الساحة العراقية منجم كبير جدا للمصطلحات والمفاهيم المتداولة ، وهي في كل الاحوال تعبر عن مواقف شخصية وفي بعض الاحيان تكون طائفية واثنية ، تنطلق من الساسة ، وتحظى بترويج واسع من وسائل اعلام محلية يعدها اعلاميون مدعومة بالمال الحلال الخارجي لرسم توجهات الرأي العام بتبني خطاب محدد ، قابل للتغيير بين ساعة واخرى ، نتيجة التأثر بالضغوط الخارجية والاقليمية ، والمزاج الشخصي لسياسي، وجد نفسه خارج السرب بفقدانه المنصب الحكومي، وفشله في الوصول الى قبة البرلمان.
يوم خضع العراق للاحتلال الاميركي ، هناك من وصف هذا الحدث بالانعطافة التاريخية المهمة ، ستنقل البلاد الى عصر الديمقراطية ، وتمنح شعبه الازدهار والتقدم ، بتحقيق التنمية واحترام حقوق الانسان واقامة نظام ديمقراطي تعددي يلغي الى الابد مظاهر الاستبداد والديكتاتورية، فيما الوقائع على الارض افرزت المحاصصة، ودستورا موضع خلاف وجدل وسجال ، وليس في الافق ثمة امل لتعديل مواده الخلافية ، وفي ضوء ذلك تناسلت الازمات وتعمقت الخلافات ، وغابت فرص اقامة دولة المؤسسات، ووصل العراقيون الى حالة من اليأس نتيجة تراجع الاوضاع الامنية واضطراب المشهد السياسي .
قد يعترض المتفائلون بمستقبل الديمقراطية في العراق على "الانحطاط " السائد في اداء السلطتين التشريعية والتنفيذية ، واحيانا القضائية ، لاستنادهم الى حقيقة ان ارادة الشعوب قادرة على اجراء التغيير واجبار صناع القرار على الاصلاح ، واصحاب النظرة المتفائلة وياليت العراقيين جميعهم كانوا معهم، سجلت باسماء بعضهم براءات اختراع المصطلحات والمفاهيم، في محاولة لتشخيص اسباب انداع الازمات واتساع الخلاف بين الفرقاء المشاركين في الحكومة الحالية، والمحتفظين بتمثيلهم الواسع في مجلس النواب ، ومن هؤلاء وغيرهم، شاع مصطلح النفاق السياسي ، وعضو سابق في مجلس الحكم المنحل تولى منصبا امنيا رفيعا ، اطلق مصطلح "العهر السياسي " ليشخص العلل ، ويفضح الشلل ، فحسم الجدل ، باتهام الولايات المتحدة بالوقوف وراء دعوة شخصيات عشائرية وبعثيين للمشاركة في العمل السياسي كانت تقود مجاميع مسلحة واعلنت مواقف معادية للعملية السياسية ،ورفضها الدستور ، وتورطت بارتكاب جرائم ارهابية .
السياسي ، فاضح الشلل ، صاحب براءة اختراع مصطلح العهر السياسي ، يوم كان في منصبه الامني الرفيع ، كلفته القوات الاميركية بالسفر الى المملكة العربية السعودية، وفي الرياض ابدى استعداد للعمل مع المملكة، لتطوير التعاون الامني في مجال مكافحة الارهاب ، ونقلت عنه صحف سعودية تصريحا اشار فيه الى انه في زيارته المقبلة سيصطحب معه اكثر من 170 معتقلا سعوديا محتجزين لدى القوات الاميركية ، والجانب الاميركي بامكانه ان يسلم المعتقلين من دون اعتراض من الحكومة العراقية ، لكنه لجأ الى اعتماد الوسيط ربما بهدف الرغبة لفتح افاق التعاون بين الرياض وبغداد .
العضو السابق في مجلس الحكم المنحل وتزامنا مع اندلاع الاحداث في الانبار حمل في اخر تصريح له القوات الاميركية مسؤولية تشجيع دول اقليمية على دعم نشاط تنظيمات ارهابية وفتح حدودها للمتسللين للدخول الى الاراضي العراقية ، وقال بالحرف الواحد ان "المحتل هو سبب خراب العراق " وكانه يريد القول ان قوات الاحتلال تقف وراء انتشار ملاهي "العهر السياسي" في الزمن الديمقراطي العراقي ،وعساها سودة مصخمة على اصحاب المصطلحات والطركاعات.