في مثل هذا اليوم ، التاسع من شباط" شعواط " قتل عبد الكريم قاسم مع اخرين من رفاقه في مبنى الاذاعة العراقية ، باستوديو تسجيل الأغاني ، فتحققت مفارقة او سابقة عراقية لم يعرفها التاريخ من قبل ، بان ينفذ القتل رميا بالرصاص في مكان لم يخطر في بال احد انه سيكون شاهدا على مجزرة ، امتدت فصولها سنوات طوال ، بجهود من سال لعابه للوصول الى السلطة ، وتحت شعارات متعددة ، كلها تدعي خدمة الشعب العراقي ، في وقت تتعرض فيه قواه الوطنية الى الملاحقة والتصفية ، ولذلك ليس من المستغرب عراقيا ان يتحول استوديو الغناء والموسيقى الى ساحة لإعدام "خونة الشعب " وهذا الوصف السائد اعتمده من تولى السلطة ، سواء بانقلاب عسكري ام بمخطط خارجي ،في محاولة يائسة للظهور بصفة قديس بين القتلة ، وقائد ثوري ، بزي عسكري ، يحمل رتبة مشير او مهيب ، ويتولى قيادة القوات المسلحة ، ليسخرها في حروب داخلية ويجعلها خاضعة لحماقاته ونزواته بشن الحروب والغزوات على دول الجوار.
هل في ذاكرة الجيل العراقي السابق صورة اخرى تخالف ما افرزه الصراع على السلطة من نكبات ، توزعت بين العراقيين بالتساوي ، ولم تستثن أحدا منهم ، الا من فارق الحياة مبكرا ، واسعفه الموت الإلهي من القتل بتهمة تهديد الأمن القومي والمشاركة في مؤامرة الإطاحة بالنظام .
في حديقة قصر الرحاب قتلت العائلة المالكة ، وبعد سنوات قليلة من الحادث قتل عبد الكريم قاسم في استوديو الموسيقى ، واختيار المكانين، الحديقة والاستوديو ، يبدو امرا طبيعيا ، لمن جعل من فوهة بندقيته الطريق الوحيد لترويج اكذوبة التحرر من "الظلم والطغيان " وعلى رائحة البارود الحاضرة بكثافة في الاجواء العراقية ، امتد خيط الدم ، وتراجعت فرص إقامة نظام سياسي مستقر ، يوفر في اقل تقدير فرص العيش بسلام لشعب يوصف بانه يمتلك اخر برميل نفط من الاحتياطي العالمي ، يالها من ثروة ، ويالها من خيبة ، حين تستعرض المنظمات الدولية اعداد القابعين تحت مستوى خط الفقر ، وتشير الى ملايين الايتام والارامل ، وتعطيل التنمية وتعثر الديمقراطية ، وتراجع ملف حقوق الانسان ، وعجز السلطة التشريعية عن إقرار قوانين جديدة تزيل الى الابد المخاوف من احتمال عودة القتل مجددا من الحديقة الى الاستوديو الموسيقي .
تعيس هو البلد الذي يحتاج الى ابطال ، قالها غاليلو ، فجعل التاريخ يرضخ لمقولته التاريخية "لكنها تبقى تدور" يقصد الكرة الأرضية ، الشعوب الحية استوعبت الدرس ، فحققت إرادتها باختيار حكامها عن طريق الانتخاب ، وألزمتهم بتطبيق برامج تهدف الى مواكبة التطور بكل المجالات ، ومن فشل منهم يستبدل باخر ، وبخطوات اجرائية سريعة ، غير خاضعة لإرادة ونفوذ الحزب الحاكم ، وحجمه البرلماني وقاعدته الشعبية، بمعنى ان مبدأ التداول السلمي للسلطة هو الخيار الوحيد للإصلاح .
الساسة العراقيون بحاجة الى سنوات ضوئية ليتعلموا قواعد اللعبة الديمقراطية، لإثبات حقيقة مزاعمهم باخلاصهم لشعبهم ، ومن تبنى منهم فكرة الوصول الى السلطة عن طريق الحديقة واستوديو الغناء والموسيقى، ليضرب "يافوخه" بأقرب جدار ، وهسه ارتاح دلالي .
الزعيم
[post-views]
نشر في: 8 فبراير, 2014: 09:01 م
جميع التعليقات 1
خليلو...
يا ايها الطيب ابن الطيب. كل من يجلس على كرسيي البرلمان او الوزارة بلا استثناء هو بشكل ما واحد من أبناء او أحفاد الذين كان لهم دور فيما حدث في استوديو الاذاعة ولا تنس دور المغدور به الزعيم نفسه وسياساته المتقلبة الم يودع السجون خيرة الرجال بتهم باطلة ومف