أهالي محافظة البصرة ونتيجة الحروب السابقة ،مازالوا يعانون تداعياتها بنسبة كبيرة مقارنة ببقية العراقيين ، ولطالما جسد أدباء وفنانو المحافظة محنتها في أعمال كثيرة، ليبعثوا برسالة الى الاخرين بان "البصرة الأم " كما وصفها الشاعر كاظم الحجاج لم تفارقها رائحة البارود وصدى أصوات اطلاق الصواريخ والقذائف ، وأزيز الطائرات الحربية المارة بأجوائها للوصول الى أهدافها ثم تعود الى قواعدها في بوارج استقرت في الخليج .
تاريخ "البصرة الأم " وذاكرة أبنائها يشيران الى انها كانت على مرمى نيران الحرب العراقية الإيرانية وانها شهدت حروب الخليج الاولى والثانية والثالثة ، ففقدت صفة ان تكون كائنا حيا مثل بقية دول العالم ، استنادا الى حقيقة تفيد بان معظم شعراء وكتاب وفناني العالم تعاملوا مع مدنهم بوصفها امراة جذابة لا تشيخ تستحق اجمل قصائد الغزل ، ومكان أحداث روايات وقصص قصيرة تسرد تفاصيل عشق من نوع اخر ، يعبر عن ارتباط بمكان له سحره الخاص ، ويحتفظ بنضارة دائمة لا تتأثر بالأحداث ، فتلك المدن وعلى الرغم من خضوعها لتكون ميدانا وساحة لحروب كونية استطاعت ان تجدد شبابها وتحتفظ بعشاقها الراحلين والحاليين .
مستجدات الأحداث في المنطقة العربية ، بما تحمل من بوادر تشير الى اضطراب سياسي وامني تثير القلق والمخاوف من احتمال اندلاع حرب ، لان لغة السلاح منهج ثابت ، وخيار وحيد لمن تشبث بالسلطة بعد ان وصل اليها عن طريق انقلاب عسكري او عن الوراثة ،وتعديل فقرة من الدستور قبل ساعة من مفارقة الحاكم الحياة وتلبية نداء ربه برد الأمانة ، وفي لحظة الاعلان عن تولي الابن منصب الأب، وتلقيه برقيات تجديد العهد والولاء ، ترفع صورة المرحوم المغفور له، ويبث الاعلام الرسمي بيانات مواصلة المسيرة وراء القائد الجديد لتحقيق تطلعات الأمة ، وعلى هذا الإيقاع السائد في المنطقة العربية ، فقدت المدن شبابها وسحرها السابق ، وأصبحت على وشك الدخول الى دور العجزة ، تنتظر صدقات فاعلي الخير ، المنشغلين بصراعات تأخذ في بعض الأحيان طابعا مسلحا لإثبات الوجود والولاء لجهات خارجية ، لن تتخلى عن رغبتها في تصفية حسابات قديمة ، افرزتها الحروب ، وعشاق المدن ليس باستطاعتهم الدفاع عنها ، لانهم ليسوا من حملة السلاح ،وليس فيهم من انضم الى ميليشيا او جماعة مسلحة تبنت مواقف القتال بالنيابة عن جهة خارجية فاجتثت المظاهر المدنية في البصرة وغيرها تلبية لنداء الدفاع عن "اكذوبة "صنعها أصحاب أوهام بان السلاح خير وسيلة لتحقيق الأهداف ، فصدقها من يرغب في اندلاع حرب الخليج التاسعة .
الشعب العراقي بقدر حجم خسائره الفادحة البشرية والمادية من حروب سابقة اكثر شعوب المنطقة حرصا على ابعادها عن اي نزاع مسلح ، ورغبته في اشاعة السلم محليا واقليميا اصطدمت بعقبات الأداء السياسي ، والخلاف المزمن بين الساسة ، وعلى هؤلاء ان يلتفتوا بان حرب الخليج التاسعة ستطرق الابواب بالمدافع وليس بالمكاوير، ورباط الحجي يتعلق بذكرى تاسيس الجيش العراقي ،صار معلوم مولانا .
حرب الخليج التاسعة
[post-views]
نشر في: 4 يناير, 2014: 09:01 م
جميع التعليقات 1
زياد العراقي
مع الأسف نتائجه هذه السياسات تغيرت طباع أهل البصره و أصبحت الأنانية من سماتهم في هذا الوقت بينما كان وأهل الطيب و الكرم سابقا