باتت الوظيفة حلم خريجي المعاهد والكليات لاسيما وان المردود بعد عام 2003 التي تدره الوظيفة يعد من اهم مرتكزات الحياة الاجتماعية المستقرة ، وهذا ما جعل الدرجة الوظيفية حلم العراقيين وبالأخص الخريجين منهم ،ونتيجة للطلبات الكثيرة المقدمة من شريحة الشباب فضلا عن تفشي حالة المحسوبية والرشا في الحصول على التعيين ،بادر العديد من العوائل الى اعتماد المواقع الإلكترونية كطريقة مثلى للتعيين من خلال الإنترنيت ،ومع ذلك لاتخلو هذه الطريقة الجديدة من السلبيات والخروقات التي من شأنها إعاقة وصول أصحاب الطلبات إلى حلمهم في التعيين ،(المدى) وحرصا منها على الوصول الى الحقيقة ومعرفة مايكتنف تلك الطريقة من سلبيات  قامت بمحاورة أصحاب الشأن والاطلاع على مقترحاتهم بغية الوصول الى الطرق الناجعة لإنجاح هذه التجربة الجديدة

 

فضائل الشبكة العنكبوتية

ظهر استيراد أجهزة الاتصال الحديثة بجميع أنواعها ودمجها في الدخول بصورة واضحة من الهاتف المحمول الى الأجهزة الذكية كما هو عليه الوضع الان ، من اجل مواكبة التطور الحاصل في العالم ، واستعانت تلك الأجهزة بمارد معلوماتي كبير ألا وهو شبكة الإنترنت (شبكة المعلومات العالمية او الشبكة العنكبوتية )،وهي بشكل مختصر مخزون كبير للبيانات والتي تعتمد عليها مجتمعات الدول المتقدمة في التعامل مع حكوماتها، ولكي لا نبتعد عن موضوعنا الرئيس وهو تفعيل التقديم على التعيينات عبر الإنترنت ،حيث تواظب على ذلك اغلب الوزارات والدوائر الحكومية المرتبطة بمجلس الوزراء والهيئات المستقلة مثل هيئة النزاهة ، والتي قامت بتفعيل دور التكنولوجيا الحديثة واعتمادها هذه الطريقة بعد ما كانت تعتمد على التعامل التقليدي القديم ، إضبارة تضم المستمسكات الأربعة واستمارة تقديم الطلب ينتظرها طابور طويل من العاطلين عن العمل ، (المدى) عملت على معرفة ما يدور بأذهان الباحثين عن العمل من خلال شكاواهم ومقترحاتهم.

الأفضلية لحاملي الشهادات

أمير عامر (خريج قانون - كلية المأمون الجامعة) احد الطلبة الذي تحدث للمدى بلسان الجماعة قائلا ان هذه الطريقة تعمل بها بعض الدوائر عندما تكون لديها فرص عمل بسيطة و تقوم بالإعلان عن حاجتها الى عدد محدود من الدرجات أي درجات قليلة ،وتتوقع ان يتقدم عليها ويتنافس عليها الآلاف من المتقدمين ، ومثال ذلك كما يقول عامر ان الهيئة المستقلة لحقوق الانسان تعلن عن توفر فرص عمل لخرجي القانون ومن درجة البكالوريوس والماجستير والدكتوراه ، علما ان لخريجي البكالوريوس الحصة الأكبر وهي إحدى وعشرون درجة ، في حين ان العدد الموجود حاليا يتجاوز الثلاثمائة متقدم، لكن (والكلام لعامر) عند فتح الموقع نرى ان المتقدمين بالآلاف وليسوا بالمئات ، والسؤال الذي يطرح نفسه هو كيف يتم اختيار الــموظف المناسب للدرجة الوظيفية و كيف سيتم توزيع تلك الدرجات على المتقدمين والى من الأولوية وكيف يمكننا معرفة عدد المتقدمين وآلية الاختيار لذلك فهي مسألة معقدة لا احد يعرف كيف تحل بحسب قول عامر.

الوزارات الأمنية الأكثـر استخداماً

سامر أبو وسام صاحب مقهى للإنترنت في مدينة الصدريقول : التعيينات عبر الإنترنت تؤدي دورا فعالا في التقليل و التسهيل من الإجراءات الروتينية للتقديم، فمجاميع الشباب لا تستغرق اكثر من عشر دقائق للتقديم وهذا يعني (كما يقول ابو وسام) ان هناك وبهذه الطريقة اختصارا للوقت والجهد ، مبينا ان أجور التقديم هي خمسة آلاف دينار وأكثر المتقدمين هم من غير الخريجين وبالأخص المتقدمين على الوزارة العسكرية، لكن المشكلة في التعيين هي كثرة المتقدمين وقلة الفرص كما يقول صاحب المقهى.

