للقيادة العامة للقوات المسلحة متحدث رسمي، وجيش من الناطقين، ورغم ذلك يسلك بعض النواب والمقربين من رئيس مجلس الوزراء وقياديي دولة القانون، وكأنهم حاملو أختام القوات الأمنية والمعبرين عنها.
إن أحدا لا يصادر فرحة البعض من النواب بأنهم مقربون من المالكي ويحظون بالرعاية والامتيازات، ولا يمكن لأحد أن يمنعهم من التعبير عن هذا الزهو وهذه الفرحة، عبر تصريحات ومداخلات لا تتوقف، غير أن قضية بخطورة وحجم الملف الأمني المتعلق بحياة الناس وامنهم لا يمكن أن يُترك لصرخات وأهازيج " أشاوس " دولة القانون.
وإذا كان الملف الأمني بيد رئيس مجلس الوزراء حصرا، فلا يجوز أبدا أن توكل مهمة شرح خفايا العمليات العسكرية وأبعادها للسادة المقربين، أو حتى يسمح لهم بأن يفعلوها تطوعا، وكأنهم العالمون ببواطن الأمور.
قرأنا للعديد من أعضاء دولة القانون أخباراً عن المعارك العسكرية في الانبار، وامتلأت صفحاتهم في الفيسبوك وتويتر بمفاجآت وخفايا عن الأسرار التي يقال ان القوات الأمنية عثرت عليها في مخابئ القاعدة، ووجدنا احدى نائبات الصوت العالي تقسم بأغلظ الأيمان ان أسماء لنواب وسياسيين وجدت في أوكار داعش، وكل هذا كلام شديد الخطورة، لأن معناه ببساطة أحد شيئين: إما أن هؤلاء النواب يحضرون اجتماعات القيادة العامة للقوات المسلحة، وإما أن أحدا طلب منهم ان يخرجوا على الناس بهذه القصص، وسمح لهم بالحديث وكأنه لا يوجد متحدث باسم القيادة العامة للقوات المسلحة، ولا مستشارون عسكريون يوضحون الحقائق للرأي العام. وفي كلتا الحالتين فإن الأمر مخالف للقانون..
وليس بعيدا عن فكرة الاستباحة الممتدة بطول البلاد وعرضها هذه الأيام ما أعلنه النائب محمد الصيهود عن صدور مذكرات القاء قيض بحق عدد من النواب، وهذه أخطر أنواع الاستباحة، لأن الرجل هنا يستبيح أحكام القضاء التي يفترض انه سلطة مستقلة.
ولا تختلف هذه الاستباحات الفردية عما تفعله قناة العراقية ومعها بعض الفضائيات والصحف التي توزع مجانا، حيث يعتبرون كل من يخالف نوري المالكي، كافر وجاحد، وحق عليه الرجم.
يندرج ما قام به هؤلاء النواب "المقربون" تحت شعار استباحة كل شيء وهو الشعار الذي يعطي الحق لكل أنصار ومؤيدي رئيس مجلس الوزراء في الحديث عن الأمن والاقتصاد والنزاهة والقضاء والثقافة والتعليم، والتفتيش في ضمائر المختلفين معهم في الراي والتشهير بهم، بلا حسيب أو رقيب.
لعل احد الأسباب الرئيسية لأزمة العراق في السنوات الماضية ان طرفا رئيسيا لايريد ولايؤمن بان يشاركه احد في إدارة الدولة.. وان البعض للأسف يعتقد ان الآخرين ليسوا شركاء في هذا الوطن.. وان عليهم ان يتلاشوا من المشهد السياسي.
قبل ايام كنت أتحدث مع سياسي مقرب من رئيس الوزراء فاكتشفت ان الرجل ومن خلال حديثه يريد ان يوحي بان معظم القوى السياسية الاخرى لا تأثير لها، وان الأيام كفيلة بإزالتها من الخارطة.. وتمتلئ المواقع الإلكترونية والصحف بتصريحات لمقربين من المالكي يتحدثون عن الآخرين بطريقة اشد سوءا من حديثهم عن إرهابيي القاعدة.
ووجدنا كثيرا من المقربين حينما يتحدثون عن الآخرين ينظرون إليهم باعتبارهم كائنات غريبة على البلاد.. ولهذا فلا مكان لها على هذه الأرض.. واذا أصرت على البقاء فعليها ان تقبل بما يمليه عليها المالكي من شروط.
ربما لايريد البعض ان يدرك ان ما يحدث من صراع بين رئيس مجلس الوزراء ومعظم اطراف العملية السياسية انما هو بروفة مخيفة لتقسيم البلاد.. وانها مع الفشل المتواصل في إدارة حكم البلاد، أو تقديم مشاريع سياسية أو اقتصادية، أو التعامل بجدية مع مشكلات المجتمع والناس، انما تدفع بالبلاد الى حروب طائفية.
أيها السادة أصحاب الصوت العالي، ان هذا الوطن مثل العربة التي تسير علي عجلتين، ولايصلح أن يكون معوجا أو أعرج، أو تعاني فيه فئة من الشعور بالظلم، أياً كانت الأسباب، ودون أن نعود إلى شعارات الماضي، فالمستقبل ينذر بالخطر، ولن يكون هناك فريق بمنأى عن كارثة الاستحواذ ونبذ الآخر..
القيادة العامة لقوات دولة القانون
[post-views]
نشر في: 10 يناير, 2014: 09:01 م
جميع التعليقات 2
عساكم بخير
يبدو لنا والمتابع الكريم لكل ما حدث للعراق بعد 2003 ولحد الان لايوجد تغير بالخارطة السياسية وهناك تغيير وجوه محل اخرى والسياق والتصرف واحد لايتغيير هذة العقلية لايمكن ان تتغير لانها تربة ضمن احضان الدكتاتور الاب فكيف بنا ونحن نعيش عصر مراهقيين السياسة هنا
عامر الساعدي
ان موقف متحدون موقف فيه خطوره لأنهم دائماً ينددون ويقفون بالضد من موقف الحكومة لضرب داعش والإرهاب ومن يساعدهم . علما ان جميع العراقيين يؤيدون بما يقوم به الجيش العراقي وقسم من الشعب خرج بتظاهرات كبيره مؤيده للجيش وبما يقوم به في الأنبار وال