TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > حزب "الدواعيش"

حزب "الدواعيش"

نشر في: 21 يناير, 2014: 09:01 م

الحزبي المتقاعد ابو سلام ، لأسباب ذاتية و أخرى موضوعة ، ترك التنظيم وطلق السياسية بالثلاث ، وتفرغ لحياته اليومية الرتيبة ، وخضع لمراقبة شريكة حياته المسؤولة عن تنفيذ وصايا الأطباء وإرشاداتهم بالابتعاد عن إثارة الأعصاب ، بمتابعة الفضائيات وما تبثه من أخبار وتقارير ولقاءات مع أعضاء في مجلس النواب والمحللين السياسيين ، وفي الآونة الأخيرة ، تراجعت صحة الرجل لشعوره بالقلق الشديد على مستقبل البلاد .
ام سلام وفرت كل سبل الراحة لزوجها ، بتشديد إجراءات الرقابة واحتفاظها بريمونت التلفاز وبقرار من الأبناء والأحفاد ، امتلكت صلاحية اختيار قنوات تبث الأغاني والمسلسلات والأفلام الأجنبية ، لتساعد زوجها على تجاوز ازمته الصحية ، لكنه ظل مصرا على الحديث بالشأن السياسي والأمني مع زواره من المعارف والأقارب ، وفشلت محاولات الزوجة في الحد من انشغاله بقضايا تعكر المزاج و تسبب ارتفاع ضغط الدم و"دوخة الراس ولعبان النفس " والحديث فيها لا يجدي نفعا سوى الندم وإتلاف الأعصاب.
" يا رجال اترك سوالفك التعبانة " نداء يومي موجه من الزوجة الى ابي سلام، يتكرر يوميا مئات المرات ، ويحظى بتأييد الأبناء، لقناعتهم بان صحة الأب في تراجع ، وانشغاله بالسياسية سيسرع من خطواته نحو مثواه الأخير ، ولاسيما انه حديثه في بعض الأحيان يكون شبيها بالهذيان متضمنا توجيه الشتائم والسباب لمسؤولين اميركيين سابقين وحاليين واتباعهم من حكام المنطقة ، وبعد فاصل قصير وغفوة تستمر دقائق ، نتيجة تناول المهدئات يعود الى كامل وعيه ، فيما تخفي نظراته أسئلة شائكة تندرج ضمن "السوالف التعبانة" بحسب تعبير الزوجة ، فيؤجل طرحها لحين حلول الفرصة المناسبة .
ابو سلام عندما يكون في وضعه الطبيعي يطرح أسئلة تحتاج الى معجزات للإجابة عليها ، فهو مثلا اقترح تشكيل "حزب الدواعيش" ليضم المسؤولين المتورطين بقضايا فساد ، لانهم استطاعوا التخلص من الملاحقة القضائية ، لامتلاكهم أساليب مبتكرة في التخلص من القضاء بالتسوية او بإغلاق الملف ، ومواهبهم وخبراتهم في الاحتيال، تؤهلهم ليكونوا قادة قوى سياسية تتمتع بتأييد شعبي لاستعدادهم لانفاق ما سرقوه من المال العام لشراء الأصوات وتحقيق أغلبية مريحة في مجلس النواب المقبل ، وبجهود المفسدين يمكن ان يتجاوز العراق أزماته السياسية المستعصية ، لان اللعب سيكون على المكشوف في تقاسم المغانم.
مقترح أبي سلام قاله أثناء تمتعه بكامل قواه العقلية ، وهو يراه افضل خيار في المرحلة الراهنة لرتيب البيت العراقي ، ووضع حد للخلاف المستمر منذ اكثر من عشر سنوات ، ومن سمع المقترح من أفراد الأسرة عده نوعا من هذيان الرجل نتيجة تأثره بأزمته الصحية ، وليس على المريض حرج حين يدعو الى تشكيل "حزب الدواعيش" من دون ان يعلم بان دعوته وحدها كافية لاعتقاله بتهمة أربعة إرهاب ، ولإزالة اللبس المحتمل ، الرجل قصد المفسدين في شعار اطلقه يا دواعيش العراق اتحدوا .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق منارات

الأكثر قراءة

العمود الثامن: "علي بابا" يطالبنا بالتقشف !!

العمود الثامن: بلاد الشعارات وبلدان السعادة

العمود الثامن: موجات الجزائري المرتدة

العمود الثامن: المستقبل لا يُبنى بالغرف المغلقة!!

سوريا المتعددة: تجارب الأقليات من روج آفا إلى الجولاني

العمود الثامن: بلاد الشعارات وبلدان السعادة

 علي حسين نحن بلاد نُحكم بالخطابات والشعارات، وبيانات الانسداد، يصدح المسؤول بصوته ليخفي فشله وعجزه عن إدارة شؤون الناس.. كل مسؤول يختار طبقة صوتية خاصة به، ليخفي معها سنوات من العجز عن مواجهة...
علي حسين

قناطر: شجاعةُ الحسين أم حكمةُ الحسن ؟

طالب عبد العزيز اختفى أنموذجُ الامام الحسن بن علي في السردية الاسلامية المعتدلة طويلاً، وقلّما أُسْتحضرَ أنموذجه المسالم؛ في الخطب الدينية، والمجالس الحسينية، بخاصة، ذات الطبيعة الثورية، ولم تدرس بنودُ الاتفاقية(صُلح الحسن) التي عقدها...
طالب عبد العزيز

العراق.. السلطة تصفي الحق العام في التعليم المدرسي

أحمد حسن المدرسة الحكومية في أي مجتمع تعد أحد أعمدة تكوين المواطنة وإثبات وجود الدولة نفسها، وتتجاوز في أهميتها الجيش ، لأنها الحاضنة التي يتكون فيها الفرد خارج روابط الدم، ويتعلم الانتماء إلى جماعة...
أحمد حسن

فيلسوف يُشَخِّص مصدر الخلل

ابراهيم البليهي نبَّه الفيلسوف البريطاني الشهير إدموند بيرك إلى أنه من السهل ضياع الحقيقة وسيطرة الفكرة المغلوطة بعاملين: العامل الأول إثارة الخوف لجعل الكل يستجيبون للجهالة فرارًا مما جرى التخويف منه واندفاعا في اتجاه...
ابراهيم البليهي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram