حجي زاير الدويج يهجو أهل زماننا. أعتذر لمن لا يفهم (الحسجة الجنوبية) في هذا النص، ولأنني لا أعرف كيف أكتب بعض الحروف الفارسية مثل (الكاف) و (الجيم بثلاث نقط) التي سأتركها لحصافة القارئ. أما القراء العرب فالله يكون بعونهم. لكنني سأحاول شرح بعض المفردات التي تصعب ربما حتى على العراقيين.
حجي زاير، برأيي، هو مثابة الشاعر المتنبي، أحمد بن الحسين، باللهجة العامية، وهو رائد الشعر الشعبي العراقي، كي لا أقول رائد الحداثة الشعرية باللهجة المحلية، إذا أدركنا قيمة مضامينه الغزلية والهجائية ووقوفه (ضد) السائد في زمانه، وفي زماننا أيضاَ.
يقال: إن حجي زاير اشتهر عنه أنه أسرع شعراء عصره بديهة. إنه ينشئ القصيدة من مئة بيت وينشدها ارتجالاً في الوقت نفسه (شيخ المؤرخين عبدالرزاق الحسني).
حجي زاير عاصر الدولة العثمانية وانخرط في الحرب ضد بريطانيا.
يقول:
حكٍّ علي دوم أصبغ بالحزن واحد (1)
أبجي سبتها وجمعة واربعا واحد (2)
هم صاب مثلي، كبل، ظيم الدهر واحد (3)
والحضرتك جيت احث ارجايبي منحدر (4)
دمعي شبه سيل لجل امتيمي منحدر (5)
ما بين وادم طحت كل الحجي من حدر (6)
ما مش فرق ما بين حلكه وخاتمه واحد (7)
(1) حكًّ: حقّ، ينبغي علي. دوم: دائماَ. واحد: أقف في حال الحدادك الحزن.
(2) أبجي، بالجيم الفارسية، أبكي. سبتها: يوم السبت. واربعا: الأربعاء. واحد: يوم الأحد.
(3) هم: هنا تعني هل. صاب: أصاب. كبل: من قبل.
(4) جيت: جئت. ارجايبي: ركائبي. منحدر: أي قادماً من شمال المنطقة إلى جنوبها، وهنا، غالباً، بواسطة نقل مائية أو بحرية.
(5) لجل: من أجل. امتيمي: متيمي: حبيبي. منحدر: سائل من عيني.
(6) وادم: أوادم، ناس. طحت: همت تعني الفيت نفسي. الحجي: الحكي. من حدر: من تحت، أي ليس من العقل والفم، بل من مكان آخر، كما يتوضح من بيت القفلة.
(7) ما مش: لا يوجد، حلكه: فمه. خاتمه: شرجه.
الموّال (أو الزهيري) الثاني ينتهي بضربة فكرية/ شعرية عندما يتحول الموئل إلى ضحية، فالرمز المذكور من ثقافة الجنوبيين البسطاء الذين يقصدونه في الأزمات، خصوصاً الأزمة المرضية عندما يصاب أحد ما بـ (الجنون) والجنون عندهم أي مرض سايكولوجي حتى لو كان الكآبة أو التوحد أو ما بينهما. والمقصود، هنا، هو عون، أحد أصحاب الإمام الحسين الذي استشهد معه في معركة كربلاء المعروفة، وإليكم الموّال:
والله، يا صاح، حظ الجالسك يا عون (1)
الناس بهواك سكرى جي تظن يا عون (2)
إنت الذي دوم ردتك للشدايد عون (3)
وخيول هجرك تردهن بالوصل لو جن (4)
وهلال سعدي يهل ليلي علي لو جن (5)
والناس (لي) عون تكصد بالذي لو جن (6)
إلمن يودون، كلي، لو تسودن عون (7)
(1) حظ الجالسك يا عون: طوبى لمن جلس قربك وما أسعده.
(2) جي تظن ياعون: هل تظن أنهم يعون أو يصحون من سكرتهم.
(3) دوم: دائماً. ردتك: أردتك. للشدايد: للأزمات. عون: معين.
(4) تردهن: تعيدهن. لو جن: حين يأتين، أي خيول الهجر.
(5) عندما يجن الليل.
(6) لي: إلى. تكصد: تقصد، أي تتوجه. لوجن: عندما يصاب بالجنون.
(7) إلمن: لمن. يودون: يقصدون، كلي: قل لي. تسودن: أصيب بالجنون.
بالمناسبة: كلمة (تسودن) فصيحة، وأصلها من السويداء، وكانوا يعتقدون أن عقل المرء في سويداء قلبه، فإذا اختلت اختلّ العقل.