وجود عصابات للتعيين

ويقول محمد كمال وهو خريج علوم سياسية : التعيينات لا تحلها التقديمات المباشرة ولا حتى الإنترنيت لأن أعداد الطلبة الخريجين تجاوت الملايين، والى اليوم هناك تراكم من الذين سبقوهم فلديك خريجون من سنة 2003ولم يحصلوا على التعيين الى يومنا هذا ، ومازاد الطين بلة كما يقول كمال هو مضاعفة عدد الخريجين من طلبة الكليات الأهلية وظهورهم على الخط لتضاف مجاميع جديدة الى أقرانهم من شريحة الطلبة العاطلين عن العمل بحسب قوله، وبين كمال ان دخول عصابات التعيين على الخط زاد من المشاكل ،وهؤلاء همهم الأول هو حصد الدلالية للتعيين ، وتلك العصابات يزدهر عملها مع إقرار الموازنات وتعيين الدرجات الوظيفية الشاغرة لكل وزارة حيث تنشر شباكها في مجالات كثيرة لاصطياد العاطلين عن العمل من الخريجين وغير الخريجين ، ولا فرق بين حاملي الشهادة عن سواهم، لان لكل ضحية طعـــم مناسب وأيضا لأن اليأس يدفع الجميع للوقوع تحت التأثير و محاولة الحصول على فرصه حتى وان جاءت بشكل غير مشروع .

الوظائف للأحزاب السياسية

رحمة عطية (خريجة كلية التربية للبنات) بينت للمدى ان الوظائف تكون حصرا للأحزاب المشاركة بالعملية السياسية سواء أكان التقديم عبر الإنترنت ام عن طريق التقديم المباشر، وأكدت عطية ان قوائم أسماء المقبولين للتعيين تعد بشكل مبكر وقبل فتره زمنية كبيرة، وان أية فرصة عادلة للتنافس لا توجد ، وايضا يطلبون امتيازات غير موجودة عند البعض وهي بعيدة كل البعد عن الخبرة والكفاءة مثال ذلك الإصرار على ان يكون لك شهيد او يكون المتقدم من العوائل المضطهدة من قبل النظام السابق .

نصبٌ واحتيال على الطلبة

رعد كــرم (خريج كلية الإدارة والاقتصاد جامعة بغداد) يتحدث عن حظه مع مجموعة من الأشخاص الذين يمارسون النصب والاحتيال على الطلبة موضحا للمدى : ان احد هؤلاء قام بإقناعي بمسالة إمكانية التعيين في احدى الدوائر الحكومية ذات الرواتب العالية ( الرواتب العالية هي الرواتب فوق المليون ) وانها متيسرة وبسيطة جدا ، و طلب مني خمسين ورقة أي مبلغ خمسة آلاف دولار امريكي أقوم بدفعها مقدما ، ويضيف كرم بانه قام بالفعل بدفع المبلغ والتقديم عن طريق موقع الدائرة على شبكة الإنترنت وإرسال الاستمارة الى موقع خاص به عبر إيميل لشخص تم التنسيق معه مسبقا وبعدها عرفت أني لست الوحيد ، فلقد كنا اكثر من واحد وثلاثين شخصا من الخريجين والمبلغ بالإجمال وصل بحدود (155)الف دولار امريكي ، وبعد انتظار طويل وتقصي من خلال معارفنا تبين لنا انه لاتوجد أية درجة وظيفية او تعيين في تلك الدائرة الحكومية. 

سرقةٌ باقتدار

قمنا بإخباره بالخبر الذي فيه تلاشت جميع أحلامنا ،جابهنا بثقة نفس عالية طالبا منا عدم القلق والتروي مؤكدا وبما لايقبل الشك ان التعيين في هذه الدائرة ونتيجة لأهميتها سري وغير معلن ، وليس بالضرورة ان يعلم الجميع عنه و بعد مراجعته اكثر من مرة طلب منا هذا الشخص ان لا نشغل حالنا في مراجعته والاستفسارعن الموضوع إلا بعد اشهر، فاضطررنا الى الانتظار على الرغم من القلق واليأس الذي نعيشه، و بعد مرور الأسبوع الأول من الشهر الذي واعدنا به خيرا ، اختفى ذلك الشخص من مكتب الإنترنت تماما وكانه لم يكن سوى حلم مر فينا وانتهى على حد وصف كرم ، مؤكدا ان هناك من ينوب عنه بالتأكيد ويعمل عمله مع انتشار واسع وكبيرلشبكات النصب والاحتيال، والتي تعمل اكثر واكبر من السابق بذريعة ان التعيينات اليوم محددة وتحتاج الى علاقات و تزكيات من الأحزاب وان الأسماء التي تعلن هي الأسماء المحددة سابقا وما يحدث من تقديم عبر المواقع شيء روتيني , لذلك على الجميع الحذر لأنهم لا يرحمون . 

الإنترنت الوسيلة المثلى للتعيين

وبعدها قررنا الذهاب الى وزارة العمل والشؤون الاجتماعية وتحديدا الى دائرة التشغيل والقروض بعد الحصول على موافقة من المركز الإعلامي للوزارة و بعد سلسلة من الإجراءات التقينا بالأستاذ رياض حسن محمد علي المدير العام لدائرة التشغيل والقروض في وزارة العمل و الشؤون الاجتماعية ليخبرنا اكثر عن هذا الموضوع وعن اخر التطورات في هذه الآلية فقال : ان التقديم بشكل عام عبر الإنترنت هو انجح وسيلة لإثبات العدالة وهذا ما اثبتته تجربة القروض التي قامت بها الوزارة حيث تم فتح باب التقديم على القرض لمدة شهر كامل وبعدها تم الإغلاق لكي يتم التعامل مع تلك الطلبات المقدمة وفق قاعدة بيانات تضم اكثر من (60)الف عاطل وبشكل نظامي و عادل ومتساوٍ وفق سياق متبع مثل الأسبقية و العاطلين الذين تم تسجيلهم مسبقا وتوزيع الدرجات بشكل منصف ،ناهيك ان لذوي الشهداء نقطتين و الخريجون لهم ايضا نقطتان والأرامل لهم نقطة واحده فقط ووفق المقابلة تمنح خمسة درجات . 

أغلب المتقدمين لديهم عمل

وفيما يخص التقديم على الوظائف و كيفية التعامل مع المتقدمين بين محمد علي انه في تجربة عام 2013 تم فتح ما يقارب الـ 21 درجه وظيفية في مختلف الاختصاصات التي تحتاجها الوزارة ، و بعد تقديم الطلبات يتم سحب ملف كامل خاص بالمتقدم على الوظيفة ومن ثم تحديد الأشخاص الأقرب للتعيين ومن يكون وفق الشروط والضوابط ،يتم الاتصال بهم وتحديد موعد معين للمقابلة وبعد ذاك يتم الاختيار وفق الأفضلية ،ويوضح محمد علي ان من الجدير بالذكر ان اغلب المتقدمين هم أصحاب عمل وليسوا عاطلين لكنهم يبحثون على امتيازات اكثر وأهم، ويسعون الى الحصول على وظيفة حكومية، وحاليا يتم العمل على تطوير نظام القبول عبر الإنترنت بشكل كامل والعمل على تفعيل دور فريق تابع للوزارة يعمل على إيجاد فرص العمل والوظائف الشاغرة لجميع قطاعات الحكومية والخاصة والمختلطة فيقوم بإعداد قائمة بالوظائف الشاغرة والتنسيق مع جميع الوزارة ويقوم بنشر تلك القوائم على الشبكة المعلوماتية لتسهيل إيصال وإخبار العاطل للتقديم .

وزارة العمل : هذا العمل هو من اختصاص مجلس الخدمات 

لا اخفي عليك ان الاستغلال من اجل الكسب المادي موجود لكن لا يوجد أي علم للوزارة بهذا ففي يوم من الأيام تلقت الوزارة معلومات تفيد بان مركز إنترنت قريب من الوزارة يقوم بالتعامل مع المواطنين بأخذ مبالغ من المال لقاء إيجاد او توفير فرص عمل وتم إرسال فريق تابع لوزارة العمل والشؤون الاجتماعية للتحري عن الموضوع واتضح ان تلك المعلومات خالية من الصحة وأضاف ايضا ان الاستغلال يحصل للناس الذين لا يعلمون بالاجراءات وهي سهله جدا وبدون تعقيد وغير مبالغ فيها وسريعة فمن لا يعلم شيئا سيكون الضحية الاولى لهؤلاء السماسرة ،والتقديم عبر الإنترنت قضى على مثل هذا التعاملات بنسبة 95% . وعن سؤال حول موضوع مهم جدا وهو لماذا لم يتم تحويل جميع تقديمات الطلبات على التعيين في الوزارت العراقية الى دائرة التشغيل والقروض ومن ثم الوزارة تتبنى توزيع تلك الوظائف بشكل عادل للجميع لكي تتخلص من أعباء الضغوط والسلبيات التي تعيق عمل تلك الوزارات . أجاب قائلا : هذا العمل هو من اختصاص مجلس الخدمات في الأمانة العامة لمجلس الوزراء ليقوم بالمصادقة على عمل فريق يتبنى إشراك الخريجين من الشباب وحسب حاجة الدوائر الحكومية وضمهم وتوزيع الأسبقية على من يستحق فهو يقع على عاتقهم وليس على الوزارة .في النهاية هذه اجراءات حكومية ولا نتدخل فيها ، ويرى محمد علي انه بشكل عام يجب على المواطن عدم اتباع والتأثير بكلام الدلالين والسماسرة الذين يلعبون بذهن المواطن الفقير ويعطون صوره وردية لوظائف زائفة لا وجود لها مهما كانت تعهداتهم ،وعلى الحكومة تفعيل الدور الرقابي في جميع الوزارات والمؤسسات الحكومية والإعلان عنها في وسائل الإعلام الجماهيرية للحد من حجب الوظائف وحصرها للمحسوبية وتحت يد ضعفاء النفوس .