اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > كم "حيدر العبادي" سنحتمل

كم "حيدر العبادي" سنحتمل

نشر في: 9 فبراير, 2014: 09:01 م

احتمالان لا ثالث لهما في تفسير حالة الدروشة التي استبدت بالنائب حيدر العبادي  وهو يحدد مسار العملية الديمقراطية في العراق، إما أن الرجل يعتقد أننا شعب بلا ذاكرة، او ان الطموح  الشخصي عنده جعله يتعامل مع مستقبل العراق على طريقة أفلام "رعاة البقر "  والتي دائما ما تنتهي بأن يطيح البطل بجميع خصومه.  
ووفقا لأحدث منتجات معمل السياسة العراقية، وعلى لسان النائب حيدر العبادي عشنا امس مع  آخر صيحة في حملات تأييد امتيازات "الجهاد"  ، فقد حذرنا السيد النائب  بـالويل والبثور وكبائر الامور لو اننا فكرنا مجرد تفكير بمناقشة  ماجاء من امتيازات للنواب وبعض السياسيين في قانون التقاعد ، والسبب في ذلك يقدمه لنا النائب في وصفة  مختومة بختم "الجهاد" تقول  "من الطبيعي  ان يثور البعض ولا يرضى هذا القرار من خدم البعث وتنعم في ظله".
ولكي تكتمل الحبكة فلا بد من وجود بهارات لهذا القرار من عينة أن البرلمان انصف الذين قاوموا ببسالة جبروت البعث.
ولأننا لم نفقد الذاكرة كما تمنى لنا السيد العبادي، فلا تزال المواقع الإلكترونية تحتفظ لنا بصور السيد جورج بوش وهو يقرر ازالة  نظام صدام، وتحتفظ المحطات الفضائية  بمقاطع فديو للدبابات التي دخلت بغداد ، والتي لو راجعناها  دبابة دبابة ، فلا اعتقد اننا سنرى السيد حيدر العبادي يقود تلك التي توجهت الى ساحة الفردوس وأسقطت تمثال "القائد الضرورة" الا اذا كان حيدر العبادي يتمنى ان نمنح بوش وبريمر ورامسفيلد وكولن باول وديك تشيني ومعهم  بترايوس وتوم فرانكس  وعشرات الضباط الامريكان والبريطانيين  رواتب  "جهادية" لانهم حاربوا صدام واسقطوا نظامه.
ولأن النائب العبادي لم يكن جالسا في مقهى يتسامر مع أصدقاء له ، او في عشاء عمل تعقد من خلاله الصفقات والمقاولات، فأن ما قاله أمس على صفحته في موقع التواصل الاجتماعي "الفيسبوك"  كلام خطير ينبغي التوقف عنده، فحين يتحول نواب منتخبون الى دعاة لدولة الهبات والعطايا وتوزيع ثروات البلاد.. فأننا نشهد فصلاً جديداً من فصول انتحار الممارسة السياسية، تنهار معه كل أبجديات العدالة الاجتماعية ، ويتحول الساسة إلى مشجعين على الانتهازية والمحسوبية ونهب المال العام ، ويتجلى الخلل الأخلاقي في محاولة الكذب الصريح على الناس، وصبغ الوقائع الصماء بألوان شتى من المداهنة والنفاق، بالطريقة ذاتها التي كانت حاكمة لأداء الدولة العراقية في العقود الماضية.
ما يجري هذه الايام من تخويف الناس وترويعهم ، مرة بحجة الخوف من  العملاء الذين يريدون إعادة البعث ، ومرات عدة  بشعارات عن النضال والجهاد في سبيل الوطن والحرص على الطائفة، ولعل نظرة سريعة على المشهد الراهن تكشف بجلاء أن البعض يريد ان يكسر شوكة الآخرين من خلال تنفيذ مخطط لترويض الجميع على الإذعان للامر الواقع، لتبدأ بعدها مرحلة التربص بالجميع من خلال سياسات متعمدة تستهدف الإجهاز على أي مطالب للإصلاح، وحين تطالب الناس بالعدالة الاجتماعية ومحاسبة المفسدين نجد المقربين يهرعون ليتهموهم بانهم "اذناب للبعث" وبانهم ارتضوا ان يعيشوا مع صدام ونظامه تحت سماء واحدة ولم يهاجروا أو يناضلوا في سبيل الحصول على جنسية ثانية.    
لماذا يرى السيد حيدر العبادي في نفسه وزملائه خصال وصفات لا يراها 30 مليون عراقي عاشوا الظلم والقهر والاستبداد  والجوع ، سيقول البعض ان السيد الحلي  يرى علامات  الجهاد والنضال والإنجازات في راتبه الفلكي والمصفحة الفارهة وقضائه عطلة الصيف والشتاء في ربوع لندن، ولهذا فهو لا يرى من الشعب العراقي إلا مجموعة من البعثيين والخونة، مطلوب اجتثاثهم فورا.
وأسال السيد النائب وهو القيادي في حزب ديني يرفع صور امام الأمة علي بن ابي طالب، ماذا تقول عن  القرار الذي اتخذه  الامام  بتوزيع بيت المال بالتساوي بين جميع المسلمين رافضا ان يجعل لاحد فضل أو امتياز، وإنما الجميع على حدٍّ سواء.. فلا فضل للمهاجرين على الأنصار، ولا لأسرة النبي "ص" وأزواجه على غيرهم، ولا للعربي على غيره، وحين  خفت إليه جموع من أصحابه تطالبه بالعدول عن سياسته أجابهم: "لو كان المال لي لَسوّيتُ بينهم فكيف، والمال مال الله، ألا وإن إعطاء المال في غير حقه تبذير وإسراف، وهو يرفع صاحبه في الدنيا، ويضعه في الآخرة، ويُكرّمه في الناس، ويهينه عند الله" .
 ام انكم  ترون في انفسكم  الصفوة التي من حقها ان تحتكر السلطة، وان تقضم  الحصة الأكبر من الكعكة العراقية من خلال خطاب غارق في الطائفية والجهل،  يسعى الى وضع فروق "بيولوجية" بين المجاهد الذي يأنف من جنسية بلده  "العراق"، والمتآمر الخائن الذي لم يسعده الحظ  للهجرة الى  كندا او الدنمارك .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 6

  1. سعد الدباغ

    يستاهل الشعب هو الي انتحبهم , وهسه اتشوف راح ينتخبوهم مرة الخ. اليوم اكتب بالعامية

  2. ابراهيم

    تمنياتي بنهار سعيد هجومك المبطن على المنفيين او الهاربين من جحيم صدام، ضمن كلمة الحق التي قلتها ضد ما قاله العبادي، أفقدك الموضوعية، فليس كل من هرب وعاش في الجبال والأهواز او حتى أوربا، هو مناضل للحصول على جنسية اخرى! وليس كل من بقي في الوطن مرابطا كما اد

  3. فيصل

    بس صور حيدر العبادي الحقيقيه وليس الفوتوشوب كان يبيع كبه في لندن فما علاقة جدو الكبه بالجهد كي يسرقوا اموال الشعب

  4. احمد

    السلام عليكم في احد الايام التقيت الحلي و كنت طلبت ان نقوم بعمل مركز دولي للرياضيات و الفيزياء فسألني ما هي فائدة الرياضيات و لماذا نقيم لها مركز و نصرف مبالغ و هو حسب ما سمعت دكتور فما بالك بالبقية انهم اشخاص سلبيون

  5. داخل السومري

    ان كنت تدري فتلك مصيبة وان كنت لا تدري فالمصيبة اعظم.هذا النائب رجل قد اثقله عبئ التخلف الذي يحمله.من آرائه المتخلفه هو اعتقاده بأن حجاب المرأه العراقيه غير كامل ويجب علينا ان نرفع مستواه الى مستوى حجاب المرأه الايرانيه أي الجادور أي شبيه بحجاب المرأه ال

  6. Homamad

    يا عبادي ويا أمثال العبادي كفى المتاجرة بالطائفية والدين والجهاد سيأتي يوم يسن قوانين يمنع أمثالك و أسيادكم أن يسيئوا و يسيسون الدين الحنيف لماربكم و مأرب جهلكم. كفى يا حيدر

ملحق منارات

الأكثر قراءة

الأحوال الشخصية.. 100 عام إلى الوراء

العمودالثامن: يا طرطرا.."!

العمودالثامن: نواب يسخرون من الشعب

متى تتكلم الأغلبية الصامتة؟ وماذا بعد قانون الأحوال الشخصية؟

مأساة علاقات بغداد وأربيل..استعصاء التجانس واستحالة التفارق

العمودالثامن: شجاعة نائبات

 علي حسين إذا كنت مثلي مجبراً رغم أنفك، على سماع أخبار هذه البلاد العجيبة، فإن هناك جيشاً قوامه العشرات من المدونين ، يشن حملة ضد محامية ذنبها الوحيد أنها دافعت عن قانون الأحوال...
علي حسين

قناطر: الشعر هو ما يجعلنا نحلم

 طالب عبد العزيز قليلاً ما أكتب الشعر في الصيف، بل هو لا يأتيني فيه، فأنا أكره الحرَّ والشمس اللاهبة، ذلك لأنني رجل شتوي بامتياز، أحبُّ البرد والرياح القارصة والمطر والثلوج، ولا أجمل من...
طالب عبد العزيز

فلسفة الحكم في العراق

محمد حميد رشيد الحكم في العراق مبني على شعارات مجردة وفرضيات مبهمة وعواطف ملتهبة وعلى قواعد عامة لا تكفي أن تكون نظام لتسيير مؤسسة صغيرة وليست دولة كبيرة. وهناك من يقول ان الدستور هو...
محمد حميد رشيد

العراق: أحوال شخصية ام تكريس لظاهرة السلطة الموازية؟

حارث حسن واجهت معظم الدول الإسلامية الحديثة إشكالية التناقض بين مبادئ وأحكام الفقه الإسلامي (الذي يستخدم خطأً باعتباره مطابق للشريعة)، وبين المبادئ التي تقوم عليها الدولة الحديثة. يتعلق الأمر بمسألة شرعية هذه الدولة، والتي...
حارث حسن
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram