متناسين ان الشعوب ليست حيوانات وقردة تجرى عليها التجارب، بل بشر وعقول تمتلك تحت ذاكرتها السطحية ذاكرة عميقة تختزن فيها ردود فعل اخرى تناقض تماماً ردودها الخائفة والمتهاوية والارتزاقية".
الندم!
يكتب في الخاتمة: "منذ التغيير وليومنا هذا نواجه تحديات وارهابا وعنفا وشحنا طائفيا واحتلالا وتدخلات اجنبية.. ولقد فشلنا عندما ذهبنا لاجراءات وسياسات، ارتدت علينا، او سرعان ما تراجعنا عنها.. ونجحنا وضربنا الارهاب والعنف عندما قلبنا المعادلة.. واعتمدنا على قوى شعبنا بكافة تلاوينه وقطاعاته المدنية والعسكرية.. واعتمدنا على وعيه المتجذر العميق، وعلى سياسات واضحة ومدروسة".
هنا ينتهي مقال عبد المهدي، تاركاً للقارئ (او هكذا بدا) ان يستل العبرة بمفرده، ليرسم صورة ما يجري اليوم، من خلال فظاعة ما جرى سابقاً.
غير ان اختيار عبد المهدي لهذه الخاتمة بنهايتها المفتوحة، تعكس كذلك عجز عقلاء هذه البلاد عن فعل شيء لوقف المهزلة تلو الاخرى. دوما هناك عقلاء في بلادنا، لديهم براعة ان يروا الاشياء كما هي ويفضحوا المخاتلة والخداع، ودوما كان العقلاء يمتلكون عشرات الاسباب للبقاء مكتوفي الايدي، وعشرات الاسباب ليشعروا بالندم.
هتلريات عراقية في زمان الندم
[post-views]
نشر في: 30 ديسمبر, 2013: 09:01 م
جميع التعليقات 6
عماد السهلاني
كم انت رائع سرمد والكن هذا قدر الحياه المره في العراق
ابو عمار الكبيسي
ولأني وجدت ما في نفسي الأهم سأبتعد عن التعليق عن الموضوع عند مشاهدتي للقنوات الفضائيه العراقيه للبرامج السياسيه وتجد الحوار بين العلامه والخبير والأعلامي والدكتور وغيرها من المسميات والألقاب العلميه والادبيه الكبيره يستطيع المشاهد التعرف على مذهب كل واحد
ابو ريم
صباح الخير اتسائل دائما لماذا حوكم صدام على قضية تشعل مشاعر طائفية ولم يحاكم على الحروب التي خاضها رغما عن كل الحقائق الوجستية والتاريخية والاعتباريةوالمنطقية ويظهر الجواب واضحا فالقضية الطائفية ستشعل وتاجج العواطف بين ابناء الشعب العراقي اما محاكمته عن
ابو عمار الكبيسي
ولأني وجدت ما في نفسي الأهم سأبتعد عن التعليق عن الموضوع عند مشاهدتي للقنوات الفضائيه العراقيه للبرامج السياسيه وتجد الحوار بين العلامه والخبير والأعلامي والدكتور وغيرها من المسميات والألقاب العلميه والادبيه الكبيره يستطيع المشاهد التعرف على مذهب كل واحد
فراسرالمساعدي
يمكن للاخ النائب المستقيل الذي لازال يستلم راتبة كنائب رئيس جمهورية بغير استحقاق يمكنة ان يتسلسل عن مفايت الاموال وكيف تنهب اموال الدولة العراقية لنزوات شخصية وحزبية الهدف منها البذخ في الانتخابات على حساب الوطن والمواطن
فادي أنس
الأستاذ سرمد الطائي المحترم, قرأت مقال السيد عادل عبدالمهدي وتألمت كثيرا وربما لأنني توهمت بأن السيد أراد أن يكشف عورات من سبقوا المالكي دون أن يشير الى الفضاعات التي يعاني منها شعبنا على مدى سنوات مابعد 2003. لكن عزائي الآن هو أن السيد الطائي قد طمأنني ب