بعد خلافات وُصفت بالحادة بين وفدي المعارضة والنظام إلى مؤتمر جنيف 2، أعلن الأخضر الإبراهيمي أن المفاوضات "لم تكن سهلة اليوم ولم تكن سهلة في الأيام الماضية ولن تكون سهلة في الأيام القادمة"، لكنه بدا سعيداً بتأكيد المتفاوضين نيتهم البقاء والاستمرار في المفاوضات حتى يوم غد الجمعة كما هو مقرر، ما يطرح سؤالاً عن إمكانية حصول أي تقدم خلال يومين جديدين من المفاوضات، التي تجري بالتزامن مع اشتداد المعارك على الأرض، ويزعم كل طرف أنه أحرز تقدماً فيها، مع غياب الجرأة على إعلان أي انتصار حاسم هنا أو هناك.
لم نحقق تطوراً كبيراً لحد الآن، هذا ما أكده الإبراهيمي وهو يكشف أن وفد المعارضة قدم وجهة نظره عن كيفية تطبيق بيان جنيف1، لكن الوفد الحكومي لم يفعل ذلك، وآثر إثارة زوبعة غبار حول أخبار تحدثت عن قرار أميركي، باستئناف تزويد المعارضة بأسلحة دفاعية، وهو ما تلقفه وزير الإعلام السوري، فنثر اتهاماته ذات اليمين والشمال، متهماً الأردن بتسهيل تلك الإمدادات عبر الجنوب السوري، غير أن الموفد الدولي أفصح بما لايقبل الشك أن قرار وفدي التفاوض ليس بيدهما، وفي حين تحدثت أنباء لم تؤكد بعد عن قناة خلفية للتفاوض، تجري بعيداً عن أعين الإعلام برعاية روسية أميركية وبمشاركة طهران، فإن معارضي الأسد سربوا أنباءً عن أن الخلاف الأساسي يتركز حول هدف المفاوضات، وهل هي مكرسة لتطبيق مقررات جنيف الأول، أو أنها يجب أن تركز على أولوية محاربة الإرهاب.
فيما يهرول الابراهيمي بين تناقضات الوفدين وتباين مواقفهما تواصل أطراف الصراع تبادل الاتهامات، واشنطن تتهم نظام الأسد بتسميم أجواء التفاوض، برفضها إدخال المساعدات الإنسانية إلى المدنيين المحاصرين، بينما تعلن دمشق الرسمية أن هناك من يجوعون في مدن ومناطق أخرى يحاصرها إرهابيون، وتشترط لرفع الحصار عن بعض المدن المعنية المحاصرة أن يخرج منها المسلحون أو يخرج المدنيون، في حين أعلنت المعارضة استعدادها لرفع الحصار عن ثلاث بلدات هي نبل والزهراء والفوعة التي تحاصر فيها قوات النظام في شمالي البلاد.
موسكو لاتقف موقف المتفرج، وهي تدعو وفدي المفاوضات إلى الاتفاق على إعلان مبادئ عن الأسس التي يجب أن تقوم عليها الدولة السورية، ذلك يعني أن القائم حالياً على الجغرافيا السورية في طريقه للتغيير، بموافقة موسكو أو نزولاً عند اتفاقها مع واشنطن، وليس ضرورياً أن يحقق ذلك الحل مطالب الشعب السوري، لكنه سيخذ بالاعتبار تحقيق قدر من الانفراج الديمقراطي، فتتشكل أحزاب خارج هوى الحاكم، وتولد صحافة حرة ويأتي كل ذلك بعيداً عن نتائج 99% للانتخابات، لكن السؤال هل سيعني ذلك رحيل الأسد، بما يمثله من تضاد مع الرغبة الشعبية بالتغيير، صحيح هنا أن المواطن السوري استُنزف حتى بات مستعداً لقبول أي شيء يوقف آلة الموت والدمار، لكن الصحيح أيضاً أن هناك قوى سياسية نضجت، ولن ترضى باستمرار الوضع الذي ساد البلاد لاكثر من أربعة عقود.
هل ننتظر دخاناً أبيض من اجتماعات وفدي المعارضة والسلطة؟ بالطبع سيكون ذلك مضيعة للوقت، فالحل ينضج على نار هادئة في أمكنة أخرى، وبأدوات غير تلك التي تتسابق على كاميرات الفضائيات، لتعلن مواقف لاتتميز بغير التشنج والبعد عن العقل والضمير.
جنيف2 طويل وممل
[post-views]
نشر في: 29 يناير, 2014: 09:01 م