ليس غريباً أن يصل إرهاب الإسلام السياسي التكفيري إلى قلب روسيا، فتشهد مدينة فولغا غراد تفجيرين إرهابيين شبهتهما موسكو بهجمات المتطرفين في أميركا وسوريا والعراق وأفغانستان، ودعت إلى تضامن دولي في الحرب على الإرهابيين، الذين يحاولون عشية الاحتفال بعيد رأس السنة، فتح جبهة داخلية، وتأجيج العداء الطائفي، وزرع الهلع والفوضى في المجتمع الروسي، والواضح أن العمليتين كانتا ثمرة دعوات أطلقها قادة "جهاديون"، لتوحيد القوى تحت راية «الجهاد»، وزج المزيد من المسلحين في الحرب الإرهابية.
بموازاة التعاطف الدولي مع ضحايا الانفجارين، ينتظر العالم رد الفعل العملي لموسكو ضد التكفيريين، الذين نقلوا المعركة إلى قلب روسيا، بعد ما يقال عن رفض بوتين تهديدات بنقل المعركة الى بلاده، إن لم يتراجع عن موقفه في دعم النظام السوري، وسعيه لتحويل جنيف الثاني إلى مؤتمر ينعقد تحت شعار مكافحة الإرهاب، باعتبار أن الأسد يقاتل إرهابيين تكفيريين، وبعد إلحاح وزير خارجيته بوقف تزويد معارضي الأسد بالسلاح، واستمرار بلاده بمد النظام السوري بكل أشكال الدعم المعنوي والمادي، وليس سراً أن التعاطف متبادل بين إسلاميي روسيا وسوريا، وأن مخاوف موسكو تنطلق من هذا الواقع.
العمليتان حولتا فولغا غراد إلى مدينة أشباح، وخلت شوارعها من المارة، وتجنب من اضطر إلى التنقل استخدام وسائل النقل العام، التي غدت أهدافاً سهلة للانتحاريين، الذين تعمدوا اختيار ساعة الذروة الأكثر ازدحاماً في منطقة مكتظة، وأسفرتا عن تصاعد حال الاستياء الشعبي من أداء أجهزة الأمن، التي فشلت في توقع الهجمات، وفي التعامل معها، وتخبطت بإعلانها تحديد هوية الانتحارية الداغستانية التي هاجمت محطة القطارات، ووجود صديقات لها يتحضرن لشن هجمات أخرى، قبل أن تؤكد بعد ساعات إن منفذ الهجوم رجل، متراجعة عن رواية الانتحاريات اللواتي نُشرت أسماؤهن، ولم تعد مقنعة تأكيدات سلطات الأمن ثقتها بالتدابير المتخذة، التي لم تمنع تصاعد العمليات الانتحارية، وصولاً إلى الهجومين الأخيرين في فولغا غراد، التي اعتبر خبراء استهدافها مفاجأة قاسية لوقوعها تقع داخل العمق الروسي، ورسالة دموية بأن كل المنطقة المحيطة، تقع ضمن دائرة ضربات الجماعات المتشددة.
منحت التفجيرات للرئيس بوتين الفرصة ليعلن أن بلاده ضحية للإرهاب، وأن على العالم مساعدته في مكافحة هذه الآفة، التي تخترع يومياً أعداء جدد، وليؤكد تلميحاته السابقة عن دعم محدد يحصل عليه إسلاميو القوقاز من دول معروفة لديه، سواء بشكل مباشر، أو بالتغاضي عن دعم متشددين من مواطنيها "لجهاد" أشقائهم في روسيا، وهي تفجيرات ليس صدفة تزامنها مع أحداث إقليمية مفصلية، كاغتيال السياسي اللبناني محمد شطح، واتهام حزب الله وسوريا بالوقوف وراء العملية، واندلاع حرب في غرب العراق يقال انها تستهدف تنظيم القاعدة، واتهام البحرين لسوريا وإيران بإدخال متفجرات إلى أراضيها، وتوتر الحدود الإسرائيلية مع لبنان وقطاع غزة.
اليوم وبعد تفجيري فولغا غراد، هل تجد واشنطن نفسها مجبرة على مقاربة جديدة مع حلفائها الخليجيين، المُتهمين بدعم مناهضي الأسد، وصولاً إلى اتهامهم مباشرة بتشجيع الإرهاب على الأراضي الروسية، وهل تعود موسكو إلى الرد المباشر كما فعلت باغتيال الرئيس الشيشاني سليم خان ياندرباييف في قطر، واغتيال القيادي العسكري الشيشاني سليم يامادايف في دبي، وهل تسلم المنظومة الخليجية من رد فعل روسي مؤيد غربياً، إن ثبت تورط دولة منها في التفجيرات الأخيرة، التي أوجعت قلب روسيا، والنتيجة أن منطقتنا تعيش أسوأ الصراعات، حيث تصفية الحسابات المحلية والإقليمية في أوجها، والتفاهمات الدولية تصطدم بعناد إقليمي، وثمة الكثير من النيران تحت الرماد، ويبدو أن العالم سيحشد جهوده انطلاقاً من موسكو لمحاربة الإرهاب حيثما يكون.
موسكو والحرب على الإرهاب
[post-views]
نشر في: 3 يناير, 2014: 09:01 م
جميع التعليقات 1
نبيل
يا سيدي وبكل صراحة [الاسلام التكفيري ] سيبقى وسيستمر وسيقوى وسيلقى الدعم حتى من اقل الناس تدينا لانه ببساطة ردة فعل على الدور اليراني والحكم في العراق ظلكوا احكوا االتكفيرين وارهابين ومقاومة الارهاب لا تأتي من دول ترعى الارهاب المقابل كأيران طول م