TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > السيسي رئيساً

السيسي رئيساً

نشر في: 4 فبراير, 2014: 09:01 م

بانتظار أن يعلن المشير السيسي ترشحه لمنصب الرئاسة في مصر، واصلت جماعة الإخوان المسلمين عملياتها الإرهابية، وتراجع مُترشحون مُحتملون عن الفكرة، لقناعتهم بعدم القدرة على مُنافسة المشير، الذي يحظى بشعبية غير مسبوقة، بعد استجابته للمطالب الشعبية، بالتخلص من حكم المرشد وإخوانه، وإعادته مصر إلى هويتها المعتدلة الوسطية، التي يحرص عليها أبناء وادي النيل، مع رفضهم لأي تطرف في السلطة، كالذي كان واضحاً خلال السنة المظلمة من حكم الإخوان، الذين ترفض الجماهير أي مصالحة معهم، بعد أن أوغلوا في دماء المصريين.
يتشدق البعض بأن ترؤس السيسي لمصر، يعني العودة إلى حكم العسكر، ويتناسون حقائق تاريخية، تولّى فيها عسكريون حكم بلادهم، لكن الحكم ظل فيها مدنياً وديمقراطياً، ومنهم رئيس الوزراء البريطاني وينستون تشرشل، والجنرال ديغول الذي انسحب من قصر الرئاسة، لمجرد أن الشباب تظاهروا منددين بسياسته، ويغمض هؤلاء أعينهم عن أن السيسي أمهل مرسي العياط ومعارضيه أسبوعاً، للتوافق على صيغة تحفظ أمن البلد ومواطنيها، وتمنع انزلاقها إلى نفق مظلم، غير أن الإخوان تمترسوا في ميدان رابعة، فيما وقع الملايين وثيقة لسحب الثقة من الإخوان، وطالبوا بانتخابات رئاسية مبكرة.
اعتمدت قيادة الإخوان أسلوب المغالبة، فبعثت قيادتهم من المقطم للمواطنين بعدة لاءات، لا حكومة جديدة ولا استفتاء، لا انتخابات مبكرة ولا تنازلات لحل الأزمة الحالية، ولا تراجع في موقف الدفاع الثابت ،عن "الشرعية"، وهكذا دخلت المحروسة دائرة الخطر فما كان من جيشها غير أداء واجبه الوطني والشرعي في حمايتها، بعد أن شهدت عاصمتها تظاهرات مليونية، رفعت شعار "إرحل" في وجه العياط، مُستنسخة تجربتها مع مبارك، ولم يكن أمام السيسي غير الاستجابة وقد فعل.
بديهي أنه لولا موقف الجيش، وقد وصفته القيادات الإخوانية، بأنه أسوأ من جيش مسيلمة الكذاب، لما كان مُمكناً إطاحة مبارك ومرسي، لكن موقف الجيش وحده ليس كافياً لحمل السيسي إلى قصر الاتحادية، وهو لذلك يعتمد على شعبية، تعتمد بدورها على تاريخ المؤسسة العسكرية، وحضورها في حياة الناس ومعاشهم، وهو حضور يتعدى بمراحل، ما كانت توهمته جماعة الإخوان عن نفسها، حين تغوّلت باحثة عن التمكين والتهميش والإقصاء، معتمدة على دعم واشنطن والتحالف مع أنقره، ما أجج مشاعر المصريين الوطنية، التي انصبت على دعم جيشهم الوطني.
لم يتصدّى السيسي للمشاعر الدينية عند مواطنيه، فكسب المتدينين الرافضين لتشدد الإخوان، وهم اليوم يقاتلونهم بالتآزر مع جيشهم الوطني، وإذا نظرنا إلى مجمل النظم والقرارات الرئاسية منذ إطاحة مرسي، سنكتشف دون عناء، سعيها لتأكيد ديمقراطية النظام المقبل، ولذلك نشهد تأييداً لافتاً من كافة القوى الليبرالية والمستقلة لرئاسة السيسي، البعيد حتى اللحظة عن طموحات الزعامة القومية، على طريقة عبد الناصر، التي استثارت عداء معظم الأنظمة ضده، بما فيها البعث، ولعلّه في ذلك يتبع خطى مبارك، التي أمّنت لبلاده وضعاً اقتصادياً مريحاً إلى حد ما، من خلال انتشار العمالة المصرية في العالم العربي، والمعونات والاستثمارات التي تدفقت على مصر.
لن يستعجل السيسي التسوية السياسية مع الإخوان، لتجنب فقدان من يرى أنها تنازلات لجماعة مرفوضة، لكن ذلك لن يُلغي دور البراغماتية مستقبلاً، إن كان فيها إنقاذ مصر، وربما يكون ذلك مُتاحاً من خلال التعامل مع شباب الإخوان، المدركين لخطيئة قيادتهم، التي برزت إبّان حكمهم، ودمرت تجربتهم، وربما دفعت الجماعة بقيادة جديدة، تقر بالوضع الجديد، وبالتعاون مع السيسي، حين يتولى الرئاسة، مُمسكا بتأييد الجيش وكل القوى الفاعلة في المجتمع، وكان الله في عون من يحكم مصر، في أيام هي الأقسى والأصعب عبر تاريخها الطويل.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق منارات

الأكثر قراءة

هل ستعيد التشكيلة الوزارية الجديدة بناء التعليم العالي في العراق؟

العمود الثامن: ماذا يريدون؟

العمود الثامن: من كاكا عصمت إلى كاكا برهم

العمود الثامن: معركة كرسي رئيس الوزراء!!

العمود الثامن: عبد الوهاب الساعدي.. حكاية عراقية

العمود الثامن: معركة كرسي رئيس الوزراء!!

 علي حسين عزيزي القارئ.. هل تعرف الفرق بين المصيبة والكارثة؟، المصيبة يمكن أن تجدها في تصريح السياسيين العراقيين وجميعهم يتحدثون عن دولة المؤسسات، وفي الوقت نفسه يسعون إلى تقاسم المؤسسات فيما بينهم تحت...
علي حسين

أزمة المياه في العراق وإيران: تحديات جديدة للاستقرار الإقليمي

د. فالح الحمــراني حذرت دراسة أعدها معهد الشرق الأوسط في موسكو من ان أزمة المياه بإيران والعراق المتوقعة في نهاية هذا العام قد تفضي الى عواقب بعيدة المدى، تؤثر على الاستقرار الاجتماعي في المنطقة،...
د. فالح الحمراني

العراق.. السلطة تنهب الطقس والذاكرة

أحمد حسن على مدار عشرين عاما، تحولت الثقافة في العراق إلى واجهة شكلية تتحكم بها مجموعات سياسية تدير المجال العام كما تدير المغانم. وفي ظل هذه الوضعية لم تعد الثقافة فضاء لإنتاج الوعي أو...
أحمد حسن

لماذا تهاجم الولايات المتحدة أوروبا بسبب حرية التعبير؟

فابيان جانيك شيربونيل * ترجمة : عدوية الهلالي «أعتقد أنهم ضعفاء. الأوروبيون يريدون أن يكونوا ملتزمين بالصواب السياسي لدرجة أنهم لا يعرفون ماذا يفعلون." لفهم الموقف الأمريكي تجاه القارة العجوز، يصعب إيجاد تفسير أوضح...
فابيان جانيك شيربونيل
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram