لو تُرك الأمر لحاء ياء، لكان الآن كاتب لعشرين رواية على الأقل. حاء، وتلك ميزة عرفتها فيه منذ ثلاثين عاماً: حكواتي ماهر. التق به، وسيحدثك عن روايته الجديدة. يبدأ برواية تفاصيلها. في لقاء ثان ، سيخبرك، أنه غيّر الرواية، فسيرد الأحداث مجدداً ، وسعيد الحظ من يلتقيه، ويعرف انه بدأ برواية أخرى. أحب خصلته هذه، هل هناك أجمل من سماع حكواتي؟ يمكنني عمل إحصائية لرواياته الشفاهية، لكن تظل رواية "فرانكشتاين في بغداد" والفيلم الأميركي "سفين" هي أم الروايات.
لا أدري إذا شاهدتم فيلم "سبعة"، لديفيد فينشير (مخرج "أليان" 3)، الذي مثل بطولته مورغان فريمان، وبراد بيت، وكيفين سبيسي، وعمالقة آخرون؟ الفيلم (بالإنكليزيةseven) وتكتب se7en هو فيلم جريمة أميركي أنتج 1995 تدور قصته حول محقق متقاعد (فريمان) وبديله (بيت) يشتركان بالتحقيق في سلسلة جرائم مستوحاة من الخطايا السبعة: الغرور، الجشع، الحسد، الغضب، اللذة، التخمة، والكسل، لكن الفيلم يعتمد أيضاً على رواية مارك شيلي "فرانكشتاين"، لأن المجرم يقتل سبعة أشخاص ويركّب من أشلائهم شخصية إنسان أراده ينهض ويخرج لينتقم من العالم لخطاياهم.
شاهدت الفيلم 1996 بهامبورغ، ونسيته مع أفلامٍ أخرى، رغم شغل موضوعه لذهني. لكننا نتحدث عن 1996، آنذاك كان الديكتاور، هو فرانكشتاين في بغداد، أمر عرفناه بعد اختفائه، هرب وترك مختبره الشرير يحتل شوارع بغداد. كل ديكتاتور هو فرانكشتاين، القذافي والأسد وصالح ما زالت مختبراتهم ترمي شرورها. وما تذكرت الفيلم، وبعد سنوات، لو لم يهاتفني حاء، في خريف 2006 سنوات الحرب الطائفية والقتل في العراق، يدعوني لرؤية الفيلم، "وداعتك لازم تجي"، توسل. لم أخُبره، أنني سبق وشاهدته، لم أشأ إفساد متعته. وفهمت دعوته أثناء شرب القهوة، أخبرني، بأنه يخطط لكتابة رواية فرانكشتاين في بغداد، بطلها يتبنى خطى بطل "سفين"، يلملم أشلاء جثث ضحايا الإرهاب، ليصنع إنساناً يخرج وينتقم من الإرهابيين. وكالعادة راح يروي تفاصيل روايته ذلك اليوم وفي الأيام اللاحقة.
حاء لم يكتب بعدها رواية شفاهية غير "فرانكشتاين في بغداد"، وعندما أعلق، لكنك ياصديقي لا تأتي بجديد، أنت تستنسخ فيلم "سفين"، في شخصية القاتل والمحقق، يعلق، لكن الشخصيات الأخرى؟ فأجيب، أية شخصيات أخرى؟ حتى الجثة المركبة سميتها "شمسو"، كما جثة الفيلم التي يعثر المحققان عليها معلقة بمواجهة أشعة الشمس؟ كيف ستقنعنا، بأنك لم تلطش الفيلم بحذافيره؟ فيذكرني بمصدره رواية شيلي، ألم يؤولها الفيلم؟ فأرد، كلا، أنت لم تأخذ منها، أنت تصادر الفيلم، تأخذ قشرة الفكرة، فرانكشتاين الفيلم قتل بسبب الخطايا السبع للمجتمع الكاثوليكي، القاتل يجمع إنساناً هو نتاج الخطايا السبع، ويرجعه للعالم. الفيلم أساسه فلسفي، أخلاقي وديني. متشابك بمجتمعه، وأنت؟ في مجتمع عراقي مسلم، وتريد لفرانكشتاين يركّب أشلاءً؟ فرانكشتايننا يقطّع الناس أشلاء ولا يجمعهم؟
بعدها، وكلما التقينا، يعدني، انتظرني ، وستقرأ رواية غير الفيلم. الدراما الشخصية للموضوع، محاولاته تنتهي دائماً تنويعة لفيلم "سفين". عبثاً حاولت إقناعه كتابة رواية جديدة، لأن فرانكشتاين في بغداد، أخذت زمناً ونحن تواقون لجديده، حتى مهاتفته قبل مدة، لأسمعه يسألني: والآن ماذا تقول؟ لو لم تقنعني بالعدول عن فرانكشتاين في بغداد، لكنت السبّاق بكتابتها وليس شخصاً غيري ببغداد؟ ألا ترى لا أحد يشاهد الأفلام عندنا؟ وإلا كيف تنطلي سرقة "كما تقول" مثلها؟
الحقيقة لولا اتصاله لما عرفت أحداً كتب ببغداد رواية بنفس العنوان، "بنفس التفاصيل والشخصيات، المحقق والقاتل، حتى اسم الجثة: شمسو"، قال. للمرة الأولى سمعت صوته حزيناً، لكن فيه غضب، يتهمني بالغيرة، وأنني ضده، لأنني وجدته منافساً روائياً شرساً، رواياتي عادية، ولا يعرف لماذا تُرجمت ونالت الجوائز، وغيرها من الشتائم المعروفة بين الكتّاب، لكن حاء لا يعرف فرحتي إنه لم يسرق الفيلم، وترك لغيره يلعب الدور. وأن جمال رواياته له علاقة بماركته الخاصة، رغم أنها روايات شفاهية لاغير. حاء يعرف ذلك. مثلما أعرف أنه طيب. وإن اضطر الحكي ضد نفسه. ها هو يتصل يخبرني بروايته الجديدة، هل أرويها؟ فيواصل: أنها رواية شخصية جداً، نوع من فن الاعتراف، كاتارسيز، ستروي ما دار بيينا، تعرف عنوانها؟ سيكون: "حاء وقصة سرقة فرانكشتاين في بغداد من الفيلم الأميركي سفين"!
حاء وقصة سرقة فرانكنشتاين في بغداد من الفيلم الأميركي سفين
[post-views]
نشر في: 28 يناير, 2014: 09:01 م
جميع التعليقات 4
ليلى
حرام هذا تجني على الرواية، لان شخصية فرنكشتاين في رواية السعداوي يصنعها خيال شخص كذاب وهو يستقيها من الفيلم كما يرد في حوار الصحفية الاجنبية في الرواية نفسها. وهذه الشخصية مجرد ذريعة لتكوين فكرة الرواية. الان نفهم لماذا يقسو الناس على نجم والي لانه يصادر
ليلى
حرام هذا تجني على رواية السعداوي فالفيلم في الرواية هو مجرد كذبة يكررها ما يسمى في الرواية الكذاب. وهناك حوار على لسان صحافية اجنبية في الروا ية يقول ان هذا الرجل أخذ القصة من فيلم سينمائي. الرواية وموضوعها وأبطالها عراقيون. الان بمقدورنا ان نفهم لما
رماحي
انت تتجنی علی الكاتب وانت لم تقرأ الروايه اصلا لأنك لو قرأتها لعرفت أن اسم الشخصية هو (الشسمة) ولیس شمسو ثم إن الكاتب استقی الروايه من رواه فرانکشتاین ولاکنه صاغها باسلوب قریب من مجتمعنا عندما تقرأ الروايه تستطيع أن تنتقدها لاين لا تنتقدها بدون أن تقراها
رعد محمد
يؤسفني بانك اعتمدت على ذاكرتك المتعبة ولم تفهم فلم سفن جيداً لاعلاقة للفلم بفكرة فرانكنشتاين ولاوجود لاي تجميع لجثة في الفلم حاول ان تشاهد الفلم مرة اخرى. واستلهام السبعاوي مشروع ولاغبار عليه من منظور المعايير الادبية العالمية. والا هل تعتقد بانك الوحيد ا