في مرات كثيرة أجدني ينطبق علي بيت الدارمي القائل:
للعكرب تعنيت بيدي الزمتها
حيل وبعد وياي هاي الردتها
فأنا الذي أخاف ركوب الطائرات وينتابني هاجس ان حادثا ما سيقع طوال أي رحلة جوية أسافر بها، تعنيت بنفسي وانا لا محزوز ولا ملزوز لأشاهد، قبل يومين، فيلم "رحلة طيران"، وكأني ناقص خوف. ولكم تقدير حالتي بعد الانتهاء من مشاهدته. ليلة البارحة أيضا لا أدري ما الذي دفعني الى تذكر انني في منتصف الثمانينات كنت أتابع أخبار حرب العراق مع إيران من خلال صحيفة "الغارديان" البريطانية كل يوم. كنت أثق بأخبارها أكثر من غيرها وكانت عندي مثل صاحب الخبر اليقين جهينة.
تذكرتها فتعنيت البارحة، لا محزوز ولا ملزوز أيضا، لأرى ماذا تقول عن العراق في هذه الأيام الذي تتلاطم وتتضارب فيه الأخبار عما يدور في الأنبار. لم يخطر ببالي ان أجد على موقعها الإلكتروني صورة لفكرة تشابه تقريبا ما فكرت به ذات يوم.
مرة فكرت ان تقوم منظمات المجتمع المدني باستحصال صور للأبرياء الذين قتلوا بالعراق بعد سقوط نظام صدام وان تعلق في نصب رمزية في الأماكن التي قتلوا بها لتوثيق "الإنجازات العظيمة" التي جناها العراق من حكام ما بعد "التغيير". فكرة لا أنكر انها سوداوية ولا تنبع الا من مخيلة هدّها اليأس.
الذي وجدته على موقع الجريدة خارطة للعراق وشِمّت بمربعات حمر تشير لقتلانا بعد السقوط. هذا هو العراق الجديد اذن. كفرت باللحظة التي فكرت بها ان أزور الموقع. حرّكت الخارطة يمينا وشمالا ومن أعلى الى أسفل فشعرت برائحة الدم تملأ رئتي. رفعت رأسي صوب السماء معاتبا: "إن كان هذا يرضيك فخذ حتى ترضى".
مررت على بغداد فوجدت ملامحها قد غيبتها المربعات الحمر عدا "الخضراء". فهنيئا للمالكي وأحبابه المنعمين. وانا لله يا عراق.
http://www.theguardian.com/world/datablog/interactive/2010/oct/23/wikileaks-iraq-deaths-map