يضع فيلم "حنا أرنت" معاناة الفيلسوفة الألمانية اليهودية وتلميذة الفيلسوف الألماني "كارل يسبرز" التي وجدت نفسها في محنة ضمير مع ذاتها ومع الدولة الإسرائيلية. هذه المحنة ظهرت عندما قام الموساد الإسرائيلي باختطاف النازي "إيهمان" المختبئ في الأرجنتين ونق
يضع فيلم "حنا أرنت" معاناة الفيلسوفة الألمانية اليهودية وتلميذة الفيلسوف الألماني "كارل يسبرز" التي وجدت نفسها في محنة ضمير مع ذاتها ومع الدولة الإسرائيلية. هذه المحنة ظهرت عندما قام الموساد الإسرائيلي باختطاف النازي "إيهمان" المختبئ في الأرجنتين ونقله إلى إسرائيل ومحاكمته بتهمة محرقة ستة ملايين يهودي.
إلا أن "إيهمان" دافع ببراءته من التهمة لكون إرادته لم تتجه لهذه المحرقة حيث كان مستلب التفكير وليس له إرادة فهو منفذ للأوامر النازية فقط. وأضاف بأنه تلقى الأوامر بنقل السجناء في شاحنات وإيصالهم إلى مكان محدد فقط ! أما ماذا يفعلون بهؤلاء اليهود السجناء فهو غير مسؤول عنه فالأوامر مهما تكن قاسية فعليه إطاعتها حتى لو قيل له أن والدك خائن فإنه سينفذ الأوامر ويطلق عليه النار فوراً.
من هذه الوقائع استنتجت الفيلسوفة "حنا" لدى تغطيتها لجلسات المحكمة كمراسلة صحفية لمجلة "نيويوركر" أن هذه المحاكمة تخلو من جريمة أو مجرم، مهما كانت نتائج هذه الحقيقة صادمة لهوية قومها اليهود.
وحيث أن المتهم "إيهمان " ليس لديه تفكير وفاقد الإرادة وأنه منفذ للأوامر بالطاعة ، وهكذا هي الأنظمة الشمولية كما يقول جورج أورويل في روايته "1984" إن الإنسان في الأنظمة الشمولية لا يخرج عن كونه "برغي" في آلة الدولة الكبيرة".
في مشهد متوتر وأخاذ تلقي "أرنت" دفاعها أمام طلبتها قائلة – وهي في أشد حالات الانفعال نتيجة محاصرتها في الجامعة من قبل اللوبي الصهيوني- : عند تلغي تفكير الإنسان يصبح شريراً وحيث أن الشرّ متطرف وليس جذرياً فهو زائل أما الخير فإنه باقٍ لأنه جذري ومتأصل في الطبيعة البشرية.
وفي هذا الخطاب وجهت الاتهام إلى بعض القادة اليهود الذين تواطأوا مع النازي في صنع مأساة شعبهم. وهذا ما أثار اليهود ضدها حتى أصدقاؤها اليهود اعتبروها قد تخلت عن الدفاع عن شعبها فروت بحدة قائلة: أنه لا يوجد لديها انتماء لشعب معين وإنما لديها أصدقاء فقط.
سيناريو الفيلم كان محكم البناء ليس فيه فجوات وزوائد ،أما الحوار فكان متوتراً ومتصاعداً.
الممثلة بربارا سكوا التي أدت دور" حنا أرنت" بمهارة فائقة وطاقة انفعالية متألقة في أداء مثل هذه الدور الصعب الذي يتطلب من الممثلة شحنات انفعالية فارقة في اتخاذ المواقف المصيرية التي تضع الشخصية قاب قوسين أو أدنى من حافة الموت في سبيل الجهر بالحقيقة.