لا مجال في هذه اللحظة لأن نشمت بطرف، كما لم تبق جدوى من التلاعن وتبادل الاتهامات في لحظة الخطر الجماعي. ولكن الوقت مناسب ليفكر كل القادة (الذين لم يفكروا بالجلوس معا بعد، رغم ان الخطر يدق ابواب الجميع) بأربع نقاط ضمن واقع رهيب تستفيد منه تنظيمات القاعدة لدحرنا جميعا، وهذا ما علينا ان نتذكره، قبل ان نفكر بالاجراءات المطلوبة فيما تبقى من الوقت القليل قبل حصول مزيد من الانهيار.
فمنذ تشكيل حكومته الثانية، عمل المالكي أولاً، بلا ملل او كلل، على تمزيق القائمة العراقية واظهارها ككتلة برلمانية عاجزة امام جمهورها، وقد فعل ذلك مستفيدا من نفوذه في مؤسسات القضاء والمال والعسكر. المالكي لم يتقبل وجود قيادة سنية موحدة، وجاهد لجعل السنة يتشرذمون كي يسهل عليه التحكم بهم وتحويلهم الى ظاهرة تشبه الوزير سعدون الدليمي. والنتيجة تظهر اليوم على شكل فراغ هائل في القيادة السنية وتمزق وتناحر. اذ كشفت الايام الماضية ان العشائر، كطرف يخشى ظلم القاعدة وظلم المالكي، تناضل لسد فراغ القيادة السياسية، في غياب للدولة وغياب للمرجعية القادرة على الفعل. والمستفيد من هذا الفراغ وتمزق القيادات السنية، الى حد كبير، هو تنظيم القاعدة الذي يخشى كثيرون انه لن يجد حتى اشعار آخر، جبهة سياسية متماسكة تقف ضده حتى النهاية.
وبموازاة هذا كان المالكي يعمل ثانياً، على جعل الجمهور السني يشعر بأنه مغضوب عليه ومستهدف، وبالتالي جعله يكفر بالدولة والعملية السياسية ويبقى يخرج تدريجيا من المشروعية الهشة، نحو الفراغ السياسي الرهيب.
وقد كانت الاعتصامات اخر فعالية سياسية ممكنة للجمهور السني، بعد ان عجز البرلمان وعجزت اتفاقية اربيل عن تصحيح شيء. ولذلك كان مشهد فض الاعتصامات، وهي خطوة المالكي الثالثة، تدميرا لآخر فعل سياسي متاح للسنة، وبعدها حصلت لحظة الانسداد السياسي، وحين تموت السياسة لن نسمع سوى صوت البنادق.
المالكي مزق القيادة الموحدة للسنة أولاً، وشجعهم على الكفر بالدولة ثانياً، ونجح في فض آخر فعالية سياسية لهم ثالثاً، وجاء رابعاً لمطاردة القاعدة في الصحراء (او هكذا بدا) واستدرجها الى المدن، وأسلم السنة رسميا الى فراغ تستثمره القاعدة هذه اللحظة. ولذلك يجد الجميع اليوم صعوبة في اصلاح ما جرى. انها ٤ خطوات اوصلتنا الى الدمار المؤلم، بثمن ان يبقى السلطان على كرسيه!
ولعمري فكم اصبحت المهمة صعبة اليوم على رقعة الشطرنج المليئة بالفوضى؟ واذا اراد سياسي تسهيل مهمة ٢٠١٤ فان عليه ترميم هذه المستويات لمنع ضياع المنطقة الغربية. لكن ترميم ما قام به المالكي، يجب ان يكون فعلاً سياسياً لن تنجح فيه المروحيات القتالية ولا الاناشيد العسكرية الرديئة لتلفزيون الحكومة.
وفي هذا الاطار، ماذا سيقول مؤرخ بعد خمسين عاما، عن دور المالكي هذا، حين يحلل الخطوات الاكثر غباء في الشرق الاوسط، والتي استفادت منها القاعدة لتعيد انتشارها من ابواب دمشق حتى ابواب بغداد؟
لم يفلح منطق التعبئة والتجييش الهستيري في ان يفسر لنا كيف انقلبت "الانتصارات" السريعة لجيشنا في صحراء الانبار، مدعومة بكل تسجيلات الفيديو ومظاهر الحرب الالكترونية "الذكية"، الى انتكاسة في قلب مدن الانبار، يدفع ثمنها ابناؤنا المدنيون والعسكريون على حد سواء.
لكننا لم نعد بحاجة الى تفسيرات كثيرة، لنتلمس معنى ان تتمزق الجبهة التي تمثل السنة سياسياً، ومعنى ان يعجز السنة عن اي فعل سياسي مؤثر، ثم معنى ان تقف باقي الاطراف السياسية لتتفرج مكتوفة الايدي، على المالكي وهو يتخبط، وعلى اهلنا وهم محاصرون، وعلى عراق هو مثلوم اليوم، ومرشح لمزيد من الانثلام غدا.
اربع خطوات لتمزيق "اهل السُنّة"
[post-views]
نشر في: 4 يناير, 2014: 09:01 م
جميع التعليقات 9
ابو سعد
انت مثقف واعلامي عراقي عندما تتحدث بلغة الطائفيين مالذي تركته للمواطن البسيط المغلوب على امره منذ عقود قذره بدلا من ان نقوم بتقسيم الوطن والمواطنيين اليس الواجب الوطني للمثقفيين ولاعلاميين العراقيين رغم ضياع حقوقهم في السابق والحاضر ان يضعوا اصبعهم على ال
محمد البغدادي
التقيه هي إظهار عكس مايفكر به الانسان او يؤمن به. والمالكي من أشد المؤمنين بهذا المبدأ الذي ينسب الى الشيعه ضلما وبهتانا ثانيا تجربه الانتخابات الماضية تجعل من المالكي ان يجاهد لكي لا تتكرر نتائجها أخي الكاتب أتعرف مامعنى 91 مقعد في الانتخابات القادمه ا
محمد البغدادي
أعود بالذاكره الى عمليه إعدام الطاغيه اظهروه وكأنه شيعه يعدمون رجل سني وليس طاغية فعل مافعل في شعبنا من كل أطيافه .ارجع الى تاريخهم فلن تستغرب مما يفعلون .حقق في ميزانيه مكتب المالكي الجديده ارقام فلكيه تكاد تضاهي ميزانيه دول اخي مايفعلونه طبيعي لا تستغر
كاطع جواد
الخطوة التي أقدمت عليها الحكومة هي جعل أهل الرمادي بين خيارين اما قبولهم بالحكومة كما هي والتخلي عن مطالبيهم او الوقوع في براثن القاعدة .. لعبة الحكومة لعبتها بذكاء وان كان فيه نوع من التجني بحق أهالي الأنبار و ذلك للبقاء صامتين والتخلي عن المطالبة بحقو
د. شيرزاد
هذه المقاله وضعت النقاط علء الحروف. نعم ان المالكي هوا المسؤول الأكبر في هذه الكارثة المرعبه: انه غير كفوء ومجنون بشهوه السلطة المشومه وجعل من الجيش مكان يسيطر عليه مافيات من ضباط يأخذون النقود من الجنود بالمقابل الجندي لايحضر الي التدريب او الواجبات. في
كاظم الأسدي
كل ماتفضلت به إستاذ سرمد لهو رصد ذكي وواقعي ومسؤول !! لكن خطوات المالكي تلك لها ما يبررها من موقع التناحر السياسي اللاوطني ؟؟ فأين بقية القوى المتحاصصة سواء المجتمعة على قمة أربيل أو في دهاليز الخضراء بمسمى الوطن أو التي تركن في زوايا الوطن مقهورة لاحول ل
سلمان النقاش
على حد علمي ان الصحفي هو الذي يخضع الظاهرة نحو حقائق مسبباتها ..وباعتقادي المتواضع ان السيد سرمد اصيب بوباء الحالة العراقية التي تؤكد تمظهراتها على تلوث كل شيء حتى القدرة على الوقوف بجانب الحياد. لا شك بان القائمين على ادارة الدولة فشلو في بناء اسسها لانه
ابو بكر
المشكلة في العراق هي وباء الطائفية والعرقية وقد استغلها الغرب ليتصارع الناس فالمالكي والعلواني والهاشمي والبرزاني وغيرهم كلهم متخلفون ومرضى
ابن كربلاء
المالكي وجد شعب ممكن خداعه بسهولة فقد وقف متفرجا لاربع سنوات على الارهاب بل ويطلق سراح المعتقلين عشوائيا وبدون محاكمة والتهريب في السجون اصبح رقم قياسي لامثيل له حتى في اليمن والصومال وهولايحرك ساكنا ولايحاسب مدراء السجون ويطبق عليهم القانون وبالرغم من هذ