سواء عاد وفدا التفاوض إلى جنيف، أو امتنعا عن مواصلة المفاوضات العبثية، فإن المؤكد أن حسم القضية السورية لن يتم على ضفاف بحيرة ليمان، حيث يتمسك الطرفان بمواقفهما المتباعدة، ويقرأ كل منهما قرارات جنيف الأول على طريقته وهواه، وبما يحقق مصالحه، وفيما تستعر الحرب على الأرض، وتتزايد أعداد الضحايا، "أكثر من 136 ألفاً حتى الآن"، فإن الثابت أن الأسد لن يتمكن من الانتصار الحاسم، ليواصل حكم شعب متمرد، كسر حاجز الخوف منذ انطلاق الاحتجاجات من درعا، وصولاً إلى "تحرير" الكثير من المناطق، وفرض سيطرة الثوار عليها، ومعارضوه لن يتمكنوا من الانتصار النهائي عسكرياً، لعدم امتلاكهم أدوات تحقق ذلك، ما يعني استمرار الحرب، لتأكيد تحول سوريا إلى تربة خصبة للإرهاب، ومصدرا أساسياً للفوضى في المنطقة، وربما في العالم.
يعتقد الكثيرون أن الحل يكمن في دعم عسكري وازن لمعارضي الأسد، يفضي إلى إجباره على مغادرة مسرح السياسة السورية، وتنفيذ خطط مدعومة دولياً، لإقامة حكم مدني ديمقراطي، يؤمن بالتعددية وحقوق الإنسان والأقليات، ويمنع القاعدة وما تفرع عنها من تنظيمات متباينة الهدف والأساليب، من تحويل الجغرافيا السورية إلى بؤرة للتناحر فيما بينها، ومع الآخرين، على حساب الدم السوري، وقد بات واضحاً عند هؤلاء اليوم، أن انصراف واشنطن عن التدخل الفعلي، لم يمنع من انفلات العنف المدمر، وأن عدم دعم معارضي الأسد سياسياً وعسكرياً، سيؤدي إلى رفض النظام للحلول التفاوضية، والتمسك بالحل العسكري، بغض النظر عن خسائر السوريين، ما حول سوريا إلى منطقة جاذبة للمقاتلين من الخارج، سواء كانوا مع النظام، مثل حزب الله ومجاميع من العراقيين المدعومين إيرانياً، أو ضده من التكفيريين، سواء كانوا من داعش أو النصرة، أو بعض الهامشيين المنضوين تحت رايات ذات دلالات طائفية.
بعد ثلاث سنوات من الصراع، تحولت سوريا قبل جنيف الثاني، وخطابات المعلم والجربا المتشنجة إلى دولة فاشلة، حدودها سائبة ومفتوحة لمن هب ودب، يتقاتل فيها طائفيون لبنانيون وعراقيون مع تكفيريين من مختلف بقاع العالم، وتنتشر فيها عصابات تستغل الوضع القائم للنهب والسرقة والتهريب، ويدفع السوريون الثمن من دمهم، فيما يواصل النظام حربه اليائسة بكل الوسائل، وتتفاوض حول مستقبلها دول إقليمية ودولية، فيما المجتمع الدولي يواصل التفرج على المأساة، في حين تتناثر تأثيرات ما يجري على دول الجوار، مهددة أمن تركيا، واستقرار لبنان الهش أصلاً، من خلال تزايد عمليات التفجير العشوائية، وتبعث الخوف والقلق عند الأردنيين، فيما تنشط القاعدة ومتفرعاتها، عاملة على نقل ما يجري في بلاد الشام إلى العراق عبر صحراء الأنبار، التي تحولت إلى معسكر لتدريب إرهابيين محترفين، سيخوضون حرباً قادمة لا يعرف أحد اليوم أين ستندلع.
المجتمعون في ميونخ يفتشون عن حل لمشكلاتهم، عبر استمرار التفاوض العبثي في جنيف، هذا إن استمر، وهنا علينا التنبه إلى تحذير الأخضر الإبراهيمي في ميونخ، من أن الانفجار في سوريا قادم لا محالة، بشكل غير مسبوق وبتداعيات كارثية، إن لم يستيقظ الجميع ، وإشارته إلى أن النظام السوري يكرر تأييده لجنيف1 ورغبته في تنفيذها، غير أنه يفسرها بشكل مختلف ويرى بمكافحة الإرهاب طريقا وحيدا لإنهاء الأزمة.
الانفجار قادم إن لم يستيقظ الجميع
[post-views]
نشر في: 3 فبراير, 2014: 09:01 م