اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > تقاعد نواب "زيمبابوي"

تقاعد نواب "زيمبابوي"

نشر في: 8 فبراير, 2014: 09:01 م

يستحق مجلس النواب العراقي 30 مليون برقية شكر من العراقيين، ليس فقط لأنه ساندهم ووقف إلى جانبهم عندما خذلهم برلمان زيمبابوي وحكومة جزر القمر، وليس فقط لانه يقدم لهم المتعة مجانا، وإنما وهذا هو الأهم لأنه بمهنية أعضائه وحرفيّتهم وموضوعيتهم، كان مدافعا حقيقيا عن الإنجاز غير المسبوق الذي حققه برلمان الصومال في تخصيص رواتب لمجاهدي حركة شباب الإسلام.
دعك من أن الشعب العراقي بكل طوائفه، استكثر على نوابنا اللطفاء عشرة ملايين دينار شهريا لشراء مسلسل يستعرض "جهادهم" المعلن وغير المعلن، علما بان الشعب المغرر به من قبل الإمبريالية الأميركية وحكام السعودية وقطر وتركيا، لو صمت على تقاعد نوابنا الأجلاء، لكانت هذه الملايين عادت عليه أضعافا مضاعفة كحصيلة إعلانات ترافق جلسات مجلس النواب.
ودعك أيضا من أن هذا المبلغ يبدو ضئيلا وتافها للغاية إذا ما وضع في سياق ما تتحدث به المنظمات الدولية ولجان النزاهة عن اللعب بالمليارات في صفقات تجارية يقودها البعض ممن التصقوا بكرسي البرلمان، أو وقائع الفساد المعلن في ملف الأسلحة، والتعليم والصحة والإسكان والكهرباء والحصة التموينية.
ودعك كذلك من أن العشرة ملايين دينار لو حسبناها جيدا، فأنها لا تغطي فاتورة موبايل احد ابناء نوابنا المساكين، فما بالكم بمصاريف العائلة التي تسكن في احدى دول أوربا.
دعك من كل ذلك، وفكر قليلا في الفرق بين الأداء "العظيم" لمجلس النواب العراقي، وأداء مجالس النواب "العقيمة" في بريطانيا وإسبانيا، ففي برلماننا هناك مناقشة علمية رصينة ومحترمة لجميع جوانب الحياة العراقية، ويستمتع المواطن كل يوم برؤية نائب او "نادبة" يتجول أو تتجول في الشوارع لسؤال الناس عن احوالها، ويمكن اعتبار خطب عالية نصيف وصراخ محمود الحسن والاطلالة المتميزة للحاجة " ام حاتم" نموذجا للديمقراطية الحديثة، فيما لايزال مجلس العموم البريطاني منقسم في تعريف معنى "الجهاد" فوجدنا نائبة تصرخ انها سترفع راية "البروتستانت" على الدبابة الانكليزية، ولتضرب الاقلية الكاثوليكية رأسها في الحائط ، فيما خرج علينا نائب "اسباني" يؤكد بان مدينته "برشلونه" هي المنتجة لللثروات ولا يحق لمدينة مدريد "الداعشية" ان تهمس ولو بكلمة اعتراض صغيرة.
منذ ايام ومع انطلاق صفارة نهاية مباراة قانون التقاعد ، تحولت جميع الكتل السياسية إلى ساحات للهتاف، والرقص الإعلامي ضد المادة 38 الخاصة بتقاعد النواب واصحاب الدرجات الخاصة، وجرى على عجل استدعاء لكل أغاني المعركة واهازيج " ام المعارك " لقضاء ليلة ساخنة من الهتاف "والنواح" حول الريادة لمجلس النواب في رفضه امتيازات أعضائه، وفي سعيه لان يوزع هذه الامتيازات على هذا الشعب الناكر للجميل.
وهكذا صفقنا للنائبة حنان الفتلاوي لأدائها المحترف وهي تمارس حربا ضروس ضد قانون التقاعد، بل انها وبعد ان خرجت من قاعة البرلمان مطمئنة على راتبها التقاعدي، ذهبت لاول فضائية لتعلن إقامتها دعوى قضائية ضد القانون.. ولن ننسى وقفة ائتلاف دولة القانون الذي اعلن وعلى الملأ ان هذه الرواتب هي من عمل الشيطان " فاجتنبوها " يرحمكم الله ، وسيظل العراقيون يذكرون بفخر واعتزاز مواقف جميع الكتل بلا استثناء التي اتضح انها خٌدعت، وان القانون تمت مناقشته في برلمان زيمبابوي، وان الذي ظهر على منصة البرلمان هو السيد "لافمور مويو" رئيس برلمان زيمبابوي، وليس اسامة النجيفي رئيس البرلمان العراقي.
ولعل ماطرحه خبير الحكومة "حسين الشهرستاني" بشـأن براءة الحكومة من القانون يثبت بالدليل القاطع، ان هناك مؤامرة قادتها قناة الجزيرة ومعها العربية والبي بي سي، حيث استخدمت هذه القنوات "المغرضة" شريطا تلفزيونيا لاجتماع حكومة جزر القمر، لتوهم المواطن العراقي ان الاحداث تجري في العراق لا سمح الله.
سأصدّق أن نوابنا الأعزاء المساكين قد غرر بهم وان الحكومة بريئة براء الذئب من دم يوسف، وسأعتبر أن النواب ظنوا -وحسن الظن من حسن العبادة- أن المادة التي خصصت لتقاعدهم ومعهم اصحاب الدرجات الخاصة ورافعوا راية " الجهاد"، كانت جزءاً من برنامج "الكاميرا الخفية"، وسأسلم أمري إلى الله وأصدّق بأن معظم نوابنا الأشاوس، سمعوا مثل باقي العراقيين بقصص الخيال هذه، من خلال الفضائيات والإعلام المشاغب.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 1

  1. داخل السومري

    ذكرت في تعليق لي سابق ان جميع هذه الشله التي جاءت على ظهر الدبابه الامريكيه قد بال عليهم البعير الامريكي فتنجسوا جميعا وليس هناك فائده من استنقاء من هو غير منجس.والشعب العراقي يعرف ان اعضاء هذا المجلس اما ان يكون حراميا او من يجمع بين الحرمنه والارهاب،ولا

ملحق منارات

الأكثر قراءة

الأحوال الشخصية.. 100 عام إلى الوراء

العمودالثامن: يا طرطرا.."!

العمودالثامن: نواب يسخرون من الشعب

متى تتكلم الأغلبية الصامتة؟ وماذا بعد قانون الأحوال الشخصية؟

مأساة علاقات بغداد وأربيل..استعصاء التجانس واستحالة التفارق

العمودالثامن: شجاعة نائبات

 علي حسين إذا كنت مثلي مجبراً رغم أنفك، على سماع أخبار هذه البلاد العجيبة، فإن هناك جيشاً قوامه العشرات من المدونين ، يشن حملة ضد محامية ذنبها الوحيد أنها دافعت عن قانون الأحوال...
علي حسين

قناطر: الشعر هو ما يجعلنا نحلم

 طالب عبد العزيز قليلاً ما أكتب الشعر في الصيف، بل هو لا يأتيني فيه، فأنا أكره الحرَّ والشمس اللاهبة، ذلك لأنني رجل شتوي بامتياز، أحبُّ البرد والرياح القارصة والمطر والثلوج، ولا أجمل من...
طالب عبد العزيز

فلسفة الحكم في العراق

محمد حميد رشيد الحكم في العراق مبني على شعارات مجردة وفرضيات مبهمة وعواطف ملتهبة وعلى قواعد عامة لا تكفي أن تكون نظام لتسيير مؤسسة صغيرة وليست دولة كبيرة. وهناك من يقول ان الدستور هو...
محمد حميد رشيد

العراق: أحوال شخصية ام تكريس لظاهرة السلطة الموازية؟

حارث حسن واجهت معظم الدول الإسلامية الحديثة إشكالية التناقض بين مبادئ وأحكام الفقه الإسلامي (الذي يستخدم خطأً باعتباره مطابق للشريعة)، وبين المبادئ التي تقوم عليها الدولة الحديثة. يتعلق الأمر بمسألة شرعية هذه الدولة، والتي...
حارث حسن
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram