TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > وقف انقلاب المالكي

وقف انقلاب المالكي

نشر في: 25 يناير, 2014: 09:01 م

تابعت اليوم حدثين اساسيين احدهما ما قاله النجيفي في واشنطن، والثاني اجتماع ثماني محافظات سنية وشيعية، في البصرة لرفض موازنة نوري المالكي، واضطرار حلفائه في الجنوب الى الانخراط في الموقف الاعتراضي مراعاة لغضب الجمهور. الحدثان في البصرة وواشنطن، دلالتهما واحدة، وهي ان تعريف "البطولة" التي يبحث عنها الفريق السياسي والعسكري المحيط بسلطان بغداد، لابد ان يتغير. وإذا لم يتغير فإنه سيتعرض لتغيير بالقوة. فريق السلطة يبحث عن انتصارات تثأر لصورة "البطل الشرقي" التي احبها المالكي وركب عليها محاولا ان يقول للعراقيين انه منقذهم الفذ. وعلى مر عقود كانت هذه الصورة سواء تعلقت بالخميني او عبد الناصر وسواهما، عملية مكلفة للغاية لشعوب المنطقة. وما جرى في العراق كان في جوهره، محاولة عبور من صورة الساحر القابض على كل شيء، الى حكم القانون الذي يحترم مجتمعا تتعدد فيه مراكز القوى، لنطرد الفرد القادر على اعلان الحرب او السلم، بشخطة قلم.
انحراف المسار العراقي بدأ عند شعور المالكي بأن مسار التحول الديمقراطي سيعني سباقا صعبا في دروب التنمية والشراكة وحفظ وحدة البلاد، وهو سباق لا تكفي له مؤهلاته الشخصية ولا امكانات فريق "العباقرة" المحيط به. وكان التشبث بالسلطة ممكنا وحسب عبر حرف المسار السياسي للعراق، والانقلاب على مبادئ الفصل بين السلطات واستقلالها، وها نحن نعيش فصلا سيئاً لهذا الانقلاب الاهوج والمكلف. اما ما جرى في واشنطن والبصرة خلال الايام الماضية، فكان يحمل رسالة مفادها ان الامور لن تستقيم الا بنسيان مفهوم البطل العتيق، واللجوء الى مسار حديث في السياسة والادارة.
النجيفي احال المالكي الى قاعدة واضحة وطلب من واشنطن افهامه اياها: لا يمكنك ان تحكم منطقة لا تثق بك. وبعبارة اخرى فإن داعش ستنتهي عملياً بمجرد ان يشعر الناس بأن حقوقهم محفوظة، اما حين تقول لهم الحكومة ان اعتصامكم داعشي، فستختلط خطوط القتال ويضيع الحق والباطل. وبالمناسبة فإن عبارة النجيفي هذه لخصت موقف العقلاء الشيعة والاكراد، وهي تكشف الى اي درجة بقي الموقف السياسي للمالكي معزولاً.
ان التعريف الحديث للبطولة والقيادة لا يحترم نزعة فرض الامور بالقوة، بل يبشر بقدرة القائد على اقناع مراكز القوى في بلاده، بطريقة العمل. وهذا ما لم يحسنه المالكي وجعلنا نخسر الانبار ونخشى ان نلتحق بالكارثة السورية حيث يكون الاهالي مطحونين بين تكفير داعش ونقص حكمة السلطة.
في البصرة اجتمع صباح السبت ممثلون منتخبون لثمانية محافظات عراقية، من الموصل وتكريت الى العمارة والكوت، ليقولوا شيئا مشابها، وهو ان فريق السلطة فشل في اقناعهم بطريقة عمله. السلطان يريد فرض ما يشتهيه، ويتفق مع حساباته الانتخابية، كزعيم حزب مذعور وخاسر في انتخابات نيسان الماضي. وممثلو المحافظات قالوا له بوضوح، ان هناك قانونا نشرته الجريدة الرسمية، يمنح صلاحيات اكبر وأموالا اكثر، وأن البطولة في تطبيقه، لا رفضه على نحو انقلابي يعيدنا الى عصر المماليك.
النجيفي ردد قاعدة بسيطة: البطولة ان تكسب ثقة الشعب، لا ان تقصفه وتتورط بحرب غامضة في شوارع الانبار، في لحظة قطع نهائي للود مع اهلها. ومنتجو النفط في البصرة رددوا قاعدة بسيطة هي الاخرى: البطل من يطبق القوانين، والمحافظات الشيعية قبل السنية، لن تخضع لشهوة ونزوة فريق العباقرة في مكتب السلطان.
الملاحظة التي يجدر الانتباه لها، هي ان خلف عبدالصمد رئيس مجلس البصرة، ومحافظ ذي قار، وكلاهما من حلفاء المالكي، اضطروا للانخراط في الموقف الاحتجاجي وانتقاد زعيم كتلتهم، اضطرارهم للتناغم مع جمهور غاضب بدأ يستوعب حقه في الحصول على مزيد من المال والصلاحيات، الى درجة سلبت من عبدالصمد ومحافظ الناصرية، القدرة على تلميع وجه المالكي. ان دائرة الاعتراض تتسع، ضد الانقلاب الذي ينفذه المالكي.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 6

  1. ابو كاطع العراقي

    هل العراق بحاجة الى ارامل وايتام جدد تركة القائد الضرورة الخرابوالدمار بدلا من الاعمار والتعمير لجأنا الى الحروب الاهلية , من سمح لداعش عبور الحدود العراقية؟ هل دخلوا بفيزة من اعطاهم الفيزة؟ الحكومة هي المسوؤل عن دخول داعش الى العراق بسبب ترك الحدود العرا

  2. خريبط سوادي

    تصدير نفط خارج منظومة سومو هل هو من عمل المالكي.. علاوي ضرب الفلوجة عندما كان في رئاسة الوزراء ولم يقل عليه احد انه دكتاتوري او انقلابي الشغلة هي لي ذراع الدولة العراقية عبر اللجوء الى حائط المبكى الامريكي من اجل فرض امور غير دستورية يتمسك بها المالكي...

  3. محمد علي الامام

    تحيه هناك لغط كثير وكذب كثير في اعلام الحكومه واود ان ابين مايلي : اولا . العدد الموجود لداعش في الفلوجه لايتجاوز 300 شخص على قول الحكومه نفسها وانكار اهالي وشيوخ الفلوجه ذلك .. ثانيا . من سمح لداعش ان تتجاوز الحدود وتدخل في هذه المسافه الطويله بحدود 600

  4. عامر المدني

    صديقي وواخي سرمد الطائي سعيد وللمرة الاولى ان اكتب اليكم رغم تخوفي عليكم جدا من هذا السلطان البشع وانت وقلمك الكريم تعيد لي مجد امه احبت الحياة وكرهت الطواغيت واعترضت على قيم واعراف قبل الاسلام لنرى بعدها نور يشع على جميع المعمورة ولكن للاسف ما لبث الامر

  5. جواد الشحماني

    اني على يقين اذا اردنا عراق خالي من الاعمال الارهابية ومن عمليات الفساد في مفاصل الدولةلكي تكون بداية صحيحةوبناء متين واساس قوي .يجب نخطوا الخطوات الاتية: 1- اسقاط كل القوانين الاتي وضعها الحاكم على العراق وهو( الرئس برايمر ). 2- انتخاب دستور جديد تحت رعا

  6. taha

    ما احوجنا الى هذه الاقلام الناضجه والمتعقله وسط هذا المورستان على راي اخواننا المصريين لما يحدث في العراق الذي ياس شعبه من تلمس طريق الخلاص لهم ولبلدهم النازف المحتضر لايهمك يا استاذنا العزيز من التعليقات السخيفه التي تحاول النيل منكم فانت وامثالك هم طوق

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

هل ستعيد التشكيلة الوزارية الجديدة بناء التعليم العالي في العراق؟

العمود الثامن: يزن سميث وأعوانه

العمود الثامن: معركة كرسي رئيس الوزراء!!

العمود الثامن: عبد الوهاب الساعدي.. حكاية عراقية

السيد محمد رضا السيستاني؛ الأكبر حظاً بزعامة مرجعية النجف

العمود الثامن: موجات الجزائري المرتدة

 علي حسين اعترف بأنني كنت مترداً بتقديم الكاتب والروائي زهير الجزائري في الندوة التي خصصها له معرض العراق الدولي للكتاب ، وجدت صعوبة في تقديم كاتب تشعبت اهتماماته وهمومه ، تَّنقل من الصحافة...
علي حسين

قناديل: في انتظار كلمة أو إثنتيّن.. لا أكثر

 لطفية الدليمي ليلة الجمعة وليلة السبت على الأحد من الأسبوع الماضي عانيتُ واحدة من أسوأ ليالي حياتي. عانيت من سعالٍ جافٍ يأبى ان يتوقف لاصابتي بفايروس متحور . كنتُ مكتئبة وأشعرُ أنّ روحي...
لطفية الدليمي

قناطر: بعين العقل لا بأصبع الزناد

طالب عبد العزيز منذ عقدين ونصف والعراق لا يمتلك مقومات الدولة بمعناها الحقيقي، هو رموز دينية؛ بعضها مسلح، وتشكيلات حزبية بلا ايدولوجيات، ومقاولات سياسية، وحُزم قبلية، وجماعات عسكرية تنتصر للظالم، وشركات استحواذ تتسلط ......
طالب عبد العزيز

سوريا المتعددة: تجارب الأقليات من روج آفا إلى الجولاني

سعد سلوم في المقال السابق، رسمت صورة «مثلث المشرق» مسلطا الضوء على هشاشة الدولة السورية وضرورة إدارة التنوع، ويبدو أن ملف الأقليات في سوريا يظل الأكثر حساسية وتعقيدا. فبينما يمثل لبنان نموذجا مؤسسيا للطائفية...
سعد سلّوم
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram