هذه كانت مقدمة الناقد والقاص جاسم عاصي في أمسيته التي أقامها له قصر الثقافة والفنون في كربلاء التي تحدث فيها عن التحولات في الكتابة والتي قدمها الأديب علي لفته سعيد أوضح فيها أنّ اشتغالات عاصي الكثيرة جعلته قادرا على الإحاطة بالتحولات التي تحصل في الكتابة السردية والتي انقسمت إلى قسمين :الأول تحولات النص ذاتها لدى الكاتب وتصاعديته وعلاقاته مع المكان والشخصيات وكذلك التحولات في الكتابة السردية عموما منذ نشأتها الأولى حتى الآن التي جمعت هذه التحولات في ثلاث نقاط مهمة هي التحولات من خلال التعاطف مع الشخصية وكذلك التعاطف مع المكان فضلا عن التعاطف مع روح التاريخ الذي يجمع المكان والزمان والشخصية..الأمسية حضرها عدد من الأدباء والمثقفين الذين أغنوا الأمسية بمداخلات عديدة.

وتحدث الناقد عاصي عن مفهوم محاضرته قائلا ،إنه لا بد لكل كتابة تحولات في الشخصية أو المكان ،والقارئ الحصيف هو الذي يدرك هذه التحولات..وقد أفاض عاصي بطرح نماذج عديدة من سرديات كبار الكتاب من مثل ديستوفسكي الذي كتب الكثير من الروايات ، وهو كان يتعاطف معها وخاصة الشخصيات المهملة .

إن ديستوفسكي كان متأثرا بالمتصوفة في كتاباته ليس بمعنى ممارسة الطقوس بل بمعنى التأثر في الكتابة وتحولاته وكذلك تحدث عن همنغواي الذي يتعاطف أيضا مع شخصياته الثانوية ،معرجاً على الروائي العراقي غائب طعمة فرمان وكذلك نجيب محفوظ وكذلك جبران خليل جبران كونهم كانوا يتعاطفون مع شخصياتهم التي تمنحهم القدرة على التحول في النمط الكتابي..ويشير إلى انه ككاتب منتج للسرد يتعاطف كذلك مع شخصياته وخاصة المسحوقين ،وقال ان الشخصيات في الكتابة تتعاطف هي الأخرى مع محنها كما يتعاطف هو مع موضوعة الموت ..موضحا ان هناك تعاطفا مع الشخصيات وهنا مع المكان وكذلك مع التاريخ وخاصة المنسي والمهمل منه.

وشهدت الأمسية العديد من المداخلات بدأها الباحث الدكتور عباس التميمي الذي عدّ اعتماد التاريخ على الأديب بوصفه حاضنة للإبداع والمدن التي لديها أدباء كبار هي مدن منتجة ،مطالبا بنصب في إحدى الساحات المهمة في المدينة يؤرخ للمبدعين الذين أعلوا من شأن المدينة..وقال ،إن عاصي يتعامل مع الخيال والواقع بهذه الطريقة ؛ولذلك فإن التحولات لديه هي النضوج في الكتابة التي تندرج في حركة تتابع الزمن والتحول والاتساع.

وتداخل القاص سلام القريني بقوله :إن التحولات لم تأت من فراغ بل من خلال حركة الأدب ذاته وخاصة تلك التي خلدت منتجيها لان لها محركات في هذه التحولات تعينها قوة واندفاعا وقبولا، وهي أيضا تعتمد على الأس الفكري الذي حركته آفاق الكتابة.

فيما قال القاص حمودي الكناني إن الكاتب يستنطق الشخصيات وهي محاولة كمن يريد أن يكفر بما سببته عملية دفق الذاكرة وهو الرقيب السياسي.

الباحث عبد الهادي البابي قال :إن التحولات في الكتابة عمل كبير لا يمكن أن يبدع به أي قاص أو كاتب ..وهذا الأمر لا يتم إلا بقدرة وملكة خاصة لا تتوفر إلا عند الكتّاب العظماء ، ولاشك عاصي هو واحد من هؤلاء الأفذاذ ..وأضاف :إن عاصي كان بارعاً بتطويع النصوص في رواياته وقصصه إلى حيث التجانس النفسي والروحي بين الدلالات الإنسانية و التاريخية والروحية التي تدور فيها أحداث ووقائع رواياته وقصصه .

فيما كان قول الباحث خليل الشافعي ،إن هناك تحولات للكاتب وكأنه يريد ان يغوص في أعماق القارئ وهو لن يكون بمستطاعه إلا إذا كان الأديب منتجا ومقنعا للقارئ..وتساءل الشافعي:ما المقصود بالتحولات ؟ هل هي في بنية النص في خط الأخيار للشخوص في الفواصل الكتابية؟ وما المقارنة بين التحولات التي تجري على أرض الواقع وبين التحولات الكتابية ؟وما الضرورات لكل ذلك؟