بادئ ذي بدء، كما تقول القواميس العربية، شكرا لمجلس النواب بعموم فروعه ودكاكينه، لأنه توافق بعد اعوام من الجدل والصراخ حول منح ساسة "الجهاد" راتبا تقاعديا.. وشكرا لنوابنا الاشاوس لانهم لم يخذلوا زميلهم النائب "المسكين" مطشر السامرائي ، الذي شاهدناه قبل اشهر يبث همومه ومعاناته ، كي لا تمس امتيازاته فيتحول بين ليلة وضحاها إلى مواطن "دايح".
سيتهمني البعض حتما بأنني أسعى لإشاعة حالة من الاكتئاب عند القراء، وأنني مصرّ على أن أجعل من كلماتي مدخلا للتأكيد على أن السياسيين والحكومة هما سبب غياب التفاؤل والبهجة من حياتنا، وأنني أترصد حركات وغمزات النواب لأسخر منهم.. ولأن الضحك ومعه الفرح، وثالثهما السعادة أنشطة إنسانية كما علّمنا "برغسون"، وهو بالمناسبة لا علاقة له بداعش ولم يسع لمنافسة سياسيينا على مناصبهم وغنائمهم.. ولم يتآمر مع منظمة الشفافية العالمية التي تصر على أن العراق سيظل يحصد المراكز الأولى على قائمة الدول الأكثر فساداً.. فقد عشنا في الشهور الماضية، فصلا مثيرا من فصول مسرح اللامعقول، ففي الدقيقة نفسها والساعة بعينها نجد السيد النائب يقول لنا كلاما، فيما تدلي النائبة بتصريح مناقض، ولأننا شعب لا حول ولا قوة له فقد اعتبرنا الامر مجرد تسلية، على اعتبار اننا نعيش عصر التسالي الذي لا تريد له القيادة العامة للقوات المسلحة أن ينتهي.
بعد ايام معدودات من المناورة والحديث الصاخب عن محاربة الفساد والقضاء عليه في عقر داره، نجد ساسة ومسؤولين يتخذون ما يشبه الخطوات، لكنها ليست بالخطوات.. ويفعلون ما يشبه الأشياء، لكنها ليست بالأشياء.. ويغرقوننا بكلمات فاقدة الصلاحية، هربا من كلفة قول الحقيقة والصدق للناس.
من حقنا ان نسأل: أين اختفت أصوات الكومبارس التي كانت تزأر بصيحات الترحيب بالغاء تقاعد النواب ، واين ذهبت صكوك التنازل عن التقاعد التي وقعها البعض في دائرة " كاتب العدل " واعتبروها انذاك نصرا لن يتكرر للعراق، ودعوا العراقيين للجهاد من اجل الدفاع عن حقوق هذا الشعب المظلوم على حد قول النائبة المثابرة جدا عالية نصيف.
أين ذهبت حملات نموت نموت ويسقط تقاعد البرلمانيين، وأغاني علي الشلاه واهازيج النائبة "ام حاتم"؟
لقد قيل كلام كثير عن البحبوحة التي سنعيش فيها، بعد ان هدى الله نوابنا الى التصويت بالإجماع على قانون التقاعد وتقبيل وجنات بعضهم البعض والتلويح بعلامة النصر وقالوا لنا إن حكمة الحكومة ومثابرة البرلمان جعلتنا في مقدمة الدول التي تحترم "مجاهديها".
أعتقد أننا يجب أن نضحك من اللامعقول الذي يحكم حياتنا التي تحفل بمضحكات عديدة، والتي كان آخرها مسرحية هزلية نصبت خشبتها في قاعة البرلمان، فبعد أن صادق النواب على فقرة تقاعد البرلمانيين ومخصصاتهم، تذكروا أن هناك شعبا فقيرا يعيش على أرض اسمها العراق، يجب أن يتبرعوا له برواتبهم التقاعدية، مما دفع العديد منهم إلى أن يظهروا امس في الفضائيات يذرفون الدموع وهم يعلنون عن أسفهم بأنهم صوتوا لهذا القانون فوجدنا نائبة تصرخ بصوت عال إن "هذه الأموال يحتاج إليها الكثير من أبناء الشعب المظلوم".
لا أيتها النائبة الهمامة الله المغني، فنحن لسنا مظلومين وإنما مخدوعون، فنحن نعيش زمن مهربي المال العام، فكيف نطلب من صاحب الثروة الحرام أن يفعل خيراً.. وكيف نطلب من "مجاهد" استغل وظيفته لمنفعته الشخصية أن يوقف مالاً من أجل الآخرين؟!
لقد ظل نواب " رفض تقاعد البرلمان " يهلون من على شاشات الفضائيات ثلاث مرات يوميا على الأقل، بالصورة والصوت وأحيانا بالصوت فقط.. ورغم كثافة الحضور الإعلامي لهم، فقد ثبت بالدليل القاطع أن أحدا في بلاد النهرين لا يثق على الإطلاق فيهم بدليل أن أكثر من 99 % من الشعب العراقي صدقوا النائب مطشر السامرائي، حين قال إننا لن نتنازل عن "فلس واحد" لهذا الشعب الناكر للجميل.
عزيزي المواطن أنا وأنت نسمع كل هذا ونراه، لكننا يا سيدي لا نضحك، والسبب لأن هذا الشعب لم يقدم حتى هذه اللحظة إلى القضاء، ليحاكم بتهم الطيبة والغفلة، والإفراط في تصديق المسؤولين.
نحن نعيش عصر "جهاد" النواب
[post-views]
نشر في: 4 فبراير, 2014: 09:01 م
جميع التعليقات 4
محمد صبيح البلادي
وسيبقى التشريع حسب وجهات النظر سنرى ما سيتحقق لجورج وإقبال وهناء وأحمد والدكتور محمد صبيح البلادي هناك أسس وقياسات ومبادئ دينية وأخلاقية وحزبية وقانونية ؛ نتمكن منها معرفة صدق المعايير فالدين والاخلاق والتصورات والادعاءات ؛ تظهر بالتطبيق ؛ والاعلام المنم
عراقي جريح
سلمت اناملك التي تكتب بها لتواسي شعبك المخدوع , الا تعتقد ان هذا الشعب النائم والمخدر يحتاج الى انقلاب عسكري على ان يكون قائده له *غيره* يجتث هذه الطفيليات التي نمت على قوت الشعب باسم الديمقراطيه
Muhanad
اما انا فسأنتخب النائب مطشر السامرائي, فهو على الاقل الاصدق بينهم واعلن موقفه الصريح والذي يؤمن به كل نوابنا ولكن يخفونه, وهو ان شعب العراق دايح بل ومغفل وقشمر, شويه شعارات طائفية على كم تفجير وموت كم مواطن عراقي من ناكري الجميل وننسى المسألة وننتخبهم
ابو سجاد
اولا اصبحت الحكومة والبرلمان غير شرعيين كونهما خرجوا عن الملة بحكم الفتوى الشيعية تحريم الرواتب التقاعدية الغير شرعية وعلى المرجعية ان تعيد حكمها بذلك كون الاغلبية شيعية في الحكومة والبرلمان ثانيا اين اصبحت اخلاق السيد مقتدى الصدر وعمار الحكيم اليسوا هؤل