يطالب بعض السياسيين والإعلاميين العرب الرئيس الفلسطيني محمود عباس، بإعلان موقف حاسم من الوساطة الأميركية، التي يقودها باحثاً عن مجد شخصي، وزير الخارجية جون كيري، باعتبار أن ما يطرحه من أفكار، ليس أكثر من ترديد ببغاوي لما يعلنه رئيس الوزراء الإسرائيلي، خصوصاً ما يتعلق بقضية يهودية إسرائيل، وما يستلزمه ذلك من تبادل مُخل للأرض والسكان، وبحيث يُهجّر الفلسطينيون المتشبثون بأرضهم من الدولة العبرية، وكأن هؤلاء يجهلون مدى قوة عباس، وقدرته على مجابهة واشنطن وتل أبيب، بعد أن انشغل الأعراب بقضاياهم، المتفجرة حروباً طائفيةً، وبعد الانقسام البغيض الذي قاده الإسلام السياسي، على يد حركة حماس الإخوانية، ففصل الضفة عن غزة التي باتت إمارة ظلامية، تسعى للهدنة مع "العدو الغاصب"، وتمارس أقسى أشكال العداء مع الحركة الوطنية الفلسطينية، ومع أن الرئيس الفلسطيني يتوسل الدعم العربي، من خلال مطالبته القيادات العربية الفاعلة برفض الأفكار الأميركية، فإن البعض يطالبه بموقف انتحاري، يعلن فيه أن كيري منحاز لإسرائيل كُلياً، ويحاول فرض مطالبها وشروطها، وأن يتخذ قراراً عدمياً بالانسحاب فورا من المفاوضات مع الإسرائيليين، ويدعو الشعب الفلسطيني، إلى القيام بانتفاضة جديدة، رغم عدم توفر الظروف، لأن تكون فاعلة ومجديه.
نتفق مع القائلين بأن هوية الأرض الفلسطينية هي العروبة والإسلام، رغم قيام الدولة العبرية على جزء منها، لكن تأكيد هذه الهوية يحتاج للكثير، بينما القيادات العربية كافة مشغولة بأزماتها المحلية، يُستثنى من ذلك الأردن، ليس لمجرد حب الفلسطينيين، والحرص على مصلحتهم الوطنية، بقدر ما هو للحفاظ على مصلحة الدولة الأردنية، وخشية من تحولها إلى دولة فلسطينية، قد لا يرضى شعبها بالملكية نظاماً يحكمه، أما الزعم بأن موقفاً متشنجاً من الرئيس عباس، سيُرغم القادة العرب على رفض مقترحات كيري، فهو دليل على عجز الرؤيا، وسذاجة فهم الواقع العربي، حيث القادة مستعدون للتحالف مع الصهيونية، والرضوخ للإرادة الأميركية حفاظاً على مواقعهم ومكتسباتهم، دون أي اعتبار لمصلحة شعوبهم أو مستقبل الأمة، ودون أن يأخذ واحد منهم بالاعتبار، المعضلة التي ستنجم عن طرد مليون ونصف مليون فلسطيني من المناطق المحتلة عام 1048 ، باعتبارهم غير يهود، لان هذه الأرض لليهود فقط، دون غيرهم من البشر، حتى لو أنهم أصحاب الأرض الأصليين.
يطالب البعض من هواة السياسة، أو الباحثين عن الشهرة والزعامة، رغم بعدهم عن الساحة، بأن تندلع في الضفة الغربية حركة مقاومة، مدعومة من الرئيس عباس، مع أنهم يعرفون أن الرجل اختار التفاوض استراتيجياً، كوسيلة لحل المشكلات مع إسرائيل، نتيجة معرفته بموازين القوى الراجحة جميعاً لمصلحة الدولة العبرية، ويزعم هؤلاء أن هذه السياسة أدت إلى تغول الاستيطان والإهانات والجرائم الإسرائيلية، وتراجع القضية الفلسطينية إلى ذيل الاهتمامات العربية والدولية، ويتجاهلون أن سياسات الاحتلال هي ذاتها منذ العام 1967، وقبل اتفاق أوسلو وقبل أن يتسلم عباس موقعه كرئيس لدولة فلسطين، التي ما زالت في خانة الحلم، ويزعمون أن شعوب الأمتين العربية والإسلامية بأسرها، سيقفون إلى جانب عباس لو تمرد، مع أننا لم نعد نسمع من هذه الشعوب أي كلمة عن فلسطين ومأساة الشعب الفلسطيني، إن لم نسمع عبارات العداء هنا وهناك ضدهم، باعتبار نضالهم لاستعادة حقوقهم سبب كل بلاء.
مازال بيننا من يتاجر بالقضية الفلسطينية ومأساة شعبها دون أي خجل.
هل ينسحب عباس
[post-views]
نشر في: 10 يناير, 2014: 09:01 م
جميع التعليقات 1
أبو سعد
لم تكن القضيه الفلسطينيه محل اهتمام عربي او اسلامي الا من خلال الاعلام قبل وبعد نكسة ال67 واول من اساء لها حزب البعث في سوريا والعراق من خلال منظمة الصاعقه التابعه للمخابرات السوريه والجبهه العربيه التابعه للمخابرات العراقيه في زمن المقبور وشق صف منظمة ال