TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > من "كصيد" السياسة

من "كصيد" السياسة

نشر في: 14 يناير, 2014: 09:01 م

الأوضاع السياسية في العراق بحاجة الى تلطيف الأجواء ، وتقارب وجهات النظر ثم توحيد المواقف وحسم الخلافات واجتثاثها، لغلق الملفات الشائكة وخاصة المتعلقة بتحقيق مبدأ الشراكة في إدارة البلاد ، وفرص الاتفاق حاضرة عندما تكون المصالح الوطنية فوق كل اعتبار، وبوجود نزعات التسلط والاستعلاء والاستحواذ ، سيبدد العراقيون أعمارهم بانتظار الفرج في بناء دولة مدنية يسودها القانون ، ويحكمها دستور خال من الألغام وبراميل البارود .
التمسك بالدستور موقف تبنته جميع الأطراف المشاركة في العملية السياسية ، وبعضها حصل على تمثيل في الحكومة الحالية ، ولكن التصريحات في مواسم الأزمات وهي طويلة في العراق ، تأخذ في اغلب الأحيان طابع الاتهامات المتبادلة بين الشركاء ، فتعطل العمل بالدستور خشية انفجار براميل البارود ، او نتيجة التفسير الخاطئ المقصود لبعض مواده ، ولربما لتحقيق مكاسب لفئة على حساب أخرى ، وعلى مدى اكثر من عشر سنوات ، تفاقمت الأزمات ، وتدهورت الأوضاع ، لان دعاة التمسك بالدستور أصابهم الفتور ، ولجنة تعديلاته في مجلس النواب ، لم تنجز عملها بعد بمرور دورتين تشريعيتين .
السياسي العراقي سواء من شغل منصبا حكوميا او تفرغ لقيادة تنظيمه ، ورث من أسلافه حب المديح والشعور بالارتياح والفخر عند سماعه هتاف وتصفيق الجماهير ، وتلقيه يوميا برقيات تجديد البيعة والولاء ، وبعض القادة وتعبيرا عن ارتباطه الصميمي بقواعده الشعبية ، استعان ببعض الشعراء والرواديد لنظم قصائد المديح والأهازيج ، وسخر فضائيته للمداحين ، والممدوح من موقعه ، وفي لحظة الشعور بلذة الاستمتاع يستعيد قول الخلفاء والأمراء " أعطوه الف درهم" ، وينفذ الأمر على الفور بخبر عاجل اسفل الشاشة .
تعطيل تعديل المواد الدستورية وباعتراف الساسة وكبار المسؤولين احد أسباب اضطراب المشهد السياسي العراقي ، وعند مراجعة تصريحاتهم يتوصل المتابع الى حقيقة وجود نفق مظلم ، ولاسيما ان هناك من وصف العملية السياسية بانها عرجاء ، لذلك اضطر بعضهم الى طرح مبادرات ووثائق شرف تلزم الجميع بتنفيذ بنودها ، للحفاظ على السلم الاجتماعي الأمر الذي يعني ان الشركاء بأمس الحاجة لاتخاذ مواقف لإثبات الجدية في تجاوز الأزمات ، وعبور النفق على إيقاع قصائد المديح ، لأنها السبيل الوحيد لحث الساسة على نبذ خلافاتهم ، ثم التوجه لخدمة مصالح شعبهم انطلاقا من إيمانهم بمبادئ أحزابهم ومعظمها دينية تعرف الحلال والحرام وتسعى لتحقيق العدالة والمساواة .
"من كصيد السياسة" مقترح برنامج يمكن ان تتبناه فضائيات تابعة لأحزاب وقوى عراقية ، يبث يوميا بعد عرض الأنباء للإشادة بمواقف السياسيين بإلقاء قصائد المديح مع عزف على الربابة ، عسى ان يحقق البرنامج ما عجزت عنه وثائق الشرف ، في تحفيز الهمم والمشاعر ، وتأجيج الحماسة ، ليلتفت أصحاب "الحل والربط " لمصير العملية السياسية "العرجاء " بتحقيق اتفاق على منحها العكاز المناسب لمساعدتها على السير في طريق الديمقراطية ، بقيادة طويل العمر .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق منارات

الأكثر قراءة

العمود الثامن: "علي بابا" يطالبنا بالتقشف !!

العمود الثامن: بلاد الشعارات وبلدان السعادة

العمود الثامن: موجات الجزائري المرتدة

العمود الثامن: المستقبل لا يُبنى بالغرف المغلقة!!

سوريا المتعددة: تجارب الأقليات من روج آفا إلى الجولاني

العمود الثامن: بلاد الشعارات وبلدان السعادة

 علي حسين نحن بلاد نُحكم بالخطابات والشعارات، وبيانات الانسداد، يصدح المسؤول بصوته ليخفي فشله وعجزه عن إدارة شؤون الناس.. كل مسؤول يختار طبقة صوتية خاصة به، ليخفي معها سنوات من العجز عن مواجهة...
علي حسين

قناطر: شجاعةُ الحسين أم حكمةُ الحسن ؟

طالب عبد العزيز اختفى أنموذجُ الامام الحسن بن علي في السردية الاسلامية المعتدلة طويلاً، وقلّما أُسْتحضرَ أنموذجه المسالم؛ في الخطب الدينية، والمجالس الحسينية، بخاصة، ذات الطبيعة الثورية، ولم تدرس بنودُ الاتفاقية(صُلح الحسن) التي عقدها...
طالب عبد العزيز

العراق.. السلطة تصفي الحق العام في التعليم المدرسي

أحمد حسن المدرسة الحكومية في أي مجتمع تعد أحد أعمدة تكوين المواطنة وإثبات وجود الدولة نفسها، وتتجاوز في أهميتها الجيش ، لأنها الحاضنة التي يتكون فيها الفرد خارج روابط الدم، ويتعلم الانتماء إلى جماعة...
أحمد حسن

فيلسوف يُشَخِّص مصدر الخلل

ابراهيم البليهي نبَّه الفيلسوف البريطاني الشهير إدموند بيرك إلى أنه من السهل ضياع الحقيقة وسيطرة الفكرة المغلوطة بعاملين: العامل الأول إثارة الخوف لجعل الكل يستجيبون للجهالة فرارًا مما جرى التخويف منه واندفاعا في اتجاه...
ابراهيم البليهي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram