بالرغم من مضي ثماني سنوات على انهاء نجم الكرة الفرنسية زين الدين زيدان مشواره الكروي الاسطوري بـ(كارت أحمر) في نهائي كأس العالم 2006 الذي ضيفه الملعب الأولمبي في العاصمة الالمانية برلين بعد أن نطح "زيزو" المدافع الإيطالي ماركو ماتيرازي أمام أنظار الحكم الأرجنتيني هوراسيو اليزوندو ليخسر "الديوك" قائدهم واللقب معاً ، إلا إن الحادثة تلك تظل ماثلة في درسها لجميع النجوم في العالم ليتذكروا حكمة الفرنسيين (ليست مفاجأة أن تنتهي أجمل القصص بختام مرير)!
وفي العراق ، يقف اليوم زيدان آخر بين أبرز الاعلاميين أدباً ومهنية وأنسانية في التعامل مع مجتمع الرياضة بفقره وغناه، لما حباه الله من عقل راجح لم تصبه لوثة الشرّ في كل الظروف، يستمد عطاءه من قلبه النابض بحب بلده والإحسان لأبناء جلدته، واصل الليل بالنهار ليجمع أكثر من 200 لاعب من رموز الكرة العراقية شهوداً أحياء على الأتراح والأفراح ، وأمواتاً أغلقوا جفونهم بارتياح لما أوفوا به من أمانة لوطن عزيز.
زيدان الربيعي، ومنذ عام 2010 نذر جلّ وقته لأرشفة حكايات النجوم في ذاكرة التاريخ الحديث ضمن سلسلة من الحلقات الاسبوعية كل يوم أربعاء مكرّسة لبداياتهم وأبرز المواقف التي واجهتهم في الملاعب والنتائج التي اسهموا في تحقيقها مع الاندية والمنتخبات، وخالف الحكمة الفرنسية آنفة الذكر ليختم قصص النجوم الأبطال بشَهَد العِرفان لمن آزر مسيرتهم وتلقف مواهبهم ورعاهم، ليستودع زميلنا واحداً من أهم المنجزات التوثيقية لكرة أسود الرافدين في ذمة الاجيال المقبلة ، ويسدد نطحة قوية للمتاجرين بالتوثيق التقليدي (كوبي بيست) والمزوّرين في الحقائق وسُراق حقوق الأصلاء!
أجمل ما في مشروع زيدان ، ذلك التشكيل الرائع من النجوم ، أوفى حق أغلبهم كل ضمن حقبته وأنار جوانب كثيرة من حياتهم الكروية التي ظلت معتمة سنين طوالاً، حتى ان اكثرهم أعربوا لزميلنا عن دهشتهم لما ورد عنهم فقد كانت المعلومات شاملة الى حدّ كبير بالتواريخ والاحصائيات لحراكهم على المستطيل الأخضر وخارجه ولم يكتف زيدان بما أدلوا به اثناء اتصاله بهم ، بل راح ينقّب عن حقائق مفصلية في كواليس الحقبتين السبعينية والثمانينية ليضفي مصداقيته في تناول الاحداث لاسيما ان بعض ممن التقاهم أعيته السنون وتقلبات الحياة اليومية عن تذكّر اسماء الحراس الذين جَلدَتهم
أهدافه!
ومن دروس تجربة زيدان التي نهديها الى نجوم اليوم، ضرورة أن يهتم اللاعب منذ سنّ مبكرة بتوثيق مسيرته بالصورة والكلمة لأبرز الأحداث التي تواجهه ومواقفه فيها مع ذكر اسماء المشاركين معه ودرج احصائيات دقيقة للأهداف والمباريات وتواريخها على مرّ الأزمنة لتكون متاحة له ولغيره عند الحديث عن ماضيه ومنجزاته ، فالتكاسل والتعكز على الصحافة وروادها المؤرخين مرض مزمن يصيب اغلب الرياضيين ولا يدركون تأثيره إلا بعد أن يمضي بهم قطار العمر الى انفاق النسيان.
اتمنى من جميع المعنيين في شؤون الرياضة وفي مقدمتهم وزير الشباب والرياضة جاسم محمد جعفر ورئيس اللجنة الأولمبية الوطنية رعد حمودي إيلاء اهتمام خاص لهكذا مشاريع تحفظ التاريخ الرياضي لرجال اسهموا في تأسيس قاعدة عريضة من الانجازات استندت عليها اللعبة في ماضيها وحاضرها وتمثل حافزاً لمن سيضطلع بدوره القيادي بعد عشرات السنين للسير على خطى الأجداد والتفاخر بأرثهم من الكؤوس والميداليات والألقاب والسلوكيات الثمينة التي خلّدت اصحابها في قلوب الناس ولم يساوموا على حساب مصلحة اللعبة إلا مَن اختار لنفسه ان تذل بنزوة الطمع وفساد الضمير.
نطحة زيدان العراقي
[post-views]
نشر في: 29 يناير, 2014: 09:01 م