بعد أن وجدت نفسها عارية، في ظروف انفض فيها الجميع من حولها، تسعى حركة حماس المحاصرة في قطاع غزة، إلى إعادة شيء من الدفء لعلاقتها بإيران، التي كانت ممولاً وداعما رئيسياً لتلك الحركة، التي تثبت يوما بعد يوم قصر نظرها، وتخبطها في علاقاتاها السياسية، وعدم قدرتها على قراءة المتغيرات وتوقع الاحداث قبل وقوعها، ما دفعها لنصرة حكم المرشد في مصر، حد الانخراط في معاركه ضد الدولة المصرية، والإرادة الشعبية للمصريين، فوقعت في شر أعمالها، بعد فقدانها للساحة السورية، على أمل انتصار إخوانهم على نظام الأسد، وفقدانها مع ذلك للدعم القطري، المشروط بمغادرة دمشق، قبل أن تعيد الدوحة حساباتها مع حاكمها الجديد، فتسعى لترميم علاقاتها مع العاصمة السورية، عبر بوابة حزب الله اللبناني.
تصف الحركة الاصولية انعطافتها صوب إيران، بأنها إعادة نظر في الآراء والمواقف، على خلفية المصالح الستراتيجية والتطورات المنتظرة في المنطقة على حد سواء، وتزعم أن العلاقات مع ايران تعود تقريباً إلى ما كانت عليه قبل الصراع في سوريا، وتعرب عن اعتقادها أن العلاقة بين الطرفين سوف تعود قريباً إلى ما كانت عليه في السابق، وتكشف أن الاتصالات استؤنفت بين مسؤولين رفيعي المستوى من كلا الجانبين، حيث التقى خالد مشعل، رئيس المكتب السياسي لحماس، بممثلين عن إيران في أنقرة والدوحة خلال الأشهر الأخيرة، ومن المحتمل أن يزور طهران في الأشهر المقبلة، كما أن وفداً من مسؤولي حماس الخارج زار طهران قبل شهرين، ما يعني أن العلاقات التي لم تنقطع أبداً بشكل كلي، تعود تدريجياً، حيث ساهمت اجتماعات عقدت مُؤخراً، في ضخ دماء جديدة في علاقة الطرفين.
المال شيطان المدينة، وقد كان لعدم رضا طهران عن حماس، بسبب الموقف من الثورة السورية، الدور الرئيسي في فقدانها الدعم المالي الذي تحتاجه بشدة، وهي اليوم في سبيله مستعدة للحس كل مواقفها السابقة، لتنال صفح إيران التي باتت قبلتها الوحيدة، بعد تلقيها صفعة الإطاحة بمرسي، وتراجع دور الإخوان السوريين، وفتور العلاقة مع حزب الله، وباختصار مغادرتها لحلف المقاومة والممانعة، لصالح دعم سلطة الإخوان المصريين وشد أزر الإخوان السوريين، وهي تسعى للتبرير بالقول إن إيران أدركت أخيرًا أن حماس ليست ضدها أو ضد النظام السوري، وأنها ترغب أن تظل على الحياد، وأن ما كان هو مجرد سوء فهم، وواضح أن الهدف هو استعادة الدعم المالي بعيدا عن مبدئية المواقف التي طالما تغنت بها حماس.
تفتش حماس اليوم عن من يدعم مواقفها، من خارج الساحة الفلسطينية، التي انكشفت فيها منذ انقلابها على الشرعية، وإقامتها إمارة ظلامية في القطاع، تعتمد على التهريب والترهيب، واختلاق مبررات العداء مع السلطة الفلسطينية، في ظل الهدنة القائمة مع "العدو الصهيوني"، ترفع راية الإخوان المسلمين بيد، وتستجدي العلاقة مع القاهرة باليد الأخرى، تقاتل مع إخوان سوريا ضد نظام الأسد، وتسعى لإعادة علاقتها مع حلفائه في إيران، تكرس حالة الانفصال في قطاع غزة، وتطالب بحكومة وحدة وطنية مع فتح، بينما هي تحارب منظمة التحرير ولا تعترف بها ممثلاً للشعب الفلسطيني، تستقبل شيخ الفتنة القرضاوي ويقبل قادتها يديه، وتطالب بعلاقة متميزة مع دول الخليج التي يناصبها مفتي الإخوان العداء ويحرض ضدها ويخرج حكامها من ملة الإسلام.
بعد كل هذا يطالبنا البعض بعدم التساؤل عن شرعية هذه الحركة، ويأخذون علينا الشك بأهدافها ومراميها.
حماس في الحضن الإيراني
[post-views]
نشر في: 26 يناير, 2014: 09:01 م