اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > الحاكم بأمر الله في العراق

الحاكم بأمر الله في العراق

نشر في: 1 فبراير, 2014: 09:01 م

منذ ان نزلت الآية، خصيصة النبي (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَاجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً ذلِكَ خَيْرٌ لَكُمْ وَأَطْهَرُ...) والحاكم العربي، بمفهومه العام (خليفة، أمير مؤمنين، رجل دين، شيخ قبيلة، مدير دائرة، شرطي...) نبيٌّ مبتعثٌ بأمر إلهي، مفترض التقديس والطاعة، وما التطاول عليه إلا تطاول على ذات الإله الذي نصبّه كما هو واضح في ادبيات العرب. بل ويذهب فريق من الفقهاء إلى أن الخروج على أمر الحاكم الظالم باطل وموجب للعقوبة، ويكتفي المسلم بان يدعو له بالصلاح والهداية، ومهما بالغ في ظلمه فانه يستتاب لا أكثر. هذا ما دأبت عليه قوانين الحكومات الاسلامية منذ عهد الرسول والصحابة والخلافتين الاموية والعباسية والأمر موصول بالعثمانية إلى يومنا هذا مع الأنظمة الملكية والحكومات الجمهورية، حيث تسلمت القوانين والشرائع جاهزة من هناك حتى انها دخلت دساتيرنا الحديثة ومكثت فيها وستمكث إلى ماء شاء الله.
وأرتبط تنزيه الخالق من الشرور التي تلحق البشر بحلقة تنزيه الحاكم من كل ما يلحق معيته من الشرور تلك، ذلك لأن افعال الخير خصيصة إلهية، والقاعدة تقول : كل ما يصيبُ الإنسان من النِعم والخير والمال إنما هي من الله، لأنه وحده ترجع إليه كل أفعال الخير( ما أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ) ولأن الحاكم العربي المسلم ظلُّ الله في الأرض، فقد كانت ومنذ العهد ذاك أفعاله الخير، وكل سوءات تأتي منه هي ليست منه بالضرورة إنما هي من أفعال محكوميه الذين أراد لهم الخير لكنهم خرجوا عليه وعصوه فعاقبهم الله بما كانت تنطوي عليه انفسهم منه. وهكذا تأتي المعادلة المرهقة لتكون دعامة للحاكمين العرب المسلمين في شرقنا المبتلى بهم. وما نلحظه اليوم من عقوبات يفرضها الحاكم على كل فعل يدوي أو صوتي من شعبه ضده، ولا رادع له لأنه يعاقب بموجب ما بين يديه من السنن والشرائع المنصوص عليها بالدستور.
لم تتمكن المدنية وقوانين التطور المجتمعي وتفكك منظومة الحاكم والمحكوم في العالم الحديث من تحقيق مرادها في مشرقنا العربي، وظلت يد الحاكم المنتخب حتى، مطلقة لا حدود لها، وما قضية الحرية الصحفية والحق المشروع في الحصول على المعلومة وانتقاد المؤسسة السياسية وصولا إلى قضية سرمد الطائي، إلا لأننا لا زلنا تحت تأثير المخدر الفقهي الأول، وتتدلى على رؤوسنا إلى الأبد صورة الخليفة، أمير المؤمنين، الوالي الذي لا يأتيه الباطل من خلفه ولا من أي مكان.
ليس على الأرض اخطاء كالتي على الأرض العربية الإسلامية، وأكثرها شناعة تلك التي تأتي من الحكام، ومن ينظر لحال العراق خلال العقد الماضي يجد أن أخطاء الحكومة لو فرّقت بين أهل الأرض لوسعتهم، ولو قيّض لمحكمة إلهية –إنسانية عادلة معاقبة الحكومة العراقية عن ما اقترفته بحق شعبها من كوارث لحكمت عليها بأقسى العقوبات ولما سلم منها أحد، ولحكمت ببراءة الشعب العراقي وتعويضه عما لحق به من مظالم، (لكن حمزة لا بواكي له) كما في الحديث.
حكومة تقايض قتلة شعبها من الإرهابيين بمحكومين عاديين من مواطنيها لدى الدول المجاورة ويخرج من سجونها أكثر من 1500 مجرم محكوم بمادة 104 إرهاب وتتساهل في قضايا فساد كبرى وتتحطم على يدها معالم وبنى دولة عملاقة مثل العراق وتفرط بحدودها وأرضها وتغض الطرف عن انهيارات في القيم والمثل، ولا يرف لها جفن، لكنها لا تتوانى عن إصدار مذكرة اعتقال بحق صحفي اعترض على أدائها . امر مخجل حقاً.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

الشرطة المجتمعية: معدل الجريمة انخفض بالعراق بنسبة 40%

طبيب الرئيس الأمريكي يكشف الوضع الصحي لبايدن

القبض على اثنين من تجار المخدرات في ميسان

رسميًا.. مانشستر سيتي يعلن ضم سافينيو

(المدى) تنشر جدول الامتحانات المهنية العامة 

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

العمودالثامن: عقدة عبد الكريم قاسم

العمودالثامن: فولتير بنكهة عراقية

عاشوراء يتحوّل إلى نقمة للأوليغارشية الحاكمة

وجهة نظر عراقية في الانتخابات الفرنسية

من دفتر الذكريات

العمودالثامن: هناك الكثير منهم!!

 علي حسين في السِّيرة الممتعة التي كتبتها كاترين موريس عن فيلسوف القرن العشرين جان بول سارتر ، تخبرنا أن العلاقة الفلسفية والأدبية التي كانت تربط بين الشاب كامو وفيلسوف الوجودية استبقت العلاقة بين...
علي حسين

كلاكيت: الجندي الذي شغف بالتمثيل

 علاء المفرجي رشح لخمس جوائز أوسكار. وكان أحد كبار نجوم MGM (مترو غولدوين ماير). كان لديه أيضا مهنة عسكرية وكان من مخضرمين الحرب العالمية الثانية. جيمس ستيوارت الذي يحتفل عشاق السينما بذكرى وفاته...
علاء المفرجي

من دفتر الذكريات

زهير الجزائري (2-2)الحكومة الجمهورية الأولىعشت أحداث الثورة في بغداد ثم عشت مضاعفاتها في النجف وأنا في الخامسة عشرة من عمري. وقد سحرتني هذه الحيوية السياسية التي عمّت المدينة وغطت على طابعها الديني العشائري.في متوسطة...
زهير الجزائري

ماذا وراء التعجيل بإعلان "خلو العراق من التلوث الإشعاعي"؟!

د. كاظم المقدادي (1)تصريحات مكررةشهدت السنوات الثلاث الأخيرة تصريحات عديدة مكررة لمسؤولين متنفذين قطاع البيئة عن " قرب إعلان خلو العراق من التلوث الإشعاعي". فقد صرح مدير عام مركز الوقاية من الإشعاع التابع لوزارة...
د. كاظم المقدادي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram