اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > تحقيقات > أفراد الحماية لا يتدخلون في ردعها..التهديدات العشائرية تجبر بعض الأطباء على ترك العمل

أفراد الحماية لا يتدخلون في ردعها..التهديدات العشائرية تجبر بعض الأطباء على ترك العمل

نشر في: 15 يناير, 2014: 09:01 م

لا يخفى على الرأي العام ما بعد 2003 كيف ظهر العديد من السلوكيات الشاذة بسبب غياب أو ضعف الإجراءات القانونية أو ضعف وسائل الحماية من قبل السلطات الأمنية ، ومن أبرز هذه السلوكيات معاناة الأطباء من ذوي بعض المرضى ،وتجسدت هذه المعاناة بإطلاق الاتهامات ضد

لا يخفى على الرأي العام ما بعد 2003 كيف ظهر العديد من السلوكيات الشاذة بسبب غياب أو ضعف الإجراءات القانونية أو ضعف وسائل الحماية من قبل السلطات الأمنية ، ومن أبرز هذه السلوكيات معاناة الأطباء من ذوي بعض المرضى ،وتجسدت هذه المعاناة بإطلاق الاتهامات ضد الأطباء بسبب ضعف الثقة ؛ وغياب حسن النية ؛ وجهل البعض بمعايير احترام الأطباء رغم أن الأطباء يقدمون خدمات جليلة ولا يمكن للمواطنين جميعا الاستغناء عن هذه الخدمات ، لكن لماذا يتم التعامل بفظاظة مع  أفراد هذه الشريحة التي تشكل عصب الحياة الصحية والطبية في البلاد ؟ من المؤكد أن من يعتدي على الأطباء يجهل قيمة الطب ومهنة الطبيب وبعدها الإنساني ،ويقينا أن التعامل بقسوة مع الأطباء من قبل هذه الفئة المتخلفة يدل على بداوة عقولهم .
شهادات بعض أطباء ذي قار
يقول الطبيب الدكتور هادي بدر الرياحي "  تهديد الأطباء واستفزازهم سلوك شاذ يصدر عن أناس جهلاء يستغلون ضعف الدولة وعدم تطبيق القانون ، وثمة من مارس سلوكية ابتزاز بعض الزميلات والزملاء من الأطباء مما انعكس سلبا على تقديم الخدمات الطبية ، أحكي لكم إحدى الحكايات المخزية التي تدل على غياب الضمير والتوحش ،فمرة توفيت مريضة إثر إجراء عملية لها فبادر ذووها إلى تهديد الطبيب  وإلزامه دفع الفصل العشائري ،وقد استجاب الطبيب مكرها فدفع الفصل ،وبعد مرور عدة أيام قام أهل المتوفاة بتهديد الطبيبة بوجوب دفع فصل لأن الفصل الأول يخص  زوجها! وبعد التي واللتيا تم دفع مبلغ آخر تجنبا للضرر الذي قد يلحق عائلة الطبيبة "!
وهم  تعمّد إيذاء المرضى
الدكتور  سعود المياحي يقول  " ثمة من يتوهم بأن الأطباء يتسببون في إيذاء المرضى وهو اشتباه وتهمة باطلة يبرؤ منها الأطباء الذين يكرسون حياتهم لخدمة المرضى والسعي لتحصيل شفائهم بكل السبل الممكنة ، ومن المستحيل أن يتعمد الطبيب إيذاء أو قتل المريض، لكن يبقى التعامل الإنساني أداة لتجنيب الأطباء الكثير من المشاكل ، وقد نلجأ بعض الأحيان نحن الأطباء لحل المشاكل بالتنازل عن حقوقنا  ، وبسبب هذه الإشكالية يعمد الأطباء إلى تجنب معالجة بعض المرضى ممن لا يملك ذووهم الثقة بالأطباء الذين يعتبرون التعاطي مع هذا النمط من المواطنين بمثابة مغامرة ،  لذلك يمتنعون عن معالجة الحالات المعقدة التي تكون درجة احتمال وفاة المريض أو المريضة فيها عالية ، ناهيك عن الحالات التي قد تؤدي إلى مضاعفات محتملة "
بثّ الوعي
الطبيب إياد المحمداوي بيّن بهذا الصدد " من الضروري والمنطقي أن تبادر الجهات المعنية ببث الوعي الديني ،فرجل الدين معني بالدرجة الأولى بسبب تأثيره الفاعل في اتجاهات الرأي العام ببث الوعي بين المواطنين والتعريف بأهمية الطبيب وشخصيته ووظيفته التي يقوم بها للحفاظ على السلامة الصحية خاصة في مجال الكشف والتشخيص ثم وصف العلاج المناسب للمرضى"  وأضاف الطبيب إياد المحمداوي قائلا " هنالك الكثير من الحكايات والمواقف التي حدثت والتي تعكس ما يتعرض له الأطباء من ضغوطات من قبل ذوي المرضى ،أتذكر حادثة ما تزال ماثلة في أرشيف الذاكرة، هنالك طبيبة جراحة كانت قد أجرت عملية إزالة الرحم لامرأة كانت تعاني من نزيف شديد ،وهذه الحالة اقتضت حينها إجراء العملية وإلا توفيت المريضة ، وبعد إجراء العملية وتماثل المرأة للشفاء بادر ذووها إلى ابتزاز الطبيبة وإلزامها دفع مبلغ  من المال كفصل عشائري ، متذرعين بأن مريضتهم لن تحمل ولن تنجب بعد إجراء العملية ، فمثلا قال أحد ذوي المريضة " لماذا لم تخطرونا نحن ذوي المريضة بانعكاسات العملية قبل إجرائها لكي نناقش المشكلة ؟   
ضعف الإدارة الأمنية
تقوم تشكيلات حماية المنشآت بوظيفتها في حفظ المؤسسات ودوائر الدولة ،لكن ثمة مشكلة يسردها بعض الأطباء تتمثل في غياب التنسيق بين إدارة هذه التشكيلات والدوائر الصحية .يقول الطبيب صفاء الأديب " عندما تحدث مشكلات أمنية تخص تهديد الأطباء داخل المستشفيات والدوائر الصحية والمراكز الصحية فإن أفراد حماية المنشآت ينأون بأنفسهم عن التدخل ،مبررين ذلك بحدود وظيفتهم الأمنية التي تتلخص في حماية المباني كالمستشفيات وغيرها وتنظيم عملية دخول المراجعين والموظفين ، فلا شأن لهم بما يقع من مشكلات ما بين الأطباء وذوي المرضى " ويضيف الأديب " إن تعرض الأطباء خاصة الجراحين إلى التهديد هو من ضمن ما ورثناه من العادات العشائرية السيئة التي أصبحت مشاعة ومتداولة للأسف الشديد .
المسؤولية المهنية
إن مسؤولية المهنة يتحملها الطبيب نفسه وليس المواطن وإذا كان ثمة تقصير فمن حق المواطن أن يقدم شكوى إلى دائرة صحة ذي قار لاتخاذ اللازم .يقول الطبيب سجاد حسين كاظم " من الخطأ معالجة المشكلات التي تقع بين الأطباء وذوي المرضى عن طريق العرف العشائري ، وإذا كان ثمة مواطن ما يملك أدلة قاطعة على تقصير الطبيب بحقه فيمكن له تقديم شكوى إلى دائرة صحة ذي قار لتشكيل لجنة تحقيقية لتقييم المشكلة والتحري عن أسباب وقوعها ، فإذا ثبت لدى اللجنة تقصير الطبيب فإن أوراق المشكلة سوف تحال إلى القاضي الذي يتعاطى مع هذه المشكلة بحسب قوة الأدلة ،وإذا كانت الأدلة قاطعة فإن القاضي سيطابق ما بين طبيعة التقصير الذي ارتكبه الطبيب والمادة القانونية المناسبة التي بموجبها ستتم عملية محاسبته وإن كانت الأدلة ضعيفة وغير كافية فمن البديهي أن القاضي سيبرئ الطبيب المتهم من التهمة الموجهة إليه " .
انطباعات المواطنين
أدلى بعض المواطنين بآرائهم منتقدين هذه الظاهرة المقيتة التي لا تنمّ عن سلوك حسن .يقول المدرس باسم الغريباوي " صادف أن مرضت زوجتي فأشار علي الطبيب إجراء عملية فورية لكي تشفى من المرض الذي أصابها ، لكن الطبيب الجراح كان مترددا في إجراء العملية رغم توسلاتي وإلحاحي الشديد ، لكنه اعتذر عن  إجراء العملية خشية حدوث مفاجآت يعقبها التهديد العشائري  فقلت له " أنا أتحمل المسؤولية ولا صلة لي بالتهديد العشائري أرجوك نفذ العملية فمريضتي ستتوفى " .
من المؤكد أن استهداف أمن الأطباء وابتزازهم هو من ضمن السلوكيات المتخلفة حيث لا يختلف اثنان على ذلك، يقول العقيد الحقوقي محمد عزيز الصافي "هذه الظاهرة تدخل ضمن منظومة الجهل والتخلف الذي يعانيه شعبنا ويكمن الحل في تشريع يجرّم هذا التصرف ويعاقب عليه مصحوبا بالتثقيف عليه من منظمات المجتمع المدني ".
طبيب طالبوه بالرحيل
كثيرة هي القصص والحكايات والأحداث التي تعكس هذه الظاهرة الوحشية ،منها تعرض طبيب في مستشفى الرفاعي العام إلى التهديد الجدي عندما عمد المهددون المجهولون إلى رمي ورقة تهديد في بيت الأطباء المجاور لمستشفى الرفاعي العام ،وقد تضمنت الورقة مطالبة الطبيب بالرحيل عن المدينة وترك عمله في المستشفى وإلا تعرض لما لا يحمد عقباه ،وتعد هذه الحادثة الأولى من نوعها في قضاء الرفاعي  . وكان التهديد قد استهدف طبيب التخدير  الذي عمل لمدة تزيد على أربع سنوات  وكانت ورقة التهديد قد حملت العبارة الآتية (أنذرناك سابقا ارحل قبل فوات الأوان)،وقد توقفت العمليات الجراحية إثر هذا التهديد  .
دور الجهات الأمنية
من المؤكد أن الجهات الأمنية ونقصد الشرطة لها دور فاعل في إجراء تحقيق رصين مع المدعى عليه من المخالفين حين يقوم الطبيب برفع دعوى ضد من يبتزه ،يقول العقيد الحقوقي رشيد سهل عبد معاون مدير مركز شرطة الرفاعي " من المؤكد أن هذه الظاهرة مرفوضة اجتماعيا وقانونيا ، ونحن بدورنا مسؤولون أمنيا عن حماية المواطنين بمن فيهم الأطباء حيث يتلخص دورنا في إجراء تحقيق أولي عندما يرفع الطبيب دعوى ضد من يبتزه ثم نحيل أوراق الدعوى إلى القاضي للبت فيها قانونيا ".
سلوك منافٍ لحقوق الأطباء
من البديهيات أن الضغط على الطبيب واتباع أسلوب الإكراه هو من السلوكيات المنافية لحقوق الإنسان ،يقول المعالج الطبيعي فاضل عباس الركابي   " تهديد الأطباء  سلوك سلبي مرفوض وتهديد لحقوق الأطباء يتسبب في التقاطع مع التقدم والتطور العالمي في مجال تقديم الخدمة الطبية ..التهديد نمط من  الهمجية المقيتة الذي دانته جميع الشرائع سواء الدينية أو الوضعية  ".
وصف بعض المواطنين هذا السلوك بأنه سلوك مدان وغير مستساغ باعتبار أن الطبيب يقدم خدمات إنسانية ومهنية للحفاظ على الصحة والسلامة العامة ،يقول المعلم عيسى مكطوف السعيدي " إن ظاهرة الضغط على الطبيب أمر مريب لكننا لا نعصم الطبيب من الخطأ بعض الأحيان عندما يفشل في تحقيق الهدف والسبب أن الأطباء متفاوتون في المستوى المهني ".
لا يمكننا أن  نبخس دور الأطباء الفاعل في تحقيق السلامة الصحية للمواطنين سواء عن طريق تطبيق طرق الوقاية عبر الإرشاد والتوجيه أو عن طريق تقديم العلاجات المناسبة للمرضى لضمان شفائهم من الأمراض ، وهي رسالة لكل المواطنين لإبداء منتهى التعاون مع الأطباء ، في نفس الوقت يجب أن يعي كل طبيب حجم مسؤوليته المتمثلة في خدمة المواطنين.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق منارات

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

لا ينبغي ان يحلق في سمائها غير طيور الحباري ..الإرهاب والمخدرات يهددان أمن الحدود العراقية السعودية
تحقيقات

لا ينبغي ان يحلق في سمائها غير طيور الحباري ..الإرهاب والمخدرات يهددان أمن الحدود العراقية السعودية

 اياد عطية الخالدي تمتد الحدود السعودية العراقية على مسافة 814 كم، غالبيتها مناطق صحراوية منبسطة، لكنها في الواقع مثلت، ولم تزل، مصدر قلق كبيراً للبلدين، فلطالما انعكس واقعها بشكل مباشر على الأمن والاستقرار...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram