قال مسؤول في وزارة الزراعة إن العراق يستورد 75% من حاجته إلى القمح و90% من الرز، ما يكشف تدهور القطاع الزراعي في البلاد، لافتا إلى ان جهات تجارية وراء هذا التدهور ،لأن من مصلحتها إبقاء سوق استيراد المحاصيل الزراعية مفتوحاً في البلاد وعدم تطبيق التعرف

قال مسؤول في وزارة الزراعة إن العراق يستورد 75% من حاجته إلى القمح و90% من الرز، ما يكشف تدهور القطاع الزراعي في البلاد، لافتا إلى ان جهات تجارية وراء هذا التدهور ،لأن من مصلحتها إبقاء سوق استيراد المحاصيل الزراعية مفتوحاً في البلاد وعدم تطبيق التعرفة الكمركية، مشيرا إلى ان ضعف تخصيصات الجانب الزراعي في الموازنة  الذي يبلغ 2% من حجم الموازنة وراء استمرار تخلف الزراعة، فيما لفت إلى ان المبادرة الزراعية التي أطلقتها الحكومة دون مستوى الطموح.
وكشف المسؤول في قسم الاقتصاد الزراعي في وزارة الزراعة جاسم محمد حافظ في حديث مع "المدى" عن مشكلة خطيرة تواجه البلاد في قطاع الزراعة تتجلى في اتساع الفجوة بين إنتاج المحاصيل الزراعية الكلي والحاجة الفعلية للبلاد،  موضحا أن "هناك تقارير دولية تؤكد ذلك ،منها تقرير غانيس التابع لوزارة الزراعة الأمريكية  الذي أشار إلى أن العراق استورد في نفس العام 75% من حاجته إلى القمح لتغطية الحصة التموينية و90% من الرز لنفس الغرض خلال عام 2011، وشكل ذلك ما يقارب من 5.8% من الميزانية الحكومية.
ولفت إلى أن هذا التراجع أسبابه كثيرة ،في مقدمتها أن القطاع الزراعي لم يحظ بتخصيصات تتناسب ودوره المهم في تنمية الناتج الوطني الإجمالي وتكوين رأس مال ثابت من الميزانيات الضخمة التي تعاقبت منذ 2003 ولحد الآن ,فقد بلغت نسبة تخصيصات الميزانية الأخيرة 2% للقطاع الزراعي، مذكرا أن منظمة الأمم المتحدة للزراعة والتنمية (fao) نصحت الدول النامية التي تواجه زراعتها ظروفا بيئية وتنظيمية مشابهة لظروف بلادنا بأن تخصص للزراعة من ميزانيتها العامة ما لا يقل عن 10%.
وانتقد حافظ، الجهات المسؤولة لعدم التفاتها لهذا الجانب، مضيفا :أن جهات تجارية تمثل البرجوازية الطفيلية التي نشأت في كنف الدكتاتورية قبل 2003 أو بعدها تقتضي مصالحها الأنانية إبقاء البلاد سوقا مفتوحة للتجارة الدولية وعرقلة تطبيق التعرفة الكمركية ما أدى إلى إغراق السوق المحلية بالمنتجات الزراعية والصناعية التي لا تقوى منتجاتنا الوطنية على منافستها لتكاليفها العالية بسبب شح  الطاقة ،كالكهرباء والغاز وتكاليف استيراد المواد الخام وعدم الاستتباب الأمني وغيرها.
وعن نتائج المبادرة الزراعية التي أعلنتها الحكومة في عام 2008 أوضح أنها لعبت دورا في تحسين الإنتاج الزراعي ،لكنه لم يرتق للطموح الذي كان يأمله  الجميع، حيث أن التحسن كان طفيفا في قطاعات قليلة ،ويعود السبب إلى أن الأموال التي رصدت للمبادرة يلتهمها الجهاز الإداري الذي نشأ معها وأخذ يترهل يوما بعد آخر.
ويعتقد حافظ أن تركة النظام السابق وما رافقها من سياسات خاطئة وراء تدهور القطاع الزراعي ،بينها غياب الرؤية الستراتيجية الثابتة التي رافقت تطور الأحداث السياسية في العراق بسبب السياسات المغامرة للنظام المباد والحروب المدمرة الناجمة عن هذه السياسات  التي ألقت بظلالها الثقيلة على المزارعين, مما أثر في عدم إمكانية تراكم الخبرة الإدارية والفنية ورأس المال لديهم.
وأضاف :أنه إلى جانب ذلك، جاءت ملابسات عملية إعادة تشكيل الدولة بعد 2003 وما رافق هذه العملية من صعوبات عرقلت إمكانات وضع البلاد على طريق التنمية الاقتصادية والاجتماعية في المدينة والريف على حد سواء, وليس أدل على عدم وضوح الرؤية تلك من مواصلة الاستمرار في سياسة التخطيط المركزي والدعوة إلى انتهاج سياسة السوق الحرة في الوقت ذاته.
وأشار إلى ان ضعف التنسيق والعمل المشترك على أساس الوحدة العضوية بين كافة الوزارات والهيئات والمنظمات السائدة للقطاع الزراعي، وعدم إدراك أهمية استيعاب القوانين الموضوعية للتطور الاقتصادي والاجتماعي أسباب مهمة وراء تدور الزراعة.
ولفت إلى أن تخلف الجهاز الإداري وترهله إلى درجة خلق عندها بيئة ملائمة للحلقية والشللية والمحاباة وأضعف بشكل ملحوظ مشاعر الانتماء والمواطنة والدافعية ووسع أجواء التذمر في صفوف غالبية موظفي القطاع الزراعي.