اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > "هيومن رايتس" توثق انتهاكات أجهزة المالكي:نعم أُصَدّق هذه الاستباحات..!

"هيومن رايتس" توثق انتهاكات أجهزة المالكي:نعم أُصَدّق هذه الاستباحات..!

نشر في: 9 فبراير, 2014: 09:01 م

سعد أحمد
عشنا طوال عقود الدكتاتوريات، بأنظمتها الشمولية، ونحن "نسترزق" من حقائب "هيومن رايتس ووتش" و"إمنستي انترناشنال"، ونبحث عن مكاتبهما والعاملين فيهما، لنوّثق شهاداتنا ضد عسف السلطات والأجهزة الأمنية، وممارستها الأساليب التقليدية والمبتكرة في تعذيبنا، وترويع أُسرنا، ومحاولة تجريدنا من قيمنا الإنسانية، وإعادة تكويننا، بوصفنا كائنات "متوحشة" مستعدة لفعل كل ما ليس له توصيف في الحياة السوّية، أوباشاً نعترف على اقرب الناس الينا، زوجاتنا، أبنائنا وبناتنا، الامهات والاباء، الاقارب والجيران، الغرباء ممن لا معرفة لنا بهم، من قريب او بعيد.
كان رجل الأمن "ابن الجهاز" كما قال لي احد كبارهم، وقد دخل إلى "الكار" بعد أن سُلبت كرامته واصبح مجبولاً على الجريمة، يتفنن ليبتكر وسيلة اشد وقعاً على الضحية، واكثر فعالية لإخضاعه واستسلامه، وقبوله بأي ثمن لخلاصه الشخصي، لا فرق ان كان الثمن شرفاً او مالاً او تضحية بعزيز وقريب.
هول التعذيب، كان يجعل كلاً من الضحية والجلاد متساويين، حيوانين يتبادلان الادوار، الواحد يذّكر الآخر بكينونته المتفسخة، الجلاد ينتشي بفعلته، بعد ان استطاع تحويل كائن آخر الى صورة منه، وانتزع منه إنسانيته، والضحية يتنفس رائحة الحياة، حتى وان كانت مترعة بالقذارة.
لم يكن الجلاد كلي القدرة، فقد كانت جولاته في تعذيب ضحاياه، تضعه في مواجهة بشر يُفرقون بين الحياة والموت، بمقدار ما يتمثلان من معنى، فلا حياة بلا ما اصبحت عليه من معنى عبر تكامل توصيفها وتراكم قسماتها، ولا موت، وأنت تحمل معك الى مثواك الاخير قبسات الحياة الخالدة. كان الجلاد وهو يمعن في تعذيب هؤلاء البشر بكل ما في سليقته المتوحشة من اساليب وحقد على الانسان، يكتشف ضعفه ودونيته، وتسترجع ذاكرته هوانه، اذ انحدر في لحظة صارت هي نفسها علامة لعدم سويته، وهو اذ يزيد من وتيرة تعذيب ضحيته، يبكي ويتوسل المُعَذَب ان يستسلم وينهار، لانه بغير ذلك سيظل بلا ارادة حتى على التعذيب، بلا كينونة سوى الدونيّة التي صار اليها.
هؤلاء هم اليوم بعض من "جيش المخبرين" الذين اصطفاهم المالكي إلى جانبه!
لقد تساءلت طوال عشر سنوات، من أصدقاء اسلاميين ومتأسلمين، ديمقراطيين، ومن شتى النزعات والنوازع: أين هؤلاء؟
اين المعذبين الذين فقدوا بكارة عقولهم وضمائرهم، واصبحوا مجرد ادوات تعذيب، سلبت روح آلاف العراقيين، وقضت على حياة عشرات الالاف في السجون والمعتقلات، خلال عقود من الاستبداد؟ اين اولئك الذين ظهرت صورهم في القنوات العربية والعالمية وهم يفجرون ضحاياهم وكأنهم في مهرجان فرح لعهود ما قبل انسان الكهف؟ اين من عذبني، وحاول انتزاع روحي، وقتل رفاقي واصدقائي، ومن لست على عقيدتهم..؟
هل سمع او شاهد احد منكم بمحاكمة واحدٍ من هؤلاء..؟
هل نقل لكم سجين، كما في الأفلام، انه رأى احد جلاديه يشاركه مسجنه..؟
لا احد..
لا احد اطلاقاً..
انك تسمع غير ذلك كل يوم.. انت تسمع، ان عائداً من المنفى القسري يراجع دائرته، فيواجهه جلاده، او مسؤول امن الدائرة، او احد عيون النظام السابق، وقد اصبح مفتشاً في الوزارة، موشحاً بعلامة حزب ديني، موشوماً بسمات التقوى، وهو يقول للعائد هذا، في قرارة نفسه ان لم يجاهر بها: لا مكان لكم في مهرجان "ما ننطيها" فنحن حماتها، وأولياء الأمر فيها..!
من لا يصدق، فليبحث في ملفات "غوغل" عن اسماء وسيرة من اصطفاهم زعيم حزب الدعوة، قادةً لأجهزته الأمنية والمخابراتية، فإن وجد بين البعض الذي أعنيه من هو اقل رتبة في سلم البعث وأجهزتها، غير مطلوب للاجتثاث واستثناه المالكي، فليرجمني بالافتراء والكذب، والحجارة. "هيومن رايتس ووتش" ليست صادقة كلياً، لأنها لا تطالب بمحاكمة فورية للمسؤول الفعلي لخرق حقوق الانسان، للمسؤول الذي اتهم المتظاهرين في ساحة التحرير، وحشد لها قوات سوات، وقادة في دولة القانون يتابعون مهرجان فض التظاهر السلمي وملاحقة الشباب واعتقالهم..
هل قرأتم ماذا فعل الجلادون بالمعتقلين والمعتقلات من شباب التحرير؟
انتهيت الان من رؤية شهادة سجينة تم اغتصابها من قبل جهاز الدولة التي يحكمها إسلاميون، فلم يكن أمامي الا أن اكتب وانا ابكي..!

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 2

  1. سعد الدباغ

    الى متى يستمر الظلم ؟

  2. كاطع جواد

    الحاكم مهما تلفح برداء التقوى والفضيلة و حتى برداء الوطنية والثورية يبقى هو ذلك المتعطش للكرسي الذي يفعل المستحيل للحفاظ على هذا الكرسي لكن السؤال الملح ، من الذي يتصدى لهذا الحاكم اذا تجبر و طغى ؟،انه الشعب ممثلا ببرلمانه انه الرقيب و المؤتمن على حقوق

يحدث الآن

الشرطة المجتمعية: معدل الجريمة انخفض بالعراق بنسبة 40%

طبيب الرئيس الأمريكي يكشف الوضع الصحي لبايدن

القبض على اثنين من تجار المخدرات في ميسان

رسميًا.. مانشستر سيتي يعلن ضم سافينيو

(المدى) تنشر جدول الامتحانات المهنية العامة 

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

العمودالثامن: عقدة عبد الكريم قاسم

العمودالثامن: فولتير بنكهة عراقية

عاشوراء يتحوّل إلى نقمة للأوليغارشية الحاكمة

وجهة نظر عراقية في الانتخابات الفرنسية

من دفتر الذكريات

العمودالثامن: هناك الكثير منهم!!

 علي حسين في السِّيرة الممتعة التي كتبتها كاترين موريس عن فيلسوف القرن العشرين جان بول سارتر ، تخبرنا أن العلاقة الفلسفية والأدبية التي كانت تربط بين الشاب كامو وفيلسوف الوجودية استبقت العلاقة بين...
علي حسين

كلاكيت: الجندي الذي شغف بالتمثيل

 علاء المفرجي رشح لخمس جوائز أوسكار. وكان أحد كبار نجوم MGM (مترو غولدوين ماير). كان لديه أيضا مهنة عسكرية وكان من مخضرمين الحرب العالمية الثانية. جيمس ستيوارت الذي يحتفل عشاق السينما بذكرى وفاته...
علاء المفرجي

من دفتر الذكريات

زهير الجزائري (2-2)الحكومة الجمهورية الأولىعشت أحداث الثورة في بغداد ثم عشت مضاعفاتها في النجف وأنا في الخامسة عشرة من عمري. وقد سحرتني هذه الحيوية السياسية التي عمّت المدينة وغطت على طابعها الديني العشائري.في متوسطة...
زهير الجزائري

ماذا وراء التعجيل بإعلان "خلو العراق من التلوث الإشعاعي"؟!

د. كاظم المقدادي (1)تصريحات مكررةشهدت السنوات الثلاث الأخيرة تصريحات عديدة مكررة لمسؤولين متنفذين قطاع البيئة عن " قرب إعلان خلو العراق من التلوث الإشعاعي". فقد صرح مدير عام مركز الوقاية من الإشعاع التابع لوزارة...
د. كاظم المقدادي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram