TOP

جريدة المدى > عام > مشروع أدبي لتكريم شارع المتنبي

مشروع أدبي لتكريم شارع المتنبي

نشر في: 24 يناير, 2014: 09:01 م

يستعدّ مئات الأدباء و الفنانين لتحية شارع الكتب في العراق – شارع المتنبي – الذي تعرّض لتفجير بسيارة مفخخة عام 2007 . يقال عندما تعرضت بغداد للنهب على يد المغول عام 1258 ، تحوّل ماء نهر دجلة إلى اللون الأحمر لكثرة دماء القتلى ، و في اليوم

يستعدّ مئات الأدباء و الفنانين لتحية شارع الكتب في العراق – شارع المتنبي – الذي تعرّض لتفجير بسيارة مفخخة عام 2007 . يقال عندما تعرضت بغداد للنهب على يد المغول عام 1258 ، تحوّل ماء نهر دجلة إلى اللون الأحمر لكثرة دماء القتلى ، و في اليوم التالي تحوّل إلى اللون الأسود من حبر الكتب التي ألقيت فيه.

في الخامس من آذار 2007 سقطت كتب بغداد مرة أخرى ضحية للحرب عندما انفجرت سيارة مفخخة في شارع المتنبي التاريخي – موطن بيع الكتب و المطابع و المقاهي كمقهى الشابندر الشهيرة ، حيث يتجمع أدباء و مفكرو العراق منذ قرون .
لدى قراءته عن الموضوع في صحيفة نيويورك تايمز في الصباح التالي، شعر بو بوسوليل، الشاعر و بائع الكتب في سان فرانسيسكو ، بأن له صلة بالموضوع حيث قال " لو كنت عراقيا لكانت مكتبتي في ذلك الشارع .. و بصفتي شاعرا لكان ذلك المكان هو مجتمعي الثقافي " . مع تفجير الشارع، شعر بوسوليل بأن المسافات تنهار بينه و بين الشارع ، و ان عليه ان يقوم بشيء ما ، و أن على الغربيين " ان يعلموا أن لدينا قواسم مشتركة مع شارع المتنبي ". في تصوره ان رد الفعل يجب ألا يقتصر على الشجب بالكلام فقط " علينا ان نفكر بما يحدث و تأثيره على حياة الناس هناك" . و هكذا بدأ مشروع شارع المتنبي .
بدأ المشروع بدعوة المطابع لطباعة بوسترات كبيرة مطبوعة على جانب واحد فقط. استجاب فنانو المطابع للدعوة، يقول بوسوليل " إنهم أناس لهم ردود فعل تاريخية تجاه المآسي الوطنية و لديهم تطلعات لمجتمعات اكثر عدلا " . بعد سنوات قليلة جمع المشروع عددا من الانتقادات و الاستنكارات، منها 133 تمت رقمنتها في مكتبات جامعة فلوريدا أتلانتيك ليتم التبرع بها للمكتبة الوطنية العراقية. كان العدد المطلوب 130 ليرمز إلى أعداد ضحايا الشارع في التفجير ( 30 شهيدا و 100 جريح ). منذ ذلك الحين ظهرت تفرعات للمشروع، حيث ظهرت مختارات من ردود الأفعال التحريرية عن التفجير من شعراء و أدباء عراقيين وأمريكان و من بلدان أخرى . أطلق على المشروع اسم ( شارع المتنبي يبدأ هنا ) ، شارك في تحريره ديما شهابي الشاعرة الفلسطينية – الأميركية، و تضمن مساهمات تمتد من الصحفي الفائز بجائزة بولتزر أنتوني شديد الذي عانى من نوبة ربو مميتة خلال تغطيته للصراع السوري ، إلى ياسين السلمان الصحفي العراقي – الكندي ، إلى بوسوليل نفسه و آخرين .
كانت هناك أيضا دعوة لفناني الكتب ( متمرسين ينجزون أعمالهم الفنية على شكل كتاب ) لوضع كتب تتضمن " الذاكرة و المستقبل ، ما جرى فقدانه بالضبط في ذلك اليوم " من خلال إجراء جرد لشارع المتنبي – لتكون رثاءً و في نفس الوقت إحياءً لقوة الكلمة . في هذا الجرد، استخدمت كتب الفنانين هذه أصحاب المطابع والأدباء و بائعي الكتب و القراء باعتبارهم المحك و لإظهار " القاسم المشترك بين شارع المتنبي و أي شارع آخر في أي مكان يضم مخزنا للكتب أو مؤسسة ثقافية ".
مجموعة مختارة من كتب الفنانين و بوسترات الاستنكار تعرض حاليا في قاعات الموزائيك في لندن ، و في الثاني و العشرين من ك2 ستكون هناك ندوة يناقش فيها اثنان من الفنانين المساهمين هما كاثرين كارترايت ومونا كرغلر مع المتحدث الضيف د. صفاء صنكور الصالح ، أهمية المشروع و عملية الاستجابة لهذا المشروع و خلق أعمال فنية له . كارترايت هي فنانة بريطانية انخرطت في المشروع لاهتمامها بقضايا حقوق الإنسان و بكيفية ترويج الفنانين للتغيير السياسي أو الاجتماعي. إنها ترى ان المشروع يزيد من الوعي والتضامن ، تقول " يمكننا ان نشارك في قصص تحدث في أنحاء العالم ...المشروع يبين للذين يعانون في العراق بأننا لن ننساهم ". أما كرغلر فإنها أكاديمية لها خبرة في الفن و السياسة العراقية، إنها ترى انه من أجل الكتابة عن الفن، فإنها بحاجة إلى الغوص في عملية صناعة الفن". بالنسبة لها فان السؤال المهم هو كيف نعرّق التضامن . تقول ان مشروعها " هو مشروع للشعب العراقي ، عن شارعهم ، عن آلامهم ومعاناتهم ". في عملها الذي يعرض حاليا في قاعات موازائيك لندن ، تنظر إلى فكرة الألم و الانكسار – و هي أمور يمكن ان تحصل لأي كان و ليست مقتصرة على مكان محدد – الألم ليس له هوية. عملها ينقل فكرة الألم و الانكسار إلى جسم الأنسان و من ثم العودة إلى خارطة بغداد ( المتمثلة بجسد جريح ) و إلى شارع المتنبي ( المتمثل بندبة ) . الندبة التي نتجت عن التفجير ليست الوحيدة ؛ فتاريخ بغداد يزخر بهجمات على الكلمة المكتوبة و على المجتمع . من النادر ان تتضرر الكتب وحدها في مثل هذه التفجيرات . احد أشرطة الفيديو الموسوم " أتحداكم " للفنان ستيفاني سوربارت، يضم هذا النموذج العراقي في قائمة طويلة من التواريخ والأماكن التي أحرقت فيها الكتب أو أتلفت . يمكن للمرء ان ينظر إلى التاريخ الحديث ليجد المزيد من النماذج مثل تفجير مكتبة سراييفو في 25 آب 1992 الذي دمر ما يقرب من ثلاثة ملايين كتاب و مؤخرا الهجوم على مكتبة في طرابلس في لبنان بدوافع طائفية حيث أ ضاع التفجير ثلثين من الكتب ( 80 ألف كتاب ).
مع ذلك، فبالنسبة إلى كارترايت هناك فائدة في التركيز على الخامس من آذار 2007 – ذلك اليوم ، ذلك الشارع ، و ذلك التفجير – بهدف إيضاح الرؤية حول المشروع الذي يضم أعمال الكثير من الفنانين، الكل يعمل بشكل مستقل . لكن من المهم أيضا ان نعرف بأن المتنبي ليس مجرد مكان فحسب و إنما هو أيضا رمز ينطبق على كل مكان آخر .
 الغارديان البريطانية

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

موسيقى الاحد: الدرّ النقيّ في الفنّ الموسيقي

في مديح الكُتب المملة

جنون الحب في هوليوود مارلين مونرو وآرثر ميلر أسرار الحب والصراع

هاتف الجنابي: لا أميل إلى النصوص الطلسمية والمنمقة المصطنعة الفارغة

كوجيتو مساءلة الطغاة

مقالات ذات صلة

علم القصة: الذكاء السردي
عام

علم القصة: الذكاء السردي

آنغوس فليتشرترجمة: لطفيّة الدليميالقسم الاولالقصّة Storyالقصّة وسيلةٌ لمناقلة الافكار وليس لإنتاجها. نعم بالتأكيد، للقصّة إستطاعةٌ على إختراع البُرهات الفنتازية (الغرائبية)، غير أنّ هذه الاستطاعة لا تمنحها القدرة على تخليق ذكاء حقيقي. الذكاء الحقيقي موسومٌ...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram