يقول احد الكتّاب ان الانتقام يحول الحق البسيط الى خطأ كبير ، وفي أزمة الأنبار التي تتواصل بنجاح منقطع النظير يرافقها التطبيل والتزمير من أصحاب (لاحت رؤوس الحراب ) والذين يحيون المالكي ( ابو الغيرة ) ومن التأجيج الإعلامي وتصريحات الساسة الرنانة والحرب ( الفيسبوكية ) الساخنة والخطاب الطائفي الذي بات ينشر ظلاله على الشارع العراقي.. في هذه الأزمة تألق الانتقام كنجم أقيم على شرفه حفل يراد به ان يكون طائفي السمة فمن يحارب داعش يعاني جيشه الأمرين بين التورط في حرب (أخوية ) ومن الجهل بالمناطق التي يطأها والعدو الذي يواجهه فهل هو داعش واتباعه حقا ليستحق القتل دون ندم ام انه متكون من أبناء عشائر انتفضوا على التفرقة والاستخفاف بمطالبهم والتجاوز على كيانهم وهيبتهم فاختاروا الانتقام ، ومن يحارب الجيش يحاول ان يوصل رسالته للرأي العام بضرورة استبدال الجيش بالشرطة المحلية وبقدرة رجال العشائر على حماية أراضيهم وإبعاد خطر داعش عنهم لكنهم يعجزون حتما عن إسقاط تهمة تبنيهم لداعش وتعاونهم معها لذا يطالهم انتقام الحكومة متمثلة بجيشها..
في حفلة الانتقام التي يصفها احد كبار مثقفي الفيس بوك بقوله "على الباغي تدور الدوائر ، آذيتمونا من قبل فتستحقون الأذى " لا يصبح داعش هو العدو الحقيقي لأنه عدو جديد من نتاج الألفية الثالثة اما الأذى المقصود فهو الذي وقع على أبناء الوسط والجنوب من جيش صدام لذا يستحق أبناء المناطق الغربية الآن الأذى من وجهة نظر ذلك المثقف والمئات الذين أيدوه فورا ..من هو الخاسر إذن في حفلة الانتقام تلك ؟...الخاسرون كثيرون كما اعتقد فأبناء الجيش الذين ينتظرون نهاية الشهر ليستلموا راتبا يعيل أسرا فضلت تقديم أبنائها الى جحيم الحرب مقابل ان تسد رمقها خاسرون ،والمتضررون من أهالي الغربية الذين فقدوا أمانهم ومصادر رزقهم ومستقبل أولادهم من الطلبة ومنازلهم التي يطالها القصف خاسرون ..والناس الذين يشكلون نسيجا رائعا من طائفتي السنة والشيعة في مصاهراتهم وعلاقاتهم الدراسية وصداقاتهم في العمل وجيرتهم في مناطق تضم الطائفتين خاسرون ..والمخدوعون من التصريحات السياسية الملتهبة والقنوات المضللة خاسرون والمندفعون في خلافات فيسبوكية قوامها السب والشتم والألفاظ البذيئة والتحديات خاسرون لأنهم مادة جاهزة حاليا لإثارة شماتة وسخرية أعداء العراق الذين يفضلونه طائفيا ليسهل ضربه في صميم وحدته وتكاتف أبنائه ..
يقول رجل السلام المهاتما غاندي ان "قاعدة العين بالعين ستحيل العالم الى عميان " فالتسامح هو احلى انتقام في نظر العقلاء لأنه يفتح الأبواب للتماسك والتكاتف بين الأطراف المتناوئة وبالتالي تتولد قوة لا يمكن اختراقها ..لابد للحكومة اذن ان تدرك ان عدو الشعب العراقي واحد وان أبناء الأنبار كأبناء الوسط والجنوب لا يريدون ان يكونوا حطبا لحرب خاسرة ..الشعب العراقي يريد ان يعوض حرمانه بالقليل من الرخاء وان يبني ويعمر لكن أخذ مناطق بأسرها بجريرة أشخاص تقود الى مثل هذه النتائج الأليمة وهو نفس ما حصل في عهد صدام الدموي ..
انتبهوا إذن أيها الساسة فأنتم تقودون العراقيين الى منزلق خطر لا يمكن الخلاص منه حتى بحربكم هذه لأن الانتصار الحقيقي والدائم هو الانتصار بالسلام وليس بالحرب واي قائد عسكري صادق مع شعبه لابد ان يعترف بانه يرتكب أخطاء في تطبيق قوته العسكرية وان يعيد حساباته مع شعبه فيحتويهم بالسلم ويكسبهم الى صفه فالزعيم لابد ان يقود بالمثال وليس بالقوة كما فعل غاندي وعندها سيصبح الشعب كله موحدا ويصبح العدو واحدا بالتأكيد ..
انتقام العميان
[post-views]
نشر في: 17 يناير, 2014: 09:01 